رسائل تظاهرات شبوة تتخطى ردع الإصلاح
رأي المشهد العربي
شهدت مدينة عتق بمحافظة شبوة، اليوم الاثنين، تظاهرات عارمة ضد مخططات الإصلاح في المحافظة، في خطوة من شأنها أن تفوض قوات النخبة الشبوانية لحفظ الأمن وضمان الاستقرار، لكن إذا نظرنا بتمعن إلى رسائل تلك التظاهرات فإنها بالتأكيد تتخطى مسألة الوقوف أمام مؤامرات الإصلاح وعلي محسن الأحمر، وتحمل إشارات أخرى أكثر عمقا ترتبط بوحدة الجنوب والدعم الشعبي غير المحدود لاستعادة الدولة، ما يجعل المتآمرين يفكرون ألف مرة قبل الإقدام على الوقوف أمام تلك الخطوة.
مظاهرات شبوة ومن قبلها جزيرة سقطرى عبرت بشكل أساسي عن التلاحم ما بين المجلس الانتقالي الجنوبي وبين مواطني الجنوب، وأكدت الاستجابة الكبيرة لطلب الانتقالي بالتظاهر السلمي، أن هناك قناعة بأدواره وأهمية تحركاته الداخلية والخارجية في سبيل استعادة الدولة، وأنه الوعاء الأساسي والأكبر لمحافظات الجنوب والذي يلتف المواطنون حوله من أجل تحقيق هدفهم الأسمى.
وكذلك فإن تلك التظاهرات وجهت رسائل شديدة الحدة إلى الشرعية بأن الاقتراب من الجنوب عواقبه وخيمة، وأن التعويل على الانقسام والقدرة على اختراق المواطنين وترويج شائعات لا أساس لها من الصحة لن يأتي بنتائج في ظل الاتفاق على هدف استعادة الدولة وطرد الحوثي والإصلاح، وكذلك فإن التظاهرات أكدت للشرعية أن شعبيتها تكاد تكون منتهية ولا وجود لها، بعد أن أضحى ضعفها في مواجهة المليشيات الحوثية واضحا للجميع، وأنه عليها أن توجه دفة اهتمامها لمحافظات الشمال أولا.
التظاهرات الحاشدة التي انطلقت اليوم أيضا، وجهت رسائل وصلت مداها إلى التحالف العربي وعلى رأسها أن الجنوب مدرك جيدا لخيانة الإصلاح داخل الشرعية، وأنه على علم بالقيادات التي تعمل ضد التحالف ويلفظهم، وأن أبناء الجنوب متوحدين حول قيادة عسكرية وسياسية واحدة، وأن دعم الدور البطولي لقوات التحالف لا يمكن أن يكون من خلال عناصر خائنة تتحالف مع الحوثي، في حين أن أبناء الجنوب هم الداعم الأساسي للتحالف واستطاع معهم تطهير الجنوب من إرهاب المليشيات الإيرانية.
أما الرسالة الأهم والأكثر حساسية فهي موجهة إلى الخارج، إذ أن اتفاق أبناء الجنوب على هدف محدد يساهم في دعم تحركات المجلس الانتقالي الدبلوماسية الخارجية لاستعادة الدولة، وتجعل حلم الدولة قريب المنال، لأن أي تحرك خارجي لابد أن يوازيه شعبية داخلية تدعمه، وتلك التظاهرات حققت هذا الدعم، بالتوازي مع الحفاظ على الحالة الأمنية بمحافظات الجنوب وعدم الانزلاق إلى خندق العنف الذي يحاول الإصلاح جر الجنوب إليه لتشويه القضية الأساسية.