كهرباء عدن  علم سيري

الاثنين 13 أغسطس 2018 19:29:45
كهرباء عدن  "علم سيري"
قسم التحقيقات - المشهد العربي

كهرباء عدن  " علم سيري "

قسم التحقيقات : المشهد العربي " خاص "

تصاعدت وتيرة الاحتجاجات الشعبية بعدن خلال الأسبوع الحالي بسبب تردي الوضع الاقتصادي للسكان وغياب الخدمات الأساسية بالإضافة إلى  الانقطاعات المتكررة لخدمتي الماء والكهرباء وأزمة ارتفاع قيمة الوقود متزامنة وغياب  الرواتب عن شرائح واسعة في محافظات الجنوب ؛ المتقاعدين العسكريين أنموذجاً  .  

 

الحكومة الشرعية التي بدت  عاجزة تماماً عن القيام بإجراءات حقيقية تحد من فكفكة أزماتها المتراكمة وأحدثها  تدهور سعر الريال أمام بقية العملات الأجنبية يزيد الطين بلة وينعكس طرديّاً  على حياة المواطن البسيط خاصّة فيما يتعلق بقطاعي المواصلات والاتصالات ناهيك عن  ضعف القيمة الشرائية للسلع الأساسية المرتبطة بحياة الناس اليومية .

 

 

مراقبون محليون يرون بأن الغليان الشعبي الذي توسعت رقعته إلى المدن والبلدات المحيطة بعدن على شكل احتجاجات شبابية تخللها قطع للطرقات كما حدث أمس الأول في مديرية حالمين التابعة لمحافظة لحج سيتصاعد لا محالة  .

 

الكهرباء معاناة لا تنتهي  :

 

باتت مشاهدة عدة شوارع رئيسة في عدن  تُغّلقُ لساعات طويلة من قبل شبان غاضبون يقومون خلالها بإشعال الإطارات الحارقة ووضعها وسط الطريق، متسببة بعرقلة حركة المرور بالمدينة شديدة الحرارة صيفاً، أمرا اعتياديّا ؛ و في حين، تكتفي الأجهزة الأمنية في عدن برفع بقايا الإطارات المشتعلة لفتح الطريق بعد انصراف المحتجين، متجنّبة الاصطدام معهم تصرف مسؤول يقول قادتها بأنهم يتفهمون جيدا الوضع الصعب الذي وصلت اليه الحالة المعيشية للناس معتبرين بأن ذلك يعد تنفيسا طبيعيا لمشار الغضب لدى الأهالي في عدن وهم جزء أصيل منهم .

 

 

الصحة المتضرر الأكبر :

الطواقم الطبية هي الأكثر تضرراً جراء تردي خدمة الكهرباء وانقطاعها لساعات طويلة، حيث تزداد معاناة المرضى المصابين بالربو وارتفاع الضغط والسكر ، خاصة من كبار السن والأطفال.

 

مسؤول الخدمات الطبية في مستشفى الجمهورية، قال لـ«المشهد العربي»، إن عدد من المرضى تسوء حالتهم بارتفاع درجات الحرارة، ويتسبب انقطاع الكهرباء عن المستشفى بحالة إرباك كبيرة خاصة عن الثلاجات المركزية لحفظ جثث الموتى.

 

الشاب  هاني البدوي، من أبناء حي المعلا، قال في حديث مع " المشهد العربي " إنه تمكن  خلال الأعوام  الماضية  من إقناع الشباب في الحي بعدم قطع الطريق تقديراً لشخص محافظ المدينة ،حينها اللواء " عيدروس الزبيدي"  ولمعرفته بأن «جهات في الحكومة الشرعية كانت تسعى بشتى الطرق والأساليب الى إفشاله لأنه حامل للمشروع الوطني الجنوبي»، لكنه أضاف: «اليوم لم نعد نستطيع ثني المراهقين من أبناء الحي عن قطع الشوارع التي نحن أول من يتضرر منها»، مستدركاً «غير أن الكي هو آخر مراحل العلاج».

وتابع ناصحاً: علّ «التحالف» أن يكف  «أيادي سفهاء الشرعية» عن التمادي في غيّهم وحثهم على القيام بدورهم، أو إعلان فشلهم لكي نلجأ إلى الخيارات الممكنة حينها وفي جعبتنا منها الكثير .

 

خيارات "هاني" التي يريد اللجوء إليها، لن تقدّم حلولاً سحرية كما يرى المحامي، وليد الماس، من أبناء كريتر  « فدول التحالف من وجهة نظر الكثير من أبناء عدن والجنوب هي من يحول بينهم وبين الحكومة الشرعية التي يحميها التحالف وبات اليوم مطالب بإيضاح موقفه منها أمام الناس .

 

وأكد الماس  أن «الكثير من المواطنين في الجنوب يعتقدون بأن التحالف العربي يجب أن يكون صوته مسموعا حيال ما يحدث ،في عدن ». ويستطرد المحامي وليد، بالقول إن «التحالف يعلم كل صغيرة وكبيرة بعدن وهو من يدعم - من وصفهم - بمخلفات علي عبد الله صالح التي جاء بها التحالف إلى " معاشيق " مع علمه المسبق  بفسادها  ».

 

لاشرعية للشرعية :

 

النبرة الغاضبة سمة حديث الناس بعدن ضد الحكومة الشرعية ، التي هاجرت  إلى الرياض لـ 3 سنوات خوفاً من غضب الناس، «لأنها لم يعد لديها ما تفعله»، كما تقول المؤشرات على الأرض.

 

عجز يخشى قيادي في «الحراك الجنوبي» أن يؤدي إلى انفلات أمني وفوضى عارمة، الخاسر  الأكبر فيها ستكون المدينة المسالمة عدن، قائلاً لـ«المشهد العربي»، إن «الشرعية لاشرعيّة لها في الشارع إلا على ورق الأمم المتحدة ، وقادم الأيام حبلى بالمفاجآت التي لا تسر أحداً»، بهذا التوقع المتشائم أنهى القيادي في «الحراك الجنوبي إبراهيم علي » حديثه .

 

محافظ عدن الجديد بالوكالة " أحمد سالمين " يبدو الغائب الأبرز في المعادلة فالخطاب في الشارع قد تعداه الى " معاشيق " هناك حيث يجلس وزراء الحكومة الشرعية دون حراك .

 

 توقيع الرئيس هادي مؤخرا اتفاقية إنشاء محطة كهربائية بعدن مع شركة " جنرال ألكترك " لم يبث الطمأنينة في نفوس الأهالي في ظل تسريبات  تحدثت عن  : إن الاتفاقية صورية ولا وجود لها في أرض الواقع تسريبات لا تدعمها وثائق أو شهادات جهات مسؤولة .

 

الأستاذة هناء معلمة ثانوي " تقول بأنها منذ أكثر من عام عجزت عن شراء شاحن كهرباء يعمل بالبطارية ليساعدها وأبنها الوحيد طالب جامعي على تحمل حرارة الصيف اللاهب في مدينة عدن براتبها الذي لا يتعدى ال75 ألف ريال " 120 $ تقريباً  ؛ حيث أن منزلهم الكائن في مدينة التواهي محاط بمبان عالية ما يضاعف من درجة حرارته وقت الانقطاعات المتواصلة للكهرباء ما يطرها في أيام كثيرة اللجوء الى سطح شقة  جيرانها بحثا عن نسمة هواء تنعدم غالبا وقت الظهيرة تحديدا حين تكون الشمس عمودية  ودرجة رطوبة الجو لا تطاق .

 

مشاف بعدن قالت لمحررة "المشهد العربي" إنها تستقبل العديد من مرضى الربو والسكر من كبار السن والأطفال تأثروا بارتفاع درجة حرارة الجو العالية في عدن .

 

دور إماراتي :

المهندس نبيل الذي يعمل في محطة الحسوة أوضح لـ  " المشهد العربي " إن مشاكل كهرباء عدن كبيرة ومتشعبة يعود تاريخ بعضها إلى فترة ما قبل الحرب ؛ وهو يعتقد بأن التوسع العمراني وزيادة عدد السكان في عدن ومحيطها وشراء المواطنين لمكيفات الهواء التي تستهلك غالب  الطاقة التوليدية : عوامل رئيسة ساهمت إلى حد بعيد في تردي خدمة الكهرباء  في عدن مضاف إليها غياب الصيانة للشبكة المنشأة أبان  حقبة الاستعمار البريطاني .

 

يتابع المهندس نبيل " قد يستغرب البعض لو علم  " أن عدن ظلت طوال  سنوات ما قبل الحرب بدون كهرباء حيث أن اعتمادنا الرئيس كان على محطة مأرب الغازية , ويتذكر المواطن بعدن كيف أن إعطابها كان يتسبب في انقطاع الخدمة عن محافظات جنوبية بينها عدن لساعات طويلة .

 

يستطرد " اندلعت الحرب وتسببت في انقطاع التيار القادم من مأرب إلى عدن وضع أدخلنا في مشكلة حقيقية ولو لم تتدخل دولة الإمارات العربية المتحدة وتدعم قطاع الكهرباء في عدن لكان الوضع اليوم سيء جدا الى درجة كبيرة ؛ فغالب المحطات العاملة اليوم في عدن تتحمل الإمارات تزويدها بقطع الغيار والزيوت الضرورية بل ورواتب العمال كما أن اللواء "عيدروس الزبيدي " حين كان محافظا لعدن تحمل دعم قطاع الكهرباء وشراء الوقود في أوقات كثيرة على الرغم من محاولة جهات حينها تسييس هذا الملف لأغراض خبيثة .

 

ويضيف المهندس نبيل " محطة شيناز في خور مكسر خرجت عن الخدمة في شهور الحرب الأولى فأعادت الإمارات تأهيلها ودعمتها وقدمت كذلك عدد آخر  من المولدات الجديدة هي إلى الآن تلعب دوراً محوريّاً في بقاء الخدمة متوفرة وإن بالحد الأدنى .

 

يختتم المهندس نبيل حديثه للمشهد العربي " بالقول : هناك فساد واضح في إدارة الكهرباء وغياب ملحوظ للوزير ونوابه والوكلاء هناك محاباة وتوظيف إعلامي لمشكلة الكهرباء في عدن يسهم أيضا في بقاء وضعها كما هو حالها اليوم لربط  أطراف مسؤولة في الحكومة الشرعية  استقرارها بمترتبات أو ترتيبات  سياسية  واهمة .