من خلال قطر..الأطماع التركية تظهر بالمنطقة العربية

الاثنين 12 نوفمبر 2018 07:07:23
من خلال قطر..الأطماع التركية تظهر بالمنطقة العربية

 

قال الدكتورسالم حميد مدير مركز مزماه للدراسات والبحوث - بجريدة العرب اللندنية - إن التصريحات التي أطلقها نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي مهدي أكار غير صادمة ، والخاصة بوضع قطر تحت السيطرة التركية المطلق، بل إن ما قاله ينطبق حرفياً على قطر التي سلمت بالفعل سيادتها للنفوذ التركي بسهولة وبشكل عملي مباشر، وذلك منذ أن وطأت أقدام الجنود الأتراك أرض قطر، بالتزامن مع إصرار الدوحة على الانسلاخ عن البيت الخليجي، ومنذ أن وقعت في فخ رفضها القيام بأي جهد للتخلي عن دعمها للمجموعات والمنظمات الإرهابية والتخريبية التي لم تبخل عليها بالمال والإعلام والإيواء،الأمر الذي أوصلها إلى تسليم سيادتها لتركيا وإيران ولمجموعات الإسلام السياسي التي تتحكم بشكل كامل بنهج قطر الإعلامي ومواقفها الخارجية، وصولا إلى حقائبها الدبلوماسية التي تشحنها وهي محملة بالأموال الطائلة لدعم منظمات وجهات متطرفة هنا وهناك.

أوصلت تصريحات مهدي أكار رسالة تركية تكتظ بالعنصرية والهيمنة الاستعمارية تجاه العرب،فكل سطر من كلامه بحاجة إلى تحليل وتأمل للكشف عن المزاج التركي المتعالي الذي لا ينافسه سوى المزاج الإيراني الطائفي ،ومما تم نقله على لسان أكار قوله إن العرب لا يستطيعون أن يديروا شؤونهم بنجاح، لهذا كانوا دوماً تحت سيطرة دول أخرى، ثم قام بالبناء على تلك الفرضية التي اختلقها ليرى جازماً حسب زعمه أن تركيا ما زالت هي الخيار الأقرب والأنجح لقيادة شؤون العرب! وتلميحاً إلى وقوع الدوحة في الفخ التركي ذهب إلى القول إن هناك بعض الدول العربية التي باتت تسلم بأن تركيا ما زالت هي الخيار الأقرب إلى قيادة شؤون العرب.

بعد هذا المنطق الاستعماري المستفز لا يمكن لأي عربي عاقل إلا الحذر وعدم الوقوع في الفخ التركي كما حدث لقطر. ومن المؤسف أن تصبح قطر بعد هذه التصريحات مجرد نموذج لدولة غنية ماليا لكنها فاشلة سياسيا ، بدليل أن هناك من تجرأ على اعتبارها تحت سيطرته.

تصريحات أكار كانت صفعة لقطر أكثر من غيرها، وتأكيدا لما تطرحه الرؤى الاستراتيجية العربية والخليجية المحذرة والمستيقظة للأطماع التركية، والتي ترى أن الانفتاح على تركيا ينبغي أن يكون مسيجاً بوضع حد لأي أطماع تركية تحاول أن تعيد استنساخ الهجمة العثمانية على المنطقة باسم الخلافة،لأن الماضي القريب للنفوذ التركي العثماني على المنطقة العربية لم يكن ورديا، بل كان همجياً ومتخلفاً إلى أقصى الحدود، وكانت التحذيرات الخليجية للجارة المتهورة من الاستسلام للنفوذ التركي تترافق مع دعوتها للعودة إلى البيت الخليجي، لكن الدوحة قررت أن تجعل من نفسها فاتحة لشهية الأطماع التركية في المنطقة العربية. وعلى هذا المنوال وبناء على الخلفية التاريخية العثمانية التي لا تزال تداعب أذهان الساسة الأتراك، جاءت التصريحات التي تعتبر العرب كلهم مثل القيادة القطرية التي هرولت باتجاه تركيا، وذلك بهدف الهروب من الانسجام السياسي والثقافي والأمني مع محيطها الخليجي والعربي الواسع.

 

أرادت قطر أن تنتهج الانحياز الرسمي والإعلامي والمالي إلى جانب تيار الإسلام السياسي ومشروعات الفوضى الهدامة في المنطقة، وهذه هي خصوصيتها التي لا تبعث على أي فخر أو ذكاء، ولذلك تخفيها عن شعبها وتدعي أنها تعيش حالة من المظلومية والمقاطعة غير المبررة، بينما اتخذت دول المنطقة قرارات جماعية لحماية أمنها وسيادتها من التطفل القطري الذي يستخدم أذرع الإرهاب وخلاياه وبرامجه التفكيكية التي تحاول هدم واستئصال أمن واستقرار الشعوب وشرعية حكامها، تحمي قطر نفسها بالنفاق والإنفاق السخي على جماعات التطرف التي تتسلق باسم الدين لكي تحقق أهدافها وتطلعاتها التسلطية القائمة على الرغبة في نهب وتوظيف ثروات الخليج لصالح مشروع التمكين السياسي لتيار استغلال الدين.