الأبعاد القانونية للأزمة الأوكرانية الروسية

كثير من التناولات الصحافية والمناقشات التلفزيونية؛ ناهيك عن كُتاب المقالات، أغفلوا الحديث عن الأبعاد القانونية للأزمة الأوكرانية الروسية؛ حيث انصب تركيز اهتمامهم على العقوبات الاقتصادية، والمخاوف من احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة، بجانب ما قد يتمخض عن الأزمة الراهنة من تغييرات كثيرة في موازين القوى العالمية. كدارس للقانون الدولي والعلاقات الدولية، رأيت أن بعض التصريحات والمواقف لأطراف النزاع الغربي والروسي، تستحق الوقوف أمامها وتحليلها، لما فيها من جوانب تثير الدهشة والنقاش؛ خصوصاً حين تصدر من قيادات بارزة من المعسكر الغربي، والتي جاءت من قِبَل رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، ومن وزير خارجية أميركا وأحد أعضاء الكونغرس الأميركي، والمتمثلة بالمطالبة بتجريد الاتحاد الروسي من حق النقض، بصفته واحداً من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي. بمعنى آخر: رغبة البعض -خلال الأزمة الحالية- في استخدام جميع الإمكانيات -حتى لا أقول الأسلحة- لممارسة الضغط على بوتين، وفي الوقت نفسه على روسيا كدولة، من أجل التخلي عن طموحاتها في استعادة -أو بالأصح تصحيح- الأوضاع التي آلت إليها روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفياتي في نهاية عام 1991. لعب الاتحاد السوفياتي دوراً رئيسياً عند تأسيس الأمم المتحدة عام 1945، بفرض قبول عضويته في المنظمة، وحصول جمهوريتين سوفياتيتين -وهما بالمناسبة أوكرانيا وبيلاروسيا- على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وبذلك أصبح الاتحاد السوفياتي ممثلاً بثلاثة مقاعد في الأمم المتحدة، بين عامي 1945 و1991.