تهريب الأدوية الفاسدة.. حيلة حوثية - إيرانية تجني أرباحًا خيالية
دفع القطاع الصحي ثمنًا باهظًا جرّاء الفساد الذي تمارسه المليشيات الحوثية، المتمثل في تهريب أدوية منتهية الصلاحية وإغراق الأسواق بها، في وقتٍ يفرض فيه الانقلابيون إتاوات وجبايات على الباعة.
مصادر مطلعة كشفت أنّ مليشيا الحوثي أنشأت معامل خاصة لتزوير الأدوية الإيرانية المنتهية والممنوعة، وهذه المعامل تنتشر في صنعاء، وتتركز مهامها بتوزيع أدوية إيرانية منتهية الصلاحية، ليتم عقب ذلك تخزين كميات كبيرة منها في مخازن صنعاء وذمار.
هذه الأدوية يتم جلبها بحرًا إلى ميناء الحديدة ومنه إلى صنعاء، حيث تقوم المليشيات الحوثية تحت إشراف قيادات نافذة بتغيير تواريخ صلاحيتها وتوزيعها على سوق الدواء بالمحافظات على اعتبار أنها أدوية سليمة.
وتقوم مجاميع طبية حوثية يشرف عليها المدعو طه المتوكل المعين من المليشيات وزيرًا للصحة، بتحديد أصناف من الدواء مرتفعة الأسعار، وإبلاغ شركات إيرانية بتصنيع كميات منها بمستوى جودة متدنٍ تستفيد العناصر الحوثية من فوارق أسعارها في السوق المحلية.
كما تزايد نشاط عناصر يتبعون مليشيا الحوثي في تهريب وتزوير العلامات التجارية للأدوية وبيعها في الأسواق المحلية بأسعار مضاعفة وفق المصادر التي تحدَّثت لصحيفة البيان، التي أشارت إلى إقدام الحوثيين على ابتزاز مالكي الصيدليات ومخازن الأدوية لدفع الإتاوات المالية مقابل غض الطرف عن الأدوية المهربة والمزورة، التي تباع بأسعار تفوق أسعار الأدوية الآمنة.
وتشهد أسعار الأدوية ارتفاعًا غير مبرر في السوق المحلية كأدوية الأمراض المزمنة مثل أدوية القلب والسكر، والتي تجاوزت أسعارها 300% في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين وعلى رأسها صنعاء.
وتكشف دراسات صحية أنَّ 95% من الأدوية المهربة والمزورة المتداولة في السوق هي أصناف خاصة بعلاج الأمراض المزمنة، وتستحوذ الأدوية المهربة والمزوّرة على 30% من معروض الدواء في السوق المحلية، حيث أصبح تهريب وتزوير الأدوية تجارة رائجة تحقق لأصحابها أرباحًا خيالية.
في الوقت نفسه، أغرقت الهيئة الحوثية الخاصة بالدواء السوق الدوائية بالمسكنات غير معروفة المصدر، والأدوية البديلة والمغشوشة في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، وذلك بتغاضيها عن فتح العديد من الوكالات التابعة لموالين لها، والتي تتاجر بإدخال أدوية رديئة وأقل جودة، تضر بالصحة والاقتصاد، فضلاً عن قيامها بابتزاز وكلاء وتجار الأدوية المعتمدين ما تسبب بإفلاس عديد منهم.
تكشف كل هذه المعلومات مدى الانهيار في القطاع الصحي جرّاء الحرب العبثية التي أشعلتها المليشيات الحوثية في صيف 2014، والتي خلّفت وراءها حالة إنسانية شديدة البؤس، وعلى الرغم من التدخلات الأممية في أغلب المناطق من أجل السيطرة على الأوبئة المختلفة، إلا أن نسبة كبيرة من السكان لا يزالون عرضة للوفاة.
وقبل أيام، كشفت منظمة الصحة العالمية عن وجود 1991 موقع ترصد وتبليغ إلكتروني عن 28 مرضًا وبائيًّا فتاكًا في اليمن، مشيرة إلى أنّها تلقّت أكثر من 78 ألف بلاغ عن أمراض في اليمن، منذ مطلع العام 2019.
وقالت المنظمة الأممية: "في بيئة محفوفة بالتحديات التشغيلية والأمنية، يعتبر توسيع نطاق النظام الإلكتروني للإنذار المبكر للأمراض في اليمن انجازا هاما، حيث يهدف لاكتشاف الأمراض الوبائية والتبليغ عنها والاستجابة لمواجهتها سريعًا".
وأضافت في بيان: "على الرغم من الصراع الدائر في اليمن تستمر منظمة الصحة العالمية بالشراكة مع البنك الدولي من خلال مشروع الصحة والتغذية الطارئ بتجديد وتوسيع نطاق النظام وتحويل جميع أنظمة الترصد الروتينية إلى إلكترونية".
وجاء في البيان: "يتم توسيع نطاق النظام من خلال إضافة مواقع ترصد جديدة كل عام لتغطية المزيد من المناطق حول اليمن وحماية الناس من تفشي الأمراض التي قد تؤدي إلى الوفاة".
ولفت إلى أنه يوجد حاليًّا 1991 موقع ترصد يعمل على الرصد والتبليغ إلكترونيًّا عن 28 مرضًا وبائيًّا فتاكًا مثل الكوليرا وحمى الضنك والنزفية الفيروسية والحصبة والسعال الديكي وشلل الأطفال".
وذكر أنّه يعد نطاق هذا التوسع كبيرًا مقارنة بـ400 موقع ترصد تم إنشاؤه في بداية الصراع عام 2015، والذي كان بداية يبلغ عن 16 مرضًا فقط.
وبحسب البيان، تقدم أكثر من 90% من مواقع الترصد تقارير دقيقة وسريعة، ما يعزز من القدرة على الوقاية من الأمراض المعدية في المجتمع ويساعد على حماية النظام الصحي المتدهور باليمن، وفي 2019 تم استلام 78 ألفًا و11 بلاغًا عن الأمراض من خلال نظام الترصد.