الريال والعقوبات.. سيناريو انهيار النظام الإيراني في 2019

الأحد 6 مايو 2018 17:59:18
الريال والعقوبات.. سيناريو انهيار النظام الإيراني في 2019
متابعات

يحاول النظام الإيراني يائسا أن يسد بعبائته فجوات في السفينة التي خرقها بنفسه، لتتسرب إليها أزمات العملة المحتضرة، والغضب الشعبي، وعقوبات جديدة قد تجفف خزائنه، ليصبح أقرب من أي وقت مضى إلى الغرق، قبل أن يبلغ الذكرى الأربعين لاستيلائه على الحكم.
وقال تقرير لمجلة فورين بوليسي الأميركية إن الرئيس حسن روحاني يواجه أزمة حقيقية تحتاج فقط قرارا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أجل أن يضع مسمار "العقوبات" في نعش هذا النظام.

فعلى مدى الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2018 ، انهارت العملة الإيرانية فيما يشبه السقوط الحر، وارتفع الدولار بنسبة 37 في المائة مقابل الريال، وتسارع ذلك جزئياً بتعيين جون بولتون مستشاراً للأمن القومي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ودخلت إيران العام الجديد باحتجاجات واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد، تغذيها المظالم الاقتصادية للفئات منخفضة الدخل، وهو ما يلقي بظلال من الشك على استقرار النظام ويمارس ضغطاً نزولياً على الريال.

انهيار العملة

وحاولت طهران في فبراير ومارس كبح انخفاض قيمة عملتها وهروب رأس المال إلى الخارج، دون نجاح كبير، بسبب تزايد احتمال خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.

وفي التاسع من أبريل، وهو أول يوم لبولتون في العمل، قام الرئيس الإيراني حسن روحاني بإطلاق سلسلة من الخطوات الصارمة لوقف الأزمة.

فتبنى النظام أولاً سعر صرف موحد قدره 42 ألف ريال مقابل الدولار لكل من المعاملات الرسمية و السوق السوداء، وحظر روحاني ممارسة تداول العملات الأجنبية واقتنائها.

وأصبح تداول العملات الأجنبية الخاصة جريمة بشكل يشبه تهريب المخدرات.

واعتقلت قوات الأمن تجارًا لم يمتثلوا للأوامر، بينما يخاطر الإيرانيون الذين يقفون في طوابير طويلة لشراء الدولارات بالتعرض للسجن.

والأمر الأكثر صدمة أن البنك المركزي الإيراني منع الإيرانيين من الاحتفاظ بأكثر من عشرة آلاف يورو في أي وقت.

ويجب إعادة أي مبلغ محتفظ به على الفور إلى الحكومة، أو وضعه في حسابات مصرفية حكومية، مع العلم بأن النظام يمكن أن يجمد أو يصادر الأموال في أي وقت.

بالإضافة إلى ذلك ، أعلن روحاني أنه يمكن للإيرانيين شراء 1000 يورو فقط، مرة في السنة، قبل السفر إلى بلد آخر.

تحالف "الأغنياء والفقراء"

وبحسب فورين بوليسي، فإن قرارات روحاني ليست مجرد علامة على معاناة النظام من أزمة حادة، بل إنها اعتداء مباشر على طريقة عيش آخر المؤيدين لروحاني، وهي الطبقة فوق المتوسطة.

فالتدابير الصارمة تستهدف أولئك الذين يتطلعون إلى حماية ثرواتهم من خلال التحوط ضد الريال وأولئك الذين يتطلعون إلى الحصول على ما يكفي من المال للسفر إلى الخارج.

والسفر لمسافات طويلة بأقل من 1000 يورو، يجعل مغادرة البلاد تحديًا كبيرًا بالنسبة للأسرة الإيرانية متوسطة الدخل.

وفي عام 2009، خرج هؤلاء المواطنون الأكثر ثراء وتعليماً في طهران - الذين دعموا تقليدياً ما يسمى بالحركة الإصلاحية - إلى الشوارع للاحتجاج على الانتخابات الرئاسية التي خاضها الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد.

وساعد هؤلاء الأشخاص أنفسهم في عام 2013 روحاني في الظفر بالرئاسة، معتقدين ماتردد عن كونه "إصلاحيا" يقدر على تعديل النظام ونقله إلى القرن الحادي والعشرين.

وقد تخلت هذه الكتلة من الإيرانيين منذ فترة طويلة عن المتشددين، معتقدة أن بإمكانهم تغيير الدولة الاستبدادية من الداخل من خلال دعم مسؤولي النظام الأقل تشددا.

وبمجرد أن يتخلى هؤلاء الناس عن روحاني، لن يكون لديهم مكان آخر يذهبون إليه إلا باتجاه الناشطين المؤيدين للديمقراطية مثل شيرين عبادي، وشطب احتمالات تغيير النظام من الداخل. وعوضا عن ذلك، سيفضلون إسقاط النظام بالكامل.

والأهم من ذلك، أن هذه شريحة مختلفة من الجمهور الإيراني عن تلك التي بدأت تتدفق إلى الشوارع في أواخر ديسمبر 2017. وكانت الاحتجاجات الأكثر حداثة تضم الإيرانيين ذوي الياقات الزرقاء الذين يعيشون في معاقل تقليدية متشددة.

ويتعرض الملالي الآن لخطر رؤية تحالف بين الأغنياء الغاضبين من تقييد حياتهم ورغبتهم في السفر، والفقراء الغاضبين من ذهاب رواتبهم أدراج رياح العملة المنهارة والأسعار المرتفعة.

وبحسب المجلة الأميركية، قد يكون هذا التحالف المناوئ للنظام المفتاح لإنهاء حكم رجال الدين.

تقييد البنك المركزي

وفي سبيل استثمار هذه الأزمة، دعا التقرير إدارة ترامب إلى إنهاء تعليق العقوبات على إيران بموجب الاتفاق النووي، بما يعني عودة العقوبات على البنك المركزي الإيراني، مما يفاقم أزمة العملة.

ويمكن لذلك- بحسب التقرير- أن يفعل أكثر من مجرد منع المعاملات المالية مع البنك المركزي وإجبار مستوردي النفط الإيراني على تقليل مشترياتهم بشكل كبير، حيث سيجمد جميع الحسابات الخارجية للبنك، مما يحرم النظام من القدرة على الوصول بحرية إلى الاحتياطات أو تحويلها إلى نقد أجنبي.

ومع إغلاق سوق العملات الأجنبية، يبقى لدى النظام خياران الآن: دعم جميع الواردات بعملة أجنبية رخيصة مما يعني استنزاف احتياطياته من العملات الأجنبية، أو مواجهة النقص في السلع وعدم استقرار اجتماعي.

ويرجح التقرير أن تختار الحكومة الإيرانية الخيار الأول، ومع فقدانها لكل فرص الوصول إلى الاحتياطيات الأجنبية، سيؤدي ذلك إلى أزمة في ميزان المدفوعات يمكن أن تسقط النظام.

وهدد ترامب بالفعل بإعادة العقوبات على البنك المركزي الإيراني بحلول 12 مايو إذا لم يستطع المفاوضون الأميركيون والأوروبيون الاتفاق على طريقة لإصلاح الاتفاق النووي.

ورأى البعض أن لدى ترامب فرصة لفرض هذه العقوبات حتى بعيدا عن مفاوضات الاتفاق النووي، ويستند ذلك إلى دور البنك المركزي في دعم الرئيس السوري بشار الأسد، وإذا ما احتاج ترامب المزيد من الأسباب، فإن السبب التالي يكفي:"سيساعد ذلك الشعب الإيراني على وضع نهاية لنظام الملالي قبل حلول الذكرى الأربعين في فبراير 2019".