طائفية الحوثي و السلاح المفخَّخ .. المليشيات تحرق نفسها

تعرف الدنيا أهمية المراكز الصيفية، فهي تحمي الأطفال من آثار الفراغ السلبية، تستثمر أوقاتهم فيما يجدي وينفع، تُدرِّبهم على تحمُّل المسؤولية، تغرز بذور المشاركة الاجتماعية وخدمة المجتمع، لكن الكوكب يبدو أنّه استثنى اليمن من هذه الحقيقة الملهمة، يحدث ذلك على إثر الحرب العبثية للمليشيات الحوثية.
المليشيات الموالية لإيران والمدعومة منها سياسياً ولوجستياً، حوّلت مئات مئات المراكز الصيفية بغية استقطاب طلبة المدارس، لغرز بذور الطائفية بهم وضم إلى المعسكر الحوثي الإرهابي، فيما يشبه الزج بهم في جبهات الموت.
وفي خطابٍ بثّته وسائل إعلام حوثية، وجّه زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي القائمين على هذه المراكز في صنعاء، بتقديم دورات طائفية تستند إلى الملازم الخمينية التي استوردها شقيقه من الحوزات الإيرانية إلى جانب محاضراته الطائفية والتعبوية.
ودعا الحوثي كذلك إلى التخلص من المناهج العامة والقديمة والاكتفاء بالملازم الحوثية، زاعماً أنّها ستؤدي إلى تحرير الطلبة مما وصفها بـ"ثقافة التدجين".
الحوثي أمر قادة مليشياته بالتشديد على أولياء أمور الطلبة في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لسيطرتهم من أجل إلحاق أبنائهم بالمخيمات والمراكز الصيفية والدورات الطائفية، في الوقت الذي بدأ فيه الانقلابيون، بتهديد السكان وإرغامهم على إلحاق أبنائهم بهذه المراكز الحوثية واعتبار المتخلفين من أعداء الجماعة وزعميها.
ورصد "المشهد العربي" حالات استنكار واسعة من قِبل نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، اعتبروا هذه الخطوة الحوثية تهدف إلى تخريج المزيد من العناصر الطائفية والمجندين في صفوف المليشيات.
في هذا السياق، تحدّثت مصادر محلية عن أنّ الحوثي كلّف المشرف العام على صنعاء خالد المداني للقيام بالإشراف المباشر على المراكز والمخيمات الصيفية، وتجنيد المئات من معممي الجماعة للقيام بإلقاء المحاضرات الطائفية وتلقين الملازم الطائفية الإيرانية لطلبة المدارس.
المليشيات الحوثية منذ أن أشعلت الحرب في صيف 2014، لا تتوقّف عن الممارسات الطائفية التي تفضح توجهاتها الخبيثة ودورها السرطاني في تفكيك الهوية.
السلاح الطائفي والعنصري الذي تستخدمه المليشيات يراه مراقبون سلاحاً ذي حدين، فقد يمكنهم من السيطرة المؤقتة، لكنه يجعل تلك السلالة في مواجهة مع مجتمع بأسره مكون من 25 مليون نسمة، كما تكرس القرارات الحوثية حالة العداء تجاه المجتمع، وذلك ما سينقلب رأساً على عقب على المليشيات مستقبلاً، وعلى مختلف الأسر من ذات السلالة حتى لو لم تكن منهم في الواقع.
وتقوم الطائفية الحوثية على استغلال المؤسسات التعليمية بما في ذلك الجامعات، من أجل خدمة مشروع الطائفي، الذي تُنفّذ فيه أجندات إيرانية.
وقبل أسابيع، كشفت مصادر أكاديمية في جامعة إب أنّ مليشيا الحوثي أجبرت طلاباً في الجامعة على حضور دورات طائفية بهدف إقناعهم للمشاركة في "محارق الموت الحوثية".
المصادر أوضحت كذلك أنّ المليشيات الانقلابية أجبرت قيادة جامعة إب والجامعات الأهلية على دفع جبايات مالية جديدة تحت مسمى كسوة العيد لمقاتلي المليشيات.
وسبق أن كشف أكاديميون بصنعاء أنّ كافة الجامعات الخاضعة لسيطرة الحوثيين تعاني من ابتزاز ونهب منظم، إذ تتحكّم المليشيات في عملية التسجيل وإقرار المساقات الدراسية والإشراف على الأنشطة والفعاليات.
هيمنة الميليشيات على الجامعات أوجدت حالةً من التلاعب، ساهمت في انتشار الوساطات والمحسوبيات وزيادة الضغوط الاجتماعية، ونهب المال العام وابتزاز الجامعات الخاصة بإتاوات دون وجه حق واستغلال العملية التعليمية برمتها لخدمة المليشيات.
المليشيات الحوثية تعمل على تدمير الهوية واستهداف العقيدة الدينية، وتستمر في انتهاك المساجد وتفجيرها، ومنع رفع الأذان فيها، وإحراق المصاحف، واعتقال الخطباء والمؤذنين الرافضين لتوجهاتها والقيام بسجنهم وإخفائهم قسرياً.
كما تستغل المليشيات، المساجد لنشر الطائفية والفكر الإيراني الدخيل على المجتمع، وتحويلها إلى مجالس لتعاطي القات وتخزين الأسلحة في استهانة واضحة بهذه الشعائر، إضافة إلى ذلك استغلت المنابر لترديد الشعارات الطائفية أو ما يسمى بـ"الصرخة" التي تخادع بها البسطاء.