خبراء: العالم لن يقف عند إنتاج تريليون واط ـ ساعة من الطاقة المتجددة
نجحت شركات الطاقة المتجددة حول العالم هذا العام في إنتاج تريليون واط ساعة من الطاقة المتجددة الشمسية والريحية. مع ذلك يقول الخبراء الألمان إن إجمالي هذا الإنتاج قد يغطي احتياجات العالم الطاقوية للأعوام الخمسة القادمة لا أكثر.
ومقابل شركات التكنولوجيا التي وصلت رسملتها السوقية إلى أكثر من تريليون دولار لا يستبعد هؤلاء أن تصل هذه الرسملة لدى شركات منتجة للطاقة المتجددة إلى نفس السقف الذي حققته بنجاح شركات التكنولوجيا على المدى المتوسط.
وفي هذا الصدد تقول ايرين تروكسلر الخبيرة الألمانية في مجال إنتاج الطاقة المتجددة، إن إنتاج التريليون واط ساعة (وحدة قياس الطاقة الكهربائية وهي الطاقة التي تبذلها قدرة واط واحد في ساعة) من الطاقة المتجددة حصل في النصف الأول من العام الجاري. وفي هذا السياق تم استثمار 2.3 تريليون دولار.
وبرأيها من أجل إنتاج تريليون واط ساعة إضافي من الطاقة المتجددة يكفي استثمار 1.23 تريليون دولار، أي نصف ما تم استثماره دوليا حتى نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي. وتعزي تراجع القيمة الاستثمارية هذه إلى سببين، تراجع أسعار الألواح الشمسية من جهة، وما آل إليه التطور التكنولوجي إلى هندسة أعمدة تحمل عنفات هوائية وتوربينات من الجيل الجديد تزيد قدرات منشآت الطاقة الريحية من جهة أخرى.
إلا أنها تضيف قائلة: «في الحقيقة لن يكون إنتاج تريليون واط ساعة من الطاقة المتجددة الرقم القياسي الأول والأخير. فالانتقال التدريجي إلى استعمال الطاقة المتجددة سيكون زخما بالأحداث والإنجازات في الأعوام القادمة. كما ينبغي على المجهّزين تحسين منشآتهم الإنتاجية الطاقوية على أساس قاعدة جديدة معروفة باسم عامل القدرة». يقيس هذا العامل سواء درجة فاعلية المنشأة أو المصنع في توليد الطاقة الكهربائية أو الوقت المستهلك لإنتاجها.
وتختم: «في الوقت الحاضر يبلغ معدل «عامل القدرة» لدى منشآت إنتاج الطاقة الريحية 34 في المائة حول العالم. ما يعني أن هذه المنشآت تعمل نحو 8 ساعات يوميا فقط. في حين تتوقف توربيناتها عن العمل نحو 16 ساعة يوميا. وفي حالات استثنائية يصل «عامل القدرة» إلى 60 في المائة لدى بعض الشركات الكبرى.
أما فيما يتعلق بمنشآت إنتاج الطاقة الشمسية فيتراجع «عامل القدرة» على نحو لافت. على سبيل المثال فإنه يصل إلى 10 في المائة في بريطانيا و19 في المائة في الولايات المتحدة الأميركية و20 في المائة في ألمانيا و24 في المائة في صحراء «أتاكاما» في التشيلي. ما يحض بعض الشركات على تفضيل قطاع الطاقة الريحية عن نظيرتها الشمسية تفاديا لزيادة رؤوس الأموال الاستثمارية».
من جانبه يشير الخبير الألماني بول أمّان إلى أن المعدلات التي يسجلها «عامل القدرة» ستتحسن بدورها تدريجيا في موازاة تحسن واضح في عمل منشآت الطاقة المتجددة على سائر أنواعها. إذ أن قطاعها أبصر النور مطلع هذا القرن وينتظره درب طويل. وعلى صعيد ألمانيا فإن 90 في المائة من منشآت الطاقة المتجددة الكبرى قادرة على تأمين الطاقة لفترة زمنية لا تتجاوز عشرة أعوام. أما ما يتبقى منها فبإمكانه إنتاج الطاقة وبيعها في الأسواق لفترة لا تتخطى أربعة إلى خمسة أعوام فقط.
ويضيف أمّان أن ألمانيا مع دول أوروبية أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا ستكون قادرة على تخفيض نسب ثاني أكسيد الكربون السام في الجو حتى العام 2020 بفضل طاقاتها الإنتاجية المتجددة سوية مع سياسات الحوافز المالية السخية التي قدمتها حكومات هذه الدول إلى الشركات العاملة في هذا المجال.
ومع أن أوروبا سوية مع الولايات المتحدة الأميركية روجت مفهوم الطاقة المتجددة عالميا، إلا أن كبار المجهّزين هم اليوم في القارة الآسيوية، حيث يوجد هناك 44 في المائة من إجمالي منشآت الطاقة الريحية و58 في المائة من إجمالي منشآت الطاقة الشمسية.
ويختم الخبير القول: «تمثل الطاقة المنتجة من الرياح نحو 54 في المائة مما أنتجه العالم حتى اليوم من طاقة متجددة، أي تريليون واط ساعة، أما فيما يتعلق بإنتاج كمية مشابهة لها مستقبل فستكون للطاقة المنتجة من الشمس التي تنمو حاليا بوتيرة تصاعدية حصة الأسد في كل من الصين والهند».