بقلم إخواني.. خطاب «هادي» هاجم الجنوب لتزييف التاريخ

الأحد 14 أكتوبر 2018 19:01:09
 بقلم إخواني.. خطاب «هادي»  هاجم الجنوب لتزييف التاريخ
خاص

رأي المشهد العربي 

عندما تصل سدة الحكم وتجلس على عرش دولة تعاني ويلات الحرب، لزاماً عليك أن تكون رئيسا لجميع المواطنين، لكن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، خالف أول قواعد السلطة وهي احتواء جميع فصائل المجتمع، فبدلاً من الاعتراف بفشله في القضاء على مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران وتقييد جماعة الإخوان المتمثلة في حزب الإصلاح من حكومته، ركز خطابه بمناسبة الذكرى الـ 55 لثورة الـ 14 من أكتوبر المجيدة، على مهاجمة أهل الجنوب الذين وحدهم وبسواعد أبنائهم حرروا جميع المحافظات الجنوبية من مليشيا إيران.

وتجاهل الرئيس اليمني في خطابه عن قصد، الحديث عن حزب الإصلاح الإخواني الذي سلم جميع محافظات الشمال في اليمن لمليشيا الحوثي الانقلابية، وتناسى كل تضحيات الجنوبيين في سبيل وطنهم المحتل وما فعلته الجماعة الإرهابية بحق الشعب الجنوبي عام 1994 عندما قتلوا الآلاف من المدنيين والعسكريين، بل استمروا حتى اليوم في التحريض على تكفيرهم وقتلهم، دون أي إدانة من هادي.

الجنوبيون ليسوا  كالحوثيين

بدأ عبدربه منصور هادي، خطابه عبر قناة اليمن الحكومية، موجها سهامه باتجاه الجنوبيين، قائلا: «لن أسمح على الإطلاق باقتتال الجنوبيين فيما بينهم وأن ما يجري في صنعاء لن يتكرر في الجنوب.. ما يحدث في صنعاء حالياً هو محاولة الحوثي أن يعيدنا إلى نقطة الصفر، وهناك في المحافظات الجنوبية أيضا من يريد أن يقودنا إلى نفس الوضع»، في إشارة منه وهي ليست بمحلها على الإطلاق في تشبيه أهل الجنوب المناضل بفئة قاتلة قفزت وانقلبت على السلطة في أواخر 2014، وتغافل في مقارنته غير السوية أن الجنوبيين حرروا محافظاتهم من الحوثيين المدعومين من إيران.

وتطرق الرئيس اليمني في خطابه، للحديث عن الأوضاع الاقتصادية مستعطفا الشعب الذي يعاني الأمرين «الحرب والجوع» في آن واحد، دون تحديد أي آلية عن كيفية التخلص من الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران أو النهوض بالاقتصاد الذي دمرته حكومة أحمد عبيد بن دغر من ناحية ومليشيا الحوثي من جهة أخرى، قائلا: « أريدكم أن تتحملوا وأن تصبروا، لأن الأزمة الاقتصادية وضرب الريال كانت مرتبطة بإسقاط الشرعية من خلال الحرب أو تسقط اقتصاديا».

واستمر في الحديث عن مساوئ الحوثيين وبداية انهيار الاقتصاد الوطني دون التطرق إلى دوره أو مهام حكومته في عبور اليمن الجريح من تلك الأزمة، قائلا: « إنني أشعر بمعاناتكم وما يصير اليوم من بعد انخفاض قيمة الريال، لأن الحوثيين كانت لديهم ترليون وأربعة مائة مليون ريال استولوا عليها كانت احتياطي البنك المركزي وخمسة مليار ومئتين مليون من العملة الصعبة نهبوها من البنك المركزي وخزنوها في كهوف صعدة، وحولوا كثيرا من تلك المبالغ التي سرقوها من الاحتياطي ليشترون بها العملة الصعبة من أجل سقوط الريال أمام الدولار».

الجنوب ليس «باعوم»

واتهم الرئيس اليمني في خطابه البائس، الجنوبيين بتلقي تمويلات من إيران! في إشارة منه إلى القيادي الممول من إيران وقطر «فادي باعوم»، وبقدرة قادر اختزل الجنوبيين المناضلين، في قيادي تموله إيران لتحقيق المخطط الفارسي في المنطقة، رغم أن أهل الجنوب لم ولن يسمحوا بعودة أي عميل أو انقلابي للعبث في المحافظات الجنوبية، وما حدث في المليشيا الحوثية خير رد على اتهامات «هادي» الباطلة، لأن الجنوبيين وحدهم من حافظوا على ثروات بلادهم، وهو ما يفتقده الشمال حتى يومنا هذا.

خطاب بقلم إصلاحي

واستمر الخطاب في توزيع التهم على الجنوبيين، وكأن الرئيس اليمني عندما قرر أن يُلقي كلمة بمناسبة ذكرى انتصار، خرج عن النص وركز في مجمل حديثه على الجنوبيين وكأنهم أعداء الوطن، وهو ما يؤكد أن هناك ترتيبا واتفاقا غير معلن مع حزب الإصلاح الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية، وما يعيد للأذهان التربيطات الخفية التي كانت بين الرئيس السابق علي عبدالله صالح وتلك الجماعة منذ نشأة الحزب، وبذلك يسير عبدربه منصور هادي على خطى علي عبدالله صالح.

وتزامن خطاب الرئيس اليمني، بعد يومين من فتوى القيادي الإخواني عبدالله صعتر، الذي طالب في فتواه التحريضية على قناة سهيل الإصلاحية، بقتل أهل الجنوب، وتحدث عبدربه منصور هادي بنفس اللهجة الانتقامية التي ذكرها «صعتر»، وكأن هناك عامل مشترك بينهما، وهو أن الذي يمتلك زمام الأمور ويحرك كل شيء في اليمن حزب الإصلاح، عطفا على ذلك فأن صيغة الخطاب ممهورة بإمضاء إخواني، ما يعني أن الخطاب ليس لذكرى النصر بل كان موجها لفئة بعينها كشفت آلاعيب «تجار الدين» وماذا يريدون من الجنوب الذي رفض تسليم المحافظات للحوثيين أو التفريط في ثروات البلاد.

هادي يخشى تصاعد مطالب الجنوبيين

وواصل عبدربه منصور هادي، في خطابة، الإشارة إلى أهل الجنوب، وإلقاء التهم دون دليل واحد، عندما قال: « في 2012 طالبت إيران أن ترفع يدها من اليمن، واليوم نقول لكل من يدعو للعودة للماضي من خلال إحياء النعرات المناطقية ستعرفون أن العودة للماضي لن تجلب لكم غير الندم».

وهناك دلالة كبيرة يخشاها الرئيس اليمني في حديثه، وهو تصاعد وتيرة مطالبات الجنوبيين بالاستقلال ما يؤكد ضمنيا أن «هادي» يعرف أن الجنوب لديه قضية لكنه لم يرفع من وتيرتها حتى اللحظة، وهو ما يعرفه «هادي» بأن الجنوبيين متماسكون فيما بينهم، وهو ما يخشاه الرئيس اليمني، خصوصا تلبية جموع الشعب الجنوبي لكافة الدعوات التي يطلقها المجلس الانتقالي الجنوبي، والتي كان آخرها، إقرار الهيئة الرئاسية للمجلس الانتقالي الجنوبي، منذ يومين، بعدم تنظيم فعالية مركزية في الرابع عشر من أكتوبر، نظرا للأوضاع المعيشية والإنسانية الصعبة التي يشهدها الجنوب ويعانيها أبناؤه، في كل المحافظات، نتيجة الانهيار الاقتصادي الكبير وانهيار العملة المحلية وغيرها من صور الانهيار الناتجة عن الفساد الحكومي والسياسات الاقتصادية الكارثية، وهو ما حدث فعليا وغابت الحشود الغفيرة عن المشهد ولم تخرج للاحتفال رفضًا للأوضاع المعيشية وتلبية لدعوات المجلس الانتقالي.

وكانت الهيئة الرئاسية، الخميس الماضي، قررت تسخير أي إمكانيات متوفرة لإقامة الفعالية لدعم أنشطة المجلس الإغاثية والإنسانية التي تستهدف آلاف الأسر المحتاجة في العديد من محافظات الجنوب، كما أقرت هيئة الرئاسة البقاء في حالة انعقاد دائم للوقوف أمام تطورات الأوضاع في العاصمة عدن ومدن الجنوب كافة واتخاذ المعالجات والتدابير اللازمة بشأنها.