عقب سلسلة من الخسائر.. سوق النفط يحقق مكاسب بفعل آمال السيطرة على كورونا
عاودت أسعار النفط تحقيق مكاسب أسبوعية بعد سلسلة من الخسائر المتتالية عقب انتشار فيروس كورونا في الصين، وزاد خام برنت 5.23 في المائة في أول مكاسبه الأسبوعية، خلال ستة أسابيع، بينما حقق الخام الأمريكي زيادة أسبوعية بنحو 3.44 في المائة.
وتنامت الأجواء الإيجابية في السوق مع تزايد الآمال في سرعة سيطرة الصين على فيروس كورونا إلى جانب توقع إجراء تدابير جديدة لإنعاش الاقتصاد الصيني وتجاوز مرحلة الركود الراهنة، فيما يراهن كثيرون على الخطوة الجديدة المتوقعة من تحالف "أوبك+" في آذار (مارس) المقبل، وسط مؤشرات قوية على إجراء خفض جديد في مستويات الإنتاج لمواجهة وفرة الإمدادات في الأسواق ومعالجة ضعف الطلب العالمي على النفط.
وفي هذا الإطار، أشارت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" إلى تأكيد سهيل المزروعي وزير الطاقة والصناعة في الإمارات، أن النفط له مستقبل مشرق، وكذلك منظمة "أوبك" التي تقترب من الاحتفال بالذكرى الـ60 لتأسيسها، لافتا إلى أن "أوبك" كانت ولا تزال قوة ثابتة في قيادة العالم نحو تحقيق مزيد من النمو والازدهار، وهناك إرادة قوية نحو مواصلة القيام بهذا الدور في الأعوام المقبلة.
ولفت تقرير حديث للمنظمة - نقلا عن المزروعي– إلى قوله إن منظمة "أوبك" أتاحت تحولا كبيرا في حياة الناس نحو مزيد من الازدهار في جميع أنحاء العالم، منوها إلى أنه حتى مع تزايد التحول نحو موارد الطاقة المتجددة سيحتفظ النفط الخام بدوره الرئيس في مزيج الطاقة.
وأضاف أن التقدم التكنولوجي سيمكن أيضا من تعزيز قدرات صناعة النفط من أجل تحقيق النمو والازدهار مع تقليل بصمتها البيئية لافتا إلى أنه على سبيل المثال سيتحقق ذلك من خلال رفع مستويات الكفاءة في السيطرة على الانبعاثات والتقاط الكربون وتخزينه.
وعد التقرير أن الإمارات تلعب دورها الكبير والمؤثر في المساهمة في خطة طموحة لتوسيع استخدام الطاقة المتجددة في السوق المحلية واعتماد استراتيجية فاعلة ومهمة في مجال الطاقة حتى 2050 وتتمثل أبرز ملامحها في اعتماد تحول كبير يتعلق بالموارد الجديدة.
وذكر - نقلا عن الوزير المزروعي- أن بلاده تتحول من مستوى نحو 100 في المائة من الاعتماد على الغاز الطبيعي- وهو أنظف مورد من موارد الوقود الأحفوري– إلى 50 في المائة مساهمة تأتي من موارد جديدة صديقة للبيئة وأبرزها مصادر الطاقة المتجددة بـ44 في المائة وموارد الطاقة النووية نحو 6 في المائة، ويتوقع تغير شكل مزيج الطاقة على هذا النحو بشكل أكثر استقرارا بحلول 2050.
وأوضح أن سياسات الطاقة الجديدة في الإمارات تتطلب نفقات ضخمة– بحسب تأكيدات وزير الطاقة– حيث يتم تخصيص نحو 160 مليار دولار لدعم المشاريع الجديدة للطاقة، وسيكون نصيب الوقود الأحفوري نحو 50 في المائة، لافتا إلى أن الهدف الرئيس سيظل هو الحد من البصمة الكربونية عن طريق التقاط الكربون وتخزينه.
وذكر التقرير أن شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" كانت رائدة في نشر أحدث التقنيات تكنولوجيا التقاط وتخزين الكربون لخفض الانبعاثات وتحقيق الاستخدام الأفضل والأكفأ لموارد النفط والغاز الطبيعي، مشيرا إلى أن إنتاج الطاقة لتلبية الطلب ونشر تكنولوجيات جديدة يتطلب أيضا زيادة الاستثمارات بشكل مستمر، لافتا إلى أن الحاجة إلى استثمارات ضخمة في المستقبل، كما أن المستثمرين يتطلعون إلى الحصول أيضا على عائد عادل على رؤوس أموالهم.
في سياق متصل، نقل التقرير عن تيمبري سيلفا، وزير الدولة النيجيري للموارد البترولية تركيز بلاده على زيادة الاستثمارات في مجال الطاقة لتلبية الاحتياجات المحلية المتنامية، خاصة الاستثمارات المتعلقة بموارد الطاقة المتجددة.
وأضاف التقرير أن الدول المتقدمة لديها طموحات أكبر تجاه الطاقة المتجددة أكثر من الدول النامية، حيث يسعون إلى تحقيق أفضل ما لديهم من تنمية موارد الطاقة، بينما لا يزال النفط والغاز يمثلان ركيزة التنمية في الاقتصاديات النامية والناشئة، خاصة في إفريقيا وآسيا.
وأشار إلى أنه بالنسبة لنيجيريا تحديدا، وبحسب وزير الموارد البترولية، هناك تركيز في المستقبل القريب على تعزيز استثمارات النفط والغاز، مشددا على أنه لا مبرر لتقليص الاستثمارات في قطاع البترول، منوها إلى الأهمية الأساسية لهذه الصناعة الحيوية في تلبية الطلب العالمي الإجمالي على الطاقة في المستقبل المنظور.
وشدد التقرير على أن معالجة تغير المناخ ليست سباقا ضد النفط، بل هو في الواقع جهود مكثفة ضد انبعاثات الكربون، منوها إلى أنه لا ينبغي لنا الضغط على الاستثمارات النفطية للوصول إلى مستوى الصفر، حيث من غير الموضوعية اعتبارها المسؤول الأوحد عن انبعاثات الكربون، مؤكدا استمرار دور النفط الرئيس في مزيج الطاقة الطاقة حتى في ظل تزايد الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
ولفت التقرير إلى حرص نيجيريا على الإشادة بالدور التاريخي لمنظمة "أوبك" في دعم استقرار السوق المستدامة، منوها إلى أهمية الاحتفال بالذكرى الـ60 لتأسيس منظمة "أوبك" في أيلول (سبتمبر) المقبل، موضحا أنه دون "أوبك" كان يمكن للسوق أن تشهد حالة سيئة من غياب الاستقرار، حيث كان من المحتمل أن تسير السوق بشكل كامل خارج نطاق السيطرة وربما يتأثر مستقبل صناعة النفط بالسلب وبغياب الرؤى المستقبلية الواضحة.
وتسعى نيجيريا إلى تحديث المصافي القديمة ودعم خطط توسيع طاقة التكرير بدءا من الربع الأول من العام الجاري، إضافة إلى تكثيف مشروعات الغاز في نيجيريا في العام المقبل، لافتا إلى الحاجة إلى القيام بكثير في توزيع الغاز لضمان استقرار أفضل للطاقة.
ونقل التقرير عن مانويل سلفادور وزير البترول في فنزويلا ورئيس مؤتمر "أوبك" في 2019، أن العام الماضي شهد التوافق بين المنتجين على إجراءات حيوية منها تعديلات الإنتاج الإضافية والتقدم المستمر في ميثاق التعاون في تحالف "أوبك+"، ما جعله عاما مثمرا ومزدهرا للغاية، لافتا إلى التأكيد على تعزيز التعاون المستمر بين "أوبك" والدول غير الأعضاء في المنظمة من خلال تطوير "إعلان التعاون" والميثاق المشترك.
ونقل التقرير عن الوزير الفنزويلي، أن العام الماضي كان مليئا بالتحديات في إشارة إلى العقوبات ضد قطاع النفط في بلاده واستهداف الاقتصاد الفنزويلي على نحو كبير، ما أوجد عديدا من المصاعب للشعب الفنزويلي ووجه ضربة إلى إنتاج النفط في البلاد.
ونوه التقرير إلى تطلع فنزويلا إلى عودة إنتاج النفط في البلاد إلى مستوياته الطبيعية، مشيرا إلى أن إنتاج فنزويلا سجل في 2018 مستوى ما بين 1.5 إلى 1.6 مليون برميل يوميا، وذلك قبل فرض العقوبات على البلاد في أوائل 2019.
ويرى التقرير أن 2020 يمثل علامة فارقة بالنسبة لمنظمة "أوبك"، ففيه تأتي الذكرى الـ 60 لتأسيس المنظمة، معتبرا أن هناك عديدا من الأسباب للاحتفال أبرزها أن "أوبك" ضمنت وقدمت عديدا من الفوائد للمنتجين والمستهلكين وأهمها الحفاظ على استقرار سوق النفط، لافتا إلى أن النفط أتاح عديدا من الفوائد ويجب علي الجميع التعاون من أجل رؤيته كأداة لتعزيز التنمية والرفاهية للشعوب.
وكانت أسعار النفط قد ارتفعت أكثر من 1 في المائة في ختام الأسبوع، محققة أول مكاسبها الأسبوعية منذ أوائل كانون الثاني (يناير) مع مراهنة المستثمرين على أن تأثير الفيروس التاجي سيكون قصير الأجل وتعلقهم بالأمل في مزيد من إجراءات التحفيز من البنك المركزي الصيني لمعالجة أي تباطؤ اقتصادي.
وبحسب "رويترز"، صعد خام برنت 98 سنتا بما يعادل 1.74 في المائة ليتحدد سعر التسوية عند 57.32 دولار للبرميل، وزاد الخام 5.23 في المائة خلال الأسبوع، وهي أول مكاسبه الأسبوعية خلال ستة أسابيع.
وزادت العقود الآجلة للخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 63 سنتا أو 1.23 في المائة، لتغلق على 52.05 دولار للبرميل، وبلغت الزيادة الأسبوعية 3.44 في المائة.
وقال جيم ريتربوش رئيس ريتربوش وشركاه، في مذكرة "عملية التسييل الهائلة، التي دفعت الأسعار للانخفاض بشدة الشهر الماضي من المرجح أنها اكتملت لتحل محلها عملية شراء، فضلا عن تغطية مراكز مدينة من المضاربين، الذين دخلوا السوق حديثا".
وتراجع برنت نحو 15 في المائة منذ بداية السنة لعوامل منها بواعث القلق من أن يضر الفيروس بالاقتصاد العالمي، لكن معنويات السوق تحسنت مع إعادة فتح مصانع في الصين وقيام الحكومة بتخفيف السياسة النقدية بثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ويرى دان برويليت، وزير الطاقة الأمريكي أن تأثير تفشي الفيروس في الصين على أسواق الطاقة العالمية هامشي، ومن المستبعد أن يؤثر بصورة مأساوية في أسعار النفط حتى مع هبوط الطلب الصيني بمقدار 500 ألف برميل يوميا.
وفي مواجهة تراجع الطلب، تدرس منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" ومنتجون حلفاء، في إطار ما يعرف باسم "أوبك+"، خفض الإنتاج بما يصل إلى 2.3 مليون برميل يوميا.
من جهتها، أفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بأن مخزونات الولايات المتحدة من النفط الخام ارتفعت بأعلى من المتوقع الأسبوع الماضي، بينما انخفض مخزون البنزين ونواتج التقطير.
وزادت مخزونات الخام 7.5 مليون برميل على مدار الأسبوع الماضي لتصل إلى 435 مليون برميل، وكان محللون قد توقعوا في استطلاع أن ترتفع المخزونات ثلاثة ملايين برميل.
ونمت مخزونات الخام في نقطة التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما 1.7 مليون برميل الأسبوع الماضي، وأظهرت البيانات ارتفاع استهلاك الخام في مصافي التكرير 48 ألف برميل يوميا الأسبوع الماضي.
وزادت معدلات تشغيل المصافي 0.6 نقطة مئوية، بينما انخفضت مخزونات البنزين 95 ألف برميل إلى 261.1 مليون برميل، في حين توقع المحللون في استطلاع أن ترتفع 546 ألف برميل.
ونزلت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، مليوني برميل إلى 143.2 مليون برميل، مقابل توقعات لانخفاض قدره 557 ألف برميل.
وارتفع صافي واردات الولايات المتحدة من النفط الخام 806 آلاف برميل يوميا إلى 4.01 مليون برميل يوميا الأسبوع الماضي.
ورفعت شركات الطاقة الأمريكية عدد الحفارات النفطية العاملة للأسبوع الثالث في أربعة أسابيع حتى في الوقت، الذي يعتزم فيه المنتجون مواصلة لخفض الإنفاق على أنشطة الحفر الجديدة للعام الثاني على التوالي في 2020.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها، الذي يحظى بمتابعة وثيقة، إن شركات الطاقة أضافت حفارا نفطيا في الأسبوع المنتهي في السابع من فبراير، ليصل إجمالي عدد الحفارات العاملة إلى 676 حفارا.
كان عدد الحفارات العاملة 854 في ذات الأسبوع قبل عام، وفي 2019، تراجع عدد الحفارات النفطية، وهو مؤشر مبكر للإنتاج في المستقبل، بواقع 208 حفارات في المتوسط بعد أن ارتفع بمقدار 138 في 2018 مع قيام شركات التنقيب والإنتاج المستقلة بخفض الإنفاق على أعمال الحفر الجديدة مع سعي المساهمين إلى عوائد مالية أفضل في ظل وضع تنخفض فيه أسعار الطاقة.
وعلى الرغم من تراجع عدد الحفارات، التي تحفر آبارا جديدة في العام الماضي، واصل إنتاج الولايات المتحدة النفطي الارتفاع لأسباب من بينها أن إنتاجية الحفارات المتبقية- كمية النفط، التي تنتجها الآبار الجديدة لكل منصة- زادت إلى مستويات قياسية في معظم الأحواض الصخرية الكبيرة.
لكن من المتوقع أن تتباطأ وتيرة نمو الإنتاج في الأعوام المقبلة بعد أن ارتفعت 18 في المائة في 2018 و11 في المائة في 2019.
وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يرتفع إنتاج الولايات المتحدة من الخام نحو 9 في المائة في 2020 إلى 13.3 مليون برميل يوميا و3 في المائة في 2021 إلى 13.7 مليون برميل يوميا من المستوى القياسي البالغ 12.2 مليون برميل يوميا في 2019.
ومنذ بداية العام، بلغ إجمالي عدد حفارات النفط والغاز العاملة في الولايات المتحدة في المتوسط 791 حفارا، وتنتج معظم منصات الحفر النفط والغاز.