نظرة عامة على تاريخ الإنترنت والويب العربي
التاريخ ليس محصورا على الأحداث السياسة والعسكرية والرياضية والعلمية والأدبية، بل إن للإنترنت والويب بصفة عامة تاريخا يتكلم عن كيفية تطور المواقع وأولى مواقع الويب التي ظهرت ومصير المشاريع الإلكترونية المختلفة.
هذا ينطبق على الإنترنت في العالم العربي والويب العربي بصفة عامة، حيث التاريخ في هذه الحالة تراث ذات قيمة يجب أن ندونه ولا ننساه لنوفر بذلك اجابة واضحة لأنفسنا وللأجيال القادمة عن مسار هذه التقنية في بلداننا العربية.
عندما تبحث عن تاريخ الإنترنت والويب العربي لن تجد الكثير من المصادر والمقالات عن هذا الموضوع، وقد تختفي بعض المواقع التي تتضمن معلومات ثمينة عن هذا الموضوع، لذا رأينا أنه من الصواب التطرق إلى هذا الموضوع وجمع مختلف المعلومات والأحداث في مقالة واحدة.
-
بداية دخول الإنترنت إلى الوطن العربي
عودة إلى بداية التسعينيات من القرن الماضي حيث بدأت شركات الإتصالات توفر خدمات الإنترنت وكان هذا واقعا في دول الخليج العربي التي تتسابق حينها على تبني التكنولوجيا الجديدة بلغة ذلك الزمن.
بالتوازي مع ظهور إتصال الإنترنت وإمكانية ربط الحواسيب بالشبكة العالمية، اتجهت العديد من المجلات العربية الورقية والصحف للحديث عن هذا الإختراع، وكانت العربي الجديد الكويتية واحدة من أبرز المجلات التي خصصت صفحات وأجزاء منها للتطرق إلى هذا الموضوع.
ظهرت أيضا العديد من المجلات المتخصصة في أخبار الإنترنت والتي تتوفر في أكشاك الصحف والمجلات، وبدأ الإقبال على هذه التقنية في التنامي.
بداية من 1994 بدأت الكويت في تبني الإنترنت في محيط خليجي يتسابق على شراء الحواسيب والانفتاح على التكنولوجيات الجديدة.
عام 1998 كان فاصلا في بداية دخول الإنترنت إلى الوطن العربي حيث ارتفع عدد المستخدمين من 150 ألف مستخدم إلى 700 ألف مستخدم خلال عام!
ارتفاع عدد المستخدمين كانت علامة واضحة على أن الأسواق المحلية منفتحة وعازمة على أن تكون جزءا من الشبكة العالمية.
وجاء هذا نتيجة انتشار الحواسيب المكتبية التي كانت سائدة حينها وذلك في مكاتب الشركات والمؤسسات التي تتسابق على استخدام الحواسيب في تخزين البيانات وإصدار التقارير والمستندات.
وظهرت موضة مقاهي الإنترنت التي نجحت في لفت انتباه الناس خصوصا الشباب والطلبة الذين أصبحوا يفضلونها على الكثير من الأنشطة اليومية والتقليدية حينها.
-
المواقع المحلية ما بين الإنجليزية والفرنسية
خلال هذه الفترة التي قفز فيها المستخدمين إلى نصف مليون تقريبا، كانت المواقع المحلية متوفرة بالإنجليزية في الشرق الأوسط ومصر وباللغة الفرنسية في المغرب العربي.
ووصل عدد مواقع الويب المحلية حينها إلى 9000 موقعا على الأقل، وهو ما يفسر لنا إقبال الشباب على تعلم صناعة مواقع الويب وإطلاقها.
في ذلك الوقت كانت المجلات الورقية المتخصصة العالمية والمحلية تتحدث عن دروس إنشاء مواقع الويب بواسطة بعض البرامج والخدمات المجانية المتاحة.
وبالطبع فالعملية كلها تتم بناء على اللغة الأجنبية بينما المتصفحات لا تدعم اللغة العربية ولوحة المفاتيح السائدة في الحواسيب هي التي تدعم الإنجليزية فقط.
المتصفحين في هذه السنوات لم يكن لديهم سوى متاحة المواقع العالمية باللغات الأجنبية أو تصفح المواقع المحلية بالإنجليزية والفرنسية.
-
كيف انتشرت الإنترنت في العالم العربي
انفتح الشباب وحتى عدد من الفئات الكبيرة على استخدام الانترنت وهو ما يشبه تماما ثورة الحاسوب في المنطقة، بل إن الإنترنت عززت من الإقبال على هذه الأجهزة.
سرعة إنترنت الإنترنت هي أفضل من سرعة انتشار كل من الراديو والتلفزيون من قبل، رغم أن هناك عقبات عديدة كانت تواجه المستخدمين في المنطقة، أولها أن الحواسيب لا تتواجد في كل منزل إضافة إلى التكلفة الكبيرة للإشتراك في الإنترنت حينها.
لكن مع مرور السنوات فإن تزايد الإقبال والمنافسة بين مقاهي الإنترنت في مختلف الحواضر والأرياف وتراجع تكاليف الاشتراك ضمن منافسة متصاعدة بين شركات الإتصالات ساعد على انتشار الإنترنت واقبال الشباب عليها.
في المغرب مثلا كانت سعر ساعة واحدة من تصفح الشبكة العنكبوتية بمقهى الإنترنت خلال 2006 تصل إلى 1 دولار أي 10 دراهم مغربية، ثم تراجعت إلى نصف دولار خلال 2008 و 2009 لتتراجع قيمة الساعة الواحدة إلى 3 دراهم خلال 2011.
التكلفة التي كان الفرد يتصفح بها الإنترنت لمدة ساعة خلال 2006 توفر حاليا 3 ساعات من التصفح بالمقهى.
ثم خلال السنوات الأخيرة انتشرت الإنترنت من المقاهي العامة ومكاتب الشركات إلى المنازل ومرة أخرى الفضل في ذلك هي عروض الإنترنت وسهولة التركيب والتسهيلات الأخرى، وعزز من الانتشار القوي لها حاليا انتشار الهواتف الذكية.
-
أولى مواقع الإنترنت العربية
في البداية ظهرت بضعة مواقع ويب وسريعا ما انتشرت موضة إنشاء المواقع الإلكترونية، خصوصا وأنه شيء مميز أن يكون لك موقع إلكتروني وحلم كبير للشباب منذ سنوات.
أكبر ما دعم هذه الثورة هي قصص نجاح مواقع إنترنت مثل أمازون وياهو وجوجل ومايكروسوفت ومنصات أخرى، النجاح المادي لهذه المواقع جعل الشباب العربي ينظر إلى الإنترنت على أنها الفرصة الذهبية من أجل تحقيق الثراء والشهرة اللتان لا يمكن تحقيقهما على ارض الواقع بسهولة.
ويعتبر موقع الشبكة العربية Arab Net من المواقع العربية الأولى التي دخلت عالم الانترنت، وهناك أيضا مجموعة أبو نواف التي بدأت كمجموعة بريدية توفر المحتوى عبر البريد الإلكتروني.
ومن المواقع الإخبارية التي حققت نجاحا كبيرا وبدأت منذ سنوات طويلا نجد مصراوي الذي تأسس عام 1999 وقد بدأت حينها ظهور مواقع إخبارية بالعربية.
وتعتبر جامعة العرب الالكترونية أول مركز تعليمي عربي عبر الانترنت وهو الموقع الذي كان يساعد الطلبة في الوصول إلى الدروس والتوجيهات التعليمية.
وخلال بداية الألفية الجديدة تأسست مواقع إلكترونية أفضل من ناحية التصميم والمحتوى وتحديث الصفحات مقارنة بمواقع التسعينيات وقد سارع المطورون في العالم العربي إلى تبني التقنيات الجديدة وتعريب الإضافات والبرمجيات في سبيل توفير مواقع عربية كاملة.
-
من ثورة المنتديات إلى الوقت الحالي
عام 2004 تأسس معهد ترايدنت الذي يوفر الكثير من المواد التعليمية لإنشاء المواقع الإلكترونية والمنتديات خصيصا وتحول إلى المصدر الأول للمحتوى العربي عن هذه المواضيع وظهرت منصات منافسة له كلها عبارة عن منتديات.
وشكل هذا المنتدى نقطة بداية لتوجه الشباب نحو إنشاء المنتديات في مجالات متعددة ولأنها موضوع الساعة حينها فقد كان من السهل في تلك السنوات أن يصبح منتدى معين مشهورا بالقليل من المجهود في توفير المحتوى وجمع الأعضاء.
سيطرت المنتديات على نتائج بحث جوجل واستمرت هذه الثورة لسنوات طويلة، ومع تمدد الشبكات الاجتماعية وصعود أهمية المدونات الربحية والشخصية تراجعت مكانتها وأغلقت الكثير منها.
الشبكات الاجتماعية وتطبيقات الدردشة أصبحت بديلا لمنتديات التعارف والدردشة وغرف التواصل التي كانت منتشرة خلال السنوات الماضية.
وفي الوقت الراهن تعد المواقع الإخبارية والموسوعات والمجلات ومواقع المحتوى العصب الرئيسي للمحتوى في الويب العربي، بينما تعد الشبكات الاجتماعية مكانا لبناء العلاقات والترويج للمحتوى.
خلال السنوات الأخيرة أيضا انتشرت المتاجر الإلكترونية وتطورت الخدمات وظهرت خدمات جديدة متكاملة، وهناك ثورة ريادة الاعمال وإطلاق شركات الإنترنت.
وحاليا هناك أكثر من 147 مليون مستخدم للإنترنت في العالم العربي، ولا يزال الشباب هم من يتحكمون في هذه الثورة وهم وقود التحول الراهن.