حقوق الإنسان وحرب المليشيات

يصادف ال 10 من ديسمبر 2017 الذكرى ال 69 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الانسان واعتماده من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949 كوثيقة معبرة عن اراء ومبادئ الأمم المتحدة والدول كافة تجاه حقوق الانسان وحمايتها، والتي اصبحت بما يعرف باليوم العالمي لحقوق الإنسان.

ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان هو وثيقة تاريخية أعلنت حقوقا غير قابلة للتصرف حيث يحق لكل شخص أن يتمتع بها كإنسان، بغض النظر عن العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو اللغة أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر، وهي الوثيقة الأكثر ترجمة في العالم، وهي متاحة بأكثر من  500لغة.

ويحل اليوم العالمي لحقوق الإنسان على اليمن والبلد تعاني من انتهاكات جسيمة في مجال حقوق الإنسان نتيجة ظروف الحرب التي اشعلتها ميليشيات الحوثي.

ان الاضرار التي تعرضت لها البلد نتيجة الحرب متعددة، فما بين الخراب والدمار الذي تعرضت له المنازل والمؤسسات والوضع الصحي المتدهور والمستوى المعيشي الصعب نتيجة انهيار الوضع الاقتصادي بسبب الحرب، إلا ان انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها المواطنون خصوصاً في مناطق الميليشيات كانت من ابرز سمات هذه الحرب.

ان حقوق الإنسان بشكل عام تشمل الحق في الحياة والعيش الكريم والعمل والشعور بالأمان والمحاكمة العادلة والحصول على العناية الصحية والتعليم والتملك والتصرف في الممتلكات والتعبير عن الرأي وغيرها من الحقوق التي لا يحق لأي جهة كانت ان تقوم بانتهاكها.

ان انتهاكات حقوق الإنسان في العالم تتضمن عدة جوانب منها تهجير السكان والحرمان من التعليم ومن العناية الصحية ومن العمل واجور العمل ومن التملك، ويدخل فيها أيضاً الإرهاب والترويع والسجن القهري والتعذيب وتكميم الأفواه والحرمان من الحياة وغيرها من أوجه تجاوز الحقوق الإنسانية المكفولة للبشر في إطار القوانين والشرائع السماوية.

لقد عانى الناس في الشمال والجنوب الكثير خلال الفترة الماضية من صور انتهاكات حقوق الإنسان التي تعرضوا لها نتيجة للحرب، وظهر ذلك جليا في عدة جوانب منها النزوح الذي اضطر له السكان نتيجة لتدمير منازلهم او تهجيرهم، بالإضافة الى الإصابات التي تعرض لها المواطنون جراء الألغام والقذائف والقنص الذي استهدفهم.

من ابرز الانتهاكات التي برزت خلال هذه الحرب كان السجن القسري دون اي وجه حق وظهر ذلك جليا فيما يتعرض له الاعلاميون تحديداً من حملة اعتقالات وحالات للاخفاء القسري في مناطق الميليشيات ليتم تكميم الافواه ولمنعهم من نقل الصورة الحقيقية لما يتعرض له الوطن من انتهاكات، بالإضافة للتعذيب الذي يتعرض له السجناء في سجون المليشيات العسكرية التي تجاوزت القوانين الحقوقية والأعراف الانسانية في التعامل مع البشر.

ان احد ظواهر انتهاكات حقوق الإنسان التي ظهرت بشكل واضح على المجتمع اليمني جراء الحرب تمثلت في عدم توفر الرعاية الصحية المطلوبة، حيث ان معظم المؤسسات الصحية لم تعد قادرة على تقديم الخدمات الطبية للسكان بسبب تعرضها اما للدمار والخراب او لعدم قدرة المحتاجين الوصول اليها، او عدم امكانية ايصال المساعدات الطبية للمناطق المحاصرة التي تسيطر عليها المليشيات غير عابئة بحال المواطنين.

ان الحرمان من المساعدات والخدمات الطبية بسبب الحرب ادى بشكل واضح لانتشار وباء الكوليرا وظهور حالات لمرض الديفتيريا، بالإضافة للحاجة الشديدة للمساعدات الغذائية للسكان الذين يتعرضون للحصار والتجويع في بعض المناطق.  

بالإضافة لذلك لا يدرك الكثيرون ان عدم دفع الأجور وتأخيرها يعتبر احد جوانب انتهاكات حقوق الإنسان، بل ان الحرمان من العمل كان احد أبرز نقاط انتهاكات حقوق الإنسان التي نصت عليها وثيقة الأمم المتحدة بهذا الخصوص.

ها هو اليمن يشهد اليوم العالمي لحقوق الإنسان والإنسان فيه يعانى تقريباً من جميع أشكال انتهاكات حقوق الإنسان التي تم تصنيفها وتحديدها في المنظمات الدولية نتيجة لهذه الحرب التي أشعلتها ميليشيات لم تبدي أي اعتبار لقيمة الإنسان وحقوقه الإنسانية والقانونية في كارثة حقوقية إنسانية سيحتاج فيها البلد إلى وقت طول من الزمن حتى يستطيع تجاوزها.