قصة ومعجزة ليلة الإسراء والمعراج
تعتبر الإسراء والمعراج معجزة وآية من آيات الله، اختص بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ إكرامًا له وتثبيتًا لقلبه الشريف.
قصة الإسراء والمعراج مختصرة
أراد الله سبحانه وتعالى أن يُكرّم نبيه محمد ﷺ، ويخفف من آلامه ويواسيه ويثبت قلبه، فكانت هذه الحادثة التي أشار بها إلى عظمة القدس والمسجد الأقصى.
ولم يُرد الله سبحانه وتعالى أن يكون المعراج مباشرةً من مكة إلى السماء، وإنما اختار أن يكون من صخرة بيت المقدس، حتى يعرف المسلمون والناس أن القدس بلد عظيم مقدس عند المسلمين.
لذلك تعتبر حادثة الإسراء والمعراج أعظم ما مرّ في تاريخ القدس، وفيها نزلت الآيات الكريمات: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ".
وفي تلك الليلة، جاء سيدنا جبريل عليه السلام إلى النبي ﷺ، وهو متوسّد في حجر إسماعيل عند الكعبة، فأيقظه لتبدأ الرحلة العظيمة، وكان معه عليه السلام دابّة "البراق"، فرقى رسول الله ﷺ البراق، وانطلق بصحبة جبريل عليه السلام إلى بيت المقدس.
ولما دخل النبي ﷺ وجد اجتماعًا هو أعظم اجتماع جرى على ظهر الأرض، فقد أحيا الله الأنبياء والمرسلين، وصلى الأنبياء والمرسلون جميعًا في هذا المكان، وكان إمامهم المصطفى المختار محمد بن عبد الله عليه وعليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم، فكانت أعظم صلاة في التاريخ، بأعظم إمام وأعظم مأمومين.
وبعد ذلك صعد النبي ﷺ مع جبريل عليه السلام إلى السماء الدنيا فإذا هي دخان، فطلب جبريل الإذن فقيل: مَن أنت؟ قال: جبريل، قيل: مَن معك؟ قال: معي محمد، ففتح الباب وقيل: لم أؤمر أن أفتح لغيره، فدخل وشاهد الملائكة وعجائب خلق الله فيها، ورأى فيها رجلًا طويلًا -ستون ذراعًا في السماء- وحوله سواد عظيم، فإذا التفت إلى يمينه ضحك، وإذا التفت إلى شماله بكى، فتعجّب رسول الله ﷺ وسأل جبريل، فقال: هذا أبوك آدم وذريته، فعلى يمينه أهل الجنة وعلى شماله أهل النار.
معجزات ليلة الإسراء والمعراج
جاءت معجزة الإسراء والمعراج في ظروف دقيقة وحرجة؛ إذ تعرض الرسول صلى الله عليه وسلم قبلها لمحن كثيرة؛ حيث أغلقت قريش الطريق في وجه دعوته في مكة، وأحكمت الحصار حولها، وفقد النبي صلى الله عليه وسلم عمه الشفيق أبا طالب.
وتجرأ المشركون عليه، وفقد زوجه الحنون خديجة رضي الله عنها، وحوصر ثلاث سنوات في الشِعب، وما صاحبه من جوع وحرمان، وما ناله في الطائف من جراح وآلام، ومع ذلك كله ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم ماضيًا في طريق دينه ودعوته، صابرًا لأمر ربه؛ فجاءت رحلة الإسراء والمعراج مكافأة ومنحة ربانية، على ما لاقاه من آلام وأحزان في سبيل إبلاغ دينه ونشر دعوته.
وقد وقعت معجزة الإسراء والمعراج يقظة بجسده وروحه صلى الله عليه وسلم، ولهذا استعظم كفار قريش ذلك، فلو كانت المسألة منامًا لما استنكرته قريش، ولما كان فيه شيء من الإعجاز.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس، ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل اخترت الفطرة.
ثم عُرِجَ بالنبي صلى الله عليه وسلم بصحبة جبريل إلى السموات العلا، ولقي في كل سماء من الترحيب ما تقر به عينه، ثم رُفع صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهى، فأوحى الله إليه ما أوحى، وفرضت عليه الصلاة.
وعاد النبي إلى مكة من ليلته، وحينما أخبر قومه برحلته، وبما رآه من آيات ربه، اشتد استغرابهم وتكذيبهم له، وذهب بعض المشركين إلى أبي بكر رضي الله عنه وقالوا له: إن صاحبك يزعم أنه أُسري به إلى بيت المقدس، فقال أبوبكر رضي الله عنه: إن كان قال فقد صدق.