الطفل المُجنَّد ورشّاش الحوثي.. دمعة محبوسة تفضح الجُرم والخذلان
"أعطوني رشاشاً وحاربت معهم، أصيب مقاتلٌ فألمني ذلك المشهد".. حول عينيه السوداوين الممتلئتين بدموع الحسرة وقهر المجهول، حام سربٌ من المشاعر المتباينة أمام طفلٍ لم يبلغ الـ14 عاماً، أيقن أخيراً الذنب الذي اقترفه ليحارب في سن صغيرة، الذنب - إن كان هذا ذنباً - أنه حيٌ في منطقة استباحها الحوثي.
لقطات مبكية تصدر أشعة مخيفة حول مستقبل سيملؤه الرعب لطفلٍ زُجَّ به من قبل المليشيات الحوثية الطائفية في حربها الحوثية، أجبر على حمل السلاح، ليقاتل في صفوف من لا يعرفهم ويقتل من لم لا يعرفهم، حتى يصيبه الدور إما قتلاً أو انتحاراً أو موتاً بمرضٍ أو تعذيب.
حابساً دمعة رفضت أن تسقط فيتعرى معها جرم الحوثي وخذلان العالم، يصف الطفل شعوره عندما أصيب مسلحٌ إلى جواره: "حسيت بالخوف.. حسيت كأنني أموت"، جملة مقتضبة الطفل ذو الوجه المرتجف الذي لن يفارقه شعور الخوف، عبّر بها عن تجربة يخوضها آلاف الأطفال المجندون في صفوف الحوثي.
يسير الأطفال في اليمن، على طريقٍ، محطاته هي الاختطاف والمصير المجهول ثم الموت، في ظل الجرائم الإرهابية العديدة التي ترتكبها مليشيا الحوثي.
زجَّت مليشيا الحوثي بأكثر من 20 ألف طفل في جبهات القتال، ما قاد إلى معاناة للأسر في مناطق سيطرة المليشيات لا يضاهيها معاناة في ظل إرغام أبنائهم على التجنيد، وذلك نسفاً لأي أعراف قانونية أو إنسانية تردع هذا النوع البشع من الجرائم.
ويواصل مشرفو مليشيا الحوثي استقطاب الأطفال من أغلب الحارات والأحياء الشعبية الفقيرة المكتظة بالسكان في مناطق سيطرتهم، واستغلال حاجتهم المادية والتغرير بهم وإرسالهم إلى جبهات القتال دون علم أسرهم.
وضمن السيناريو الأبشع للجريمة، يعود عشرات الأطفال والشباب أسبوعياً جثثاً هامدة إلى مستشفيات صنعاء بعد التغرير والزج بهم للقتال في صفوف المليشيات الحوثية في جبهات مختلفة.
وكان تقريرٌ للأمم المتحدة قد اتهم مليشيا الحوثي بارتكاب انتهاكات ضد الأطفال في اليمن واستخدامهم في القتال والأعمال العسكرية.
وقال التقرير إنّ مليشيا الحوثي تقدم إغراءات بالمال والوعود برتب عسكرية مقابل تجنيد أطفال لا تتجاوز أعمارهم عشرة أعوام، خلال السنوات الخمس ونصف الماضية.
وأفاد تقرير الأمين العام أنطونيو جوتيريش بأنَّ الأمم المتحدة تحقَّقت من تجنيد واستخدام 2257 طفلاً في سن العاشرة على أيدي الحوثيين، دفعت 25% منهم إلى الخطوط الأمامية كمقاتلين نشطين.
واستخدم الحوثيون، الأطفال لتشغيل نقاط التفتيش، والقيام بدوريات، وحراسة المنشآت العسكرية والحكومية، وجلب المياه والغذاء والمعدات لأطراف لمقاتليها.
وجاء في التقرير أنَّ الأمم المتحدة تحقَّقت من تجنيد واستخدام الحوثيين 16 فتاة تتراوح أعمارهن بين 14 و17 عامًا، كان دورهن الرئيسي هو تعبئة وتجنيد الفتيات الأخريات وتشجيع النساء والفتيات على إرسال أفراد أسرهن الذكور إلى ساحة المعركة ودعم المقاتلين بالمال.
كما شوهدت الفتيات يحملن الأسلحة والعصي مع شعار الحوثي، وفي حادثين منفصلين، دخلت الفتيات المدارس وشجعن الطالبات على دعم المقاتلين وأجبروهن على ترديد شعارات الحوثيين.
وأشار إلى أنَّ الوجود المتزايد للأطفال المرتبطين بالحوثيين كان واضحاً في جميع المحافظات، حيث يقومون بتشغيل نقاط التفتيش والسفر في شاحنات عسكرية.