انتخابات إيران تهز شرعية نظام الملالي في الداخل والخارج
يواجه النظام الإيراني أزمة وجودية كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية في 18 يونيو الجاري، وذلك بفعل حالة الغليان الداخلي التي يجابهها إثر تصاعد دعاوى مقاطعتها، وتيقن المواطنين من أنها محسوبة مسبقا لصالح التيار المتشدد الذي يعول عليه علي خامئني المرشد الأعلى لمنحه صلاحيات واسعة تضمن هيمنة السلطة الدينية على الدولة.
ووجه 231 ناشطًا مدنيًا وسياسيًا ينتمون إلى 50 مدينة و25 محافظة إيرانية، رسالة إلى الشعب، مطالبين إياه بمقاطعة هذه الانتخابات "حتى لا يستمر النظام المناهض للشعب"، واصفين الانتخابات بأنها "استعراض"، يخدم سياسة المتشددين الذين يدعمون بالأساس حماية المرشد وأتباعه، والذين كانوا سببا في الهزات الشعبية الداخلية التي تكررت مرات عديدة خلال السنوات الماضية وجعلت النظام القائم يترنح داخليا وخارجيا.
وذكر هؤلاء الناشطون، في رسالتهم، أن الغرض من مقاطعة هذه الانتخابات، هو انتقال غير عنيف وسلمي من نظام ولاية الفقيه إلى تحقيق "دستور ديمقراطي وعلماني قائم على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
ما يبرهن على عمق الأزمة التي يجابهها النظام الإيراني أن لجنة الانتخابات التي تتألف من رجال دين ويشرف عليها رأس النظام الإيراني، علي خامنئي، وافقت فقط على 7 مرشحين بأغلبية متشددة لخوض الانتخابات الرئاسية من أصل 590 مرشحا.
ينتمي جميع المقبول أوراق ترشحهم إلى التيار المتشدد وجرى استبعاد كافة الإصلاحيين من قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسية، ما يشي أن هناك رغبة في أن يكون هناك مزيدا من السيطرة الدينية والعسكرية على المجتمع بما قد يؤدي إلى حالة انفجار داخلية تقضي على الأخضر واليابس.
ويبدو أن من يشارك في سباق هو حصان واحد محسوب على المتشددين خاصة إبراهيم رئيسي أكثر المرشحين دعما من صفوف المتشددين ودعايتهم ، لكنه في نظر الشعب الإيراني متهم بقتل آلاف الإيرانيين، حيث شارك عام 1988 في إعدامهم بأوامر من المرشد آنذاك آية الله الخميني، حيث كان رئيسي واحدا من الذين وقّعوا على أحكام إعدام آلاف السجناء السياسيين.
المرشحين السبعة للانتخابات الرئاسية هم: سعید جلیلي، وإبراهیم رئيسي، ومحسن رضائي، وعلي رضا زاکاني، وسید أمیر حسین قاضي زاده هاشمي، ومحسن مهر علي زاده، وعبد الناصر همتي.
ومن بين الشخصيات الذين جرى استبعادهم، محسن هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس بلدية طهران، والجنرال سعيد محمد مستشار قائد "الحرس الثوري الإرهابي"، وعلي لاريجاني رئيس البرلمان في الفترة بين عامي 2008 و2020، ومحمود أحمدي نجاد الذي تولى الرئاسة بين عامي 2005 و2013. وقد سبق للأخير أن رفض طلب ترشحه للانتخابات عام 2017.
وتتوقع لجنة الانتخابات الإيرانية أن لا تزيد نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية، عن حاجز الـ40%، وذلك وفقا للاستطلاع الذي أجراه مركز الرأي العام للطلاب الإيرانيين، غير أن هذا الاستفتاء جرى قبل انطلاق العديد من دعاوى المقاطعة، ما يعني أن النسبة ستكون أقل من ذلك، ما يضع النظام الإيراني في ورطة حقيقية أمام المواطنين العازفين عن التعامل معه أو الاعتراف به.
ويتخوف نظام الملالي من تدني نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية إلى أقل من نسبة المشاركة في السباق البرلماني الذي جرى في فبراير لعام 2020، وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة قرابة 42%؛ وهي أقل نسبة مشاركة في تاريخ إيران، ما بعد الثورة عام 1979.
لا تشكل الانتخابات وحدها هاجسا للنظام الإيراني، لكنها عامل مكمل لحالة الغليان الشعبية الواسعة لأسباب معيشية بالدرجة الأولى طالت لقمة العيش بسبب الفقر وغلاء الأسعار والتضخم المالي وسياسات اقتصادية فاشلة، وإهدار أموال الدولة على تسليح وتمويل الميليشيات الإرهابية وتطوير الصواريخ العابرة.