حرب اليمن التي طال أمدها.. واقع معقَّد واستراحة بعيدة المدى
فيما بلغ أمد الحرب في اليمن حدًا تخطّى كل الحدود، لا تزال تغيب أي أطر للحل السياسي تلوح في الأفق.
المليشيات الحوثية متهمة بإفشال كل المساعي الرامية إلى إحلال السلام وتحقيق الاستقرار، وهذا الأمر راجع بشكل رئيس إلى أنّ بقاء هذا الفصيل الإرهابي مرتبط بشكل كبير باستمرار الحرب.
هذه السياسة الحوثية الخبيثة تتجلّى في سلسلة هجمات لا تتوقّف ضد المدنيين وبالذات في محافظة الحديدة، بالإضافة إلى الهجمات الإرهابية التي تستهدف المملكة العربية السعودية، والتي كان آخرها أمس الخميس عندما حاولت المليشيات مهاجمة المملكة بطائرة بدون طيار مفخخة.
وكانت قوات التحالف العربي اعترضت يوم الخميس، طائرة مُسيرة أطلقتها مليشيا الحوثي الإرهابية، من محافظة الحديدة باتجاه الأراضي السعودية.
الهجوم الحوثي استدعى إدانة من قبل البرلمان العربي على لسان رئيسه الدكتور مشعل بن فهم السُّلمي الذي قال إنّ إطلاق هذه الطائرة من مدينة الحُديدة، يعكس تعمد مليشيا الحوثي عدم الالتزام باتفاق ستوكهولم وخرقه.
وأضاف أن الاعتداءات الإرهابية الجبانة تثبت أن مليشيا الحوثي ليست جاهزة للمشاركة في جهود حل الأزمة سلميًا، مشيرًا إلى أنّ المليشيات أصبحت أداة قتل وتدمير تنفذ التعليمات الإيرانية التي تخدم أهداف المشروع الإيراني التوسعي وأجندته التخريبية في المنطقة.
وأكّد السلمي أنّ المليشيات أصبحت أداة قتل وتدمير تنفذ التعليمات الإيرانية التي تخدم أهداف المشروع الإيراني التوسعي وأجندته التخريبية في المنطقة، وحذر من أن تقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ خطوات حازمة تجاه الأنشطة التخريبية لوكلاء النظام الإيراني في اليمن، يساهم في استمرار وتكرار هذه الاعتداءات الإرهابية.
الحرب الحوثية القائمة منذ صيف 2014، خلّفت حالة إنسانية مأساوية للغاية، توثّقها التقارير الدولية، فبالإضافة إلى شلال القتلى والجرحى الذي يتوقّف، يوجد ما بين 71-78٪ من السكان - بحد أدنى 21 مليون شخص- قد سقطوا تحت خط الفقر في نهاية عام 2019.
وتسبّبت الحرب الحوثية في توقف الأنشطة الاقتصادية على نطاق واسع، ما تسبب بنقصان حاد في فرص العمل والدخل لدى السكان في القطاعين الخاص والعام.
هذه الحالة المعيشية المزرية نجمت عن الحرب العبثية التي أشعلتها المليشيات الحوثية بإيعاز من إيران، كما أفشلت أي مساعٍ لتحقيق الاستقرار السياسي.
ولعل التعاطي مع اتفاق السويد الذي وُقِّع في ديسمبر 2018 كان خير دليل على عبث الحوثيين بجهود السلام، حيث ارتكبت المليشيات أكثر من 15 ألف خرق وانتهاك لبنود الاتفاق الذي نُظر إليه على أنّه خطوة أولى في سبيل وقف الحرب.
وفيما يعاني اليمن وضعًا شديد المأساوية، فقد أصبح لزامًا على المجتمع الدولي العمل على ممارسة الضغوط اللازمة من أجل إلزام المليشيات الحوثية بالسير في طريق السلام.
هذه الجهود يجب مضاعفتها بشكل كبير في ظل
الصعوبات الكبيرة التي تتعلق بنجاح الأمم المتحدة في التوصّل إلى حل سياسي، وهو أمر شديد التعقيد صعَّبه أكثر تفشي جائحة كورونا.
وبحسب تقرير سابق لمجموعة الأزمات الدولية، فإنّه مع تفشي جائحة كورونا، أصبحت الحاجة أكثر إلحاحًا من أجل العمل على التوصّل إلى حل سياسي، كما تواجه أطراف الصراع في اليمن خيارًا صارخًا، فإمّا القبول بوقف إطلاق النار وتسوية سياسية غير مثالية، وبخاصةً في ضوء المخاوف من تفاقم تفشي جائحة كوفيد-19، أو الاستمرار في حرب ستتسبب بالمزيد من المعاناة الإنسانية دون أن يكون بوسع أي فريق تحقيق نصر عسكري واضح.
وهناك عوائق تقف أمام التوصّل إلى تسوية سياسية، قال التقرير إنّها تتمثّل في أنّ المقاربة الدولية لم تعد صالحة لإنهاء الحرب، حيث تعتقد حكومة الشرعية أنّ أي اتفاق ينبغي أن يبنى على الأسس التي نص عليها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 الذي صدر في أبريل 2015 والذي تفسره على أنه شكل من أشكال الدعوة القانونية للحوثيين للاستسلام، وتسليم الأسلحة الثقيلة والسماح للحكومة بالعودة إلى حكم اليمن من صنعاء.
التقرير تحدّث عن مسار للتوافق والحل السياسي، وهو إقناع الأطراف أنّ من مصلحتها التخلي عن مطالبها القصوى، والتوازن العسكري يميل لصالح الحوثيين، لكن ليس إلى الحد الذي قد يظنونه، ويبدو أنهم يعتقدون أنهم يستطيعون التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب مباشرة مع التحالف، لكنهم يقاتلون جملة واسعة من الخصوم الذين من غير المرجح أن يقبلوا بتسوية لا تحمي مصالحهم الرئيسية أو يلتزموا بتسوية ببساطة لأن الرياض تطلب منهم ذلك، وفق المجموعة الدولية.