مهمة مستحيلة لإنهاء الحرب الحوثية
رأي المشهد العربي
تعددت المبادرات والرؤى العربية والدولية لإنهاء الحرب الحوثية خلال الأشهر القليلة الماضية غير أن الأوضاع ظلت كما هي على الأرض من دون تغيير بسبب التعنت الحوثي الواضح ومقابلة هذه الدعوات بمزيد من التصعيد العسكري على أكثر من جبهة، وهو ما يجعل مهمة إنهاء الحرب مستحيلة في الوقت الحالي لأن هناك جملة من العوامل التي لا تساعد على الوصول إلى حل سياسي.
أول هذه العوامل يتعلق بالتعاون والتنسيق الوطيد بين المليشيات الحوثية الإرهابية والشرعية الإخوانية، ويظهر ذلك من خلال التواصل المشترك بين الطرفين في جبهة مأرب التي من المفترض أنها تمثل معقل الشرعية الإخوانية في الشمال ويشكل الدفاع عنها هدفا أساسيا لقوات الشرعية قبل أن يجري تطويع هذه القوات لخدمة العناصر الإرهابية والمليشيات الحوثية.
يعد هذا العامل هو الحاسم في مسألة الوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية لأن أي محاولات من شأنها الوصول إلى سلام بين الطرفين لن تجدي نفعا طالما أن هناك مصلحة مشتركة بينهما لاستمرار الصراع أطول فترة ممكنة، وطالما أن هناك أطرافا إقليمية معادية عديدة ترعى هذا التوافق وتستهدف الانتهاء أولا من عملية توزيع أراضي الجنوب والشمال على الطرفين قبل الجلوس على طاولة التفاوض بما يدعم فرص الحضور السياسي لكلا الطرفين في المستقبل.
أما ثاني هذه العوامل فيتعلق بغياب الرغبة الدولية في الحل لأن المبادرات السعودية العديدة التي طرحتها خلال الأشهر الماضية لم يجر استغلالها بشكل أمثل من جانب المجتمع الدولي واكتفت الأمم المتحدة بالترحيب دون أن تمارس أدوارا ضاغطة على الأطراف المعرقلة للحل السياسي، ولم تستغل الفرصة المواتية من جانب التحالف العربي للوصول إلى اتفاق سياسي شامل، وبدا أن هناك رغبة في أن يستمر الوضع كما هو عليه الآن وتأجيل إنهاء الأزمة اليمنية انتظارا لحسم ملفات إقليمية أخرى.
العامل الثالث يرتبط بأن المبادرات الأممية التي تطرحها للحل وتطلق عليها "الحل الشامل" هي بالأساس غير شاملة ولا تعبر عن المصطلح الذي تطلقه لأنها لم تتطرق حتى الآن بشكل رسمي ومعلن النظر إلى القضية الجنوبية واقتصر الأمر على الحوثي والشرعية المتحالفين مع بعضهما البعض من الأساس، وبالتالي فإنه لن يكون هناك مجال لحل سياسي حتى وإن كانت هناك تحركات شكلية على الأرض تسير في هذا الإطار.