نهب أموال المتقاعدين.. طريق الحوثيين نحو الثراء وإثقال كاهل السكان بالأعباء
أضيفت أموال المتقاعدين إلى سلسلة طويلة من الوسائل التي تُمكّن المليشيات الحوثية من تكوين ثروات ضخمة، بما يضاعف من حدة الأعباء الإنسانية والأزمات الحياتية.
وابتلعت خزائن البنك المركزي الخاضع لسيطرة الحوثيين في صنعاء، مليارات الريالات، من أموال الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، وهي أموالٌ يُفترض أن تُصرف للمتقاعدين لتعينهم على تدبير احتياجات أكثر من 500 ألف متقاعد.
وكشفت مصادر بالهيئة العامة للتأمينات والمعاشات والمؤسسة العامة للتأمينات والبنك المركزي في صنعاء، أنّ المليشيات الحوثية استولت على عشرات المليارات من أموال المتقاعدين المدنيين، كما صادرت كل ممتلكات وأموال صندوق التقاعد العسكري والأمني بشكل كامل.
ونقل الحوثيون كميات ضخمة جدًا من الأموال كانت في خزائن البنك المركزي، بما فيها أموال هيئة التأمينات، وأيضا أموال المؤسسة العامة للتأمينات التابعة للقطاع الخاص، وفق مصادر تحدثت لصحيفة الشرق الأوسط، قائلة إن هذه المبالغ يُضاف إليها مبالغ الاحتياطي النقدي الأجنبي، وكذلك مبالغ مالية ضخمة كان يتم صرفها كرواتب للموظفين في القطاعين المدني والعسكري.
ومنذ عام 2018، تتوقف المليشيات الحوثية عن صرف رواتب المتقاعدين، وفي العام التالي أصدرت قرارًا بإلغاء العمل بنظام أذون الخزانة، ووضعت اليد على كل تلك الأموال، بما فيها أرصدة تجار وشركات، واعتبرتها ديونًا داخلية.
وتكشف المعلومات أن المليشيات الحوثية تواصل السيطرة على استثمارات الهيئة العامة للتأمينات وبخاصة في قطاع الاتصالات وفي مصنع السكر، وكذلك الحال مع أموال واستثمارات المؤسسة العامة للتأمينات، والهيئة العامة للبريد.
وتجني المليشيات الحوثية مئات الملايين من عائدات هذه الاستثمارات، وتنفقها على مجهودها الحربي وتمويل أنشطتها المذهبية التي تعرف باسم الدورات الثقافية التي يخضع لها كل الموظفين في المؤسسات، باعتبارها أساسًا للبقاء في الوظيفة.
إقدام المليشيات الحوثية على ارتكاب هذه الجرائم أمرٌ لا يثير أي استغراب، بالنظر إلى الباع الطويلة التي تملكها المليشيات في العمل على نهب أموال كافة القطاعات عملًا على تكوين ثروات ضخمة، باعتبار أن هذا الغرض هو أحد الأسباب التي تدفع الحوثيين لإطالة أمد الحرب.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المليشيات الحوثية وهي تتمادى في ارتكاب هذه الجرائم والاعتداءات فهي تضاعف من الأعباء الإنسانية في اليمن بشكل كبير، لا سيّما تفاقم حدة أزمة الفقر التي ضربت أغلب القطاعات، دون أن تتراجع المليشيات عن هذا الإرهاب الغادر.
ولعل سببًا رئيسيًّا في تفاقم الأعباء على السكان، هو التدمير الحوثي المنظم لكل مقومات الاقتصاد ونهبها المتكرر لجميع الموارد، وهو ما أدّى إلى حدوث انهيار كبير ومتسارع في قيمة العملة أمام العملات الأجنبية.
تزامن مع ذلك أيضًا حدوث ارتفاع كبير في الأسعار مع اختفاء المواد الأساسية وغياب الخدمات، ما ضاعف من معاناة السكان، وأسهم في تدني قدرتهم الشرائية، لا سيّما المتقاعدين الذين لا يملكون أي قدرة على تدبير احتياجاتهم ولوازمهم.
وكان تقرير أممي حديث قد كشف أن 66% من السكان بحاجة إلى المساعدة أو الحماية، منهم 12 مليون شخص بحاجة ماسّة إلى المساعدة، و16 مليون شخص يعانون من الجوع.
وأفاد التقرير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، بأن خمسة ملايين شخص يواجهون ظروفا طارئة في ظل الأزمة الإنسانية التي تعد الأسوأ في العالم.
وتوقع التقرير أن يزداد الوضع تدهورًا وتزداد شدة الاحتياجات خلال العام الجاري، ما لم تكن هناك تهدئة للصراع وتحسن الاقتصاد والتمويل ومكافحة فيروس كورونا، الذي فرض ضغوطا إضافية وأدى إلى سوء الخدمات الصحية مع انتشار أمراض أخرى مثل الكوليرا وحمى الضنك وغيرها.
في سياق متصل، صرح فيليب دوميل ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" في اليمن بأنّ نحو 2.3 مليون طفل دون سن الخامسة من المتوقع أن يعانوا من سوء التغذية الحاد هذا العام، فيما حذرت وكالات أممية من أن هذه الأرقام من بين الأعلى لمستويات سوء التغذية الحاد الوخيم المسجلة في اليمن منذ عام 2015.