التعليم في زمن الحوثي.. مدارس ملطخة بطائفية المليشيات
واصلت المليشيات الحوثية، سياساتها الطائفية الممتدة على مدار حربها العبثية القائمة منذ صيف
2014، حيث تتجلى هذه الممارسات في المدارس بالمناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات.
ففي أحدث الخطوات الحوثية، أصدرت المليشيات قرارًا من قبل قادتها المعينين في وزارة التربية والتعليم بحكومتها "غير المعترف بها" في محافظة صنعاء، تضمَّن تغيير أسماء عددٍ من المدارس إلى أسماء جديدة تتوافق مع سعي المليشيات لفرض نمط طائفي أحادي.
وتضمّنت صورة وثيقة حوثية متداولة قرار المليشيات بتغيير اسم مدرسة خالد بن الوليد، إلى مدرسة الإمام الهادي، حيث يزعم زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي أنّه جد الجماعة الأول الذي حكم مناطق في اليمن في القرن الثامن الميلادي وأوائل القرن التاسع.
ونص القرار الحوثي على تغيير اسم مدرسة الفاروق إلى اسم مدرسة الإمام زيد بن علي الذي تزعم المليشيات انتسابها إلى سلالته، وتغيير اسم مدرسة بابل إلى اسم مدرسة 21 سبتمبر، وهو التاريخ الذي اقتحمت فيه المليشيات محافظة صنعاء في سبتمبر 2014.
واشتمل القرار كذلك على تغيير اسم مدرسة عثمان بن عفان، إلى مدرسة مالك الأشتر ومدرسة عمر المختار إلى مدرسة علي بن الحسين، وكلها أسماء ترتبط بسلوك المليشيات الرامي إلى فرض نهجها الفكري والعقائدي والمذهبي على الثقافة المتنوعة.
في سياق متصل، اتهمت مصادر تربوية في صنعاء يحيى الحوثي شقيق زعيم المليشيات المعين وزيرًا لتربية وتعليم حكومة المليشيات بأنّه يقف وراء عملية تغيير أسماء المدارس بتوجيهات من شقيقه عبد الملك الحوثي الذي كان شدد في خطبه الأخيرة على استمرار عملية حوثنة المجتمع تحت اسم ترسيخ الثقافة الإيمانية، على حد زعمه.
وكانت المليشيات الحوثية في مديرية جبلة في محافظة إب أقدمت خلال فبراير الماضي على تغيير اسم مدرسة الثورة للبنات إلى مدرسة فاطمة الزهراء واسم مجمع الصالح الثانوي للبنين إلى مجمع الشهداء، كما قامت بتغيير أسماء القاعات الدراسية في جامعات إب وذمار وصنعاء وأطلقت عليها أسماء قادتها القتلى.
ومن بين تلك المدارس التي طالها استهداف الميليشيات في محافظة إب مدارس مجمع الشهيد الزبيري التربوي في مديرية العدين، ومدرسة عائشة النموذجية بمدينة إب، ومدرسة السابع من يوليو بمديرية الظهار وغيرها من المدارس الأخرى.
وتمادت المليشيات في استهدافها المتواصل للمدارس ولأبنائهم الطلبة صغار السن من خلال مواصلة غسل أدمغتهم والتغرير بهم وإرسالهم في الأخير إلى جبهات القتال.
كما سخرت المليشيات كل جهدها وطاقتها لاستهداف المدارس بغية حرف التعليم عن مساره والزج به في أتون الطائفية والعنصرية، وطالبوا بوقف التعرض للمدارس، خصوصاً مدارس الطلبة صغار السن، وتجنيب العملية التعليمية تبعات الحرب التي أشعلتها الجماعة.
وكانت المليشيات قد حولت مدارس صعدة، إلى وكر للتطرف وتجنيد الصغار، وإرسالهم إلى الجبهات، وفرضت حصصاً دراسية للأنشطة الطائفية وتلقين خطب زعيم الجماعة، وفق ما أكده سكان محليون.
ويقوم الحوثيون - بحسب شهادات محلية - خلال الحصص الدراسية بعرض محاضرات ذات صبغة طائفية وتحريضية مسجلة لمؤسس الميليشيات داخل فصول الطلبة من خلال شاشة عرض كبيرة وبصورة يومية، ويرافقها طلب المعلمين من التلاميذ تدوين أهم ما جاء في المحاضرة ليعقب ذلك مناقشة الطلاب عما استوعبوه من التلقين.
وتأتي هذه الانتهاكات الحوثية بحق المدارس في صعدة بالتزامن مع تلك الانتهاكات التي نفذتها المليشيات بحق المئات من مدارس صنعاء ومناطق أخرى متفرقة.
وتسبب الحوثيون في تعطيل العملية التعليمية بشكل شبه كلي مع امتناع المليشيات منذ أواخر 2016 عن صرف رواتب المعلمين وتحويل المدارس إلى ساحات لتجنيد الصغار.
وتعرض قطاع التعليم، منذ اندلاع الحرب الحوثية، لانتكاسة كبيرة، دخلت من خلاله العملية التعليمية في أوضاع ومعاناة وصفت بـالكارثية، نتيجة تواصل الجرائم الحوثية بحق هذا القطاع الحيوي.
وطبقًا لتقارير أممية، فقد تعرضت العشرات من المدارس والمراكز التعليمية في صنعاء منذ مطلع عام 2019 فقط، لعمليات النهب والمصادرة والإغلاق من قبل العصابة الحوثية التي قامت بإلغاء المناهج السابقة، وإلزام قيادات المراكز والمدارس بتدريس المنهج الجديد المعدل والمفخخ بعقائد المليشيات.
ومنذ أن أشعلت المليشيات الحوثية حربها العبثية في صيف 2014، دفع قطاع التعليم أفدح الأثمان بسبب الجرائم التي ارتكبها هذا الفصيل الإرهابي المدعوم من إيران.
فقبل أيام، تمّ الكشف عن أنّ المليشيات الحوثية تخطِّط للسطو على الحوافز النقدية المقدمة من منظمة الأمم المتحدة للطفولة، يونسيف، إلى 130 ألف معلم في مناطق سيطرة المليشيات.
واعتمدت المنظمة، في نهاية 2018، بتمويل سعودي وإماراتي، حوافز نقدية للمعلمين في مناطق سيطرة الحوثيين، قدرها 50 دولارًا في الشهر بعد أن أقدمت المليشيات على توقيف رواتب الموظفين في مناطقها.
في هذا السياق، تقول مصادر تربوية إنّ قادة المليشيات الحوثية، المدعومة من إيران، بإيعاز من يحيى الحوثي شقيق زعيم المليشيات المعين وزيرًا للتربية في حكومتهم غير المعترف بها، بدأت في عقد اجتماعات مع مسؤولي "يونسيف"، للضغط على المنظمة الدولية لإحلال عناصر المليشيات في كشوف صرف الحوافز النقدية عوضًا عن المعلمين المعتمدين في المدارس.
وتسعى المليشيات للقضاء على آخر رمق في قطاع التعليم من خلال مصادرة الحوافز النقدية المخصصة لمساعدة المعلمين، في مناطق سيطرتها.
لا تقتصر الجرائم الحوثية على ذلك، فكثيرًا ما أقدمت المليشيات على إخضاع منتسبي القطاع التعليمي لدورات طائفية، بحسب مصادر مطلعة كشفت عن حضور 80 معلمًا ومعلمة ومديرًا وإداريًّا، ينتمون إلى عدد من مدارس محافظة صنعاء لدورات طائفية في غرف مغلقة تحت الأرض.
وألزمت المليشيات الحوثية، جميع أفراد الطاقم التعليمي بعددٍ من المدارس على حضور تلك الدورات الحوثية، مع إيقاع العقوبات على المتخلفين عنها.
وكشف معلمون ومعلمات شاركوا في الدورات الحوثية، أنّ الهدف الرئيسي منها كان تعلم المبادئ التي روج لها مؤسس المليشيات حسين الحوثي، وإخضاعهم للاستماع لمحاضرات زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي، ومتابعة أفلام وثائقية تكرس ثقافة هذا الفصيل الإرهابي.
وتقول تقارير رسمية إنّ نحو 4,5 مليون طفل تسربوا وحُرموا من التعليم منذ اندلاع الحرب الحوثية، بسبب تدمير المليشيات للمدارس وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، وسعيها إلى تعطيل العملية التعليمية والاستفادة من الأطفال في التجنيد والزج بهم في جبهات القتال، إضافة إلى وضع مناهج تدعو للطائفية والكراهية وتهدد النسيج الاجتماعي.
وانتهجت المليشيات أساليب إرهابية بحق الأطفال، وعملت على حرمانهم من الخدمات كافة التي كفلتها القوانين والمبادئ الدولية، وزجت بهم في المعارك وأجبرتهم على التجنيد، وحالت دون التحاقهم بالتعليم.
وبسبب فساد المليشيات الحوثية وقيامها بتجريف قطاع التعليم، تكشف تقارير رسمية أنَّ أكثر من مليوني طفل في سن الدراسة تحولوا إلى سوق العمل، حيث يقومون بأعمال شاقة من أجل إطعام أنفسهم وأسرهم.