ولاية ثانية لمهمة لم تبدأ بعد.. ماذا تفعل البعثة الأممية في الحديدة؟

الثلاثاء 16 يوليو 2019 20:39:13
testus -US

لم يكن قرار مجلس الأمن بتمديد مهمة البعثة الأممية في الحديدة مجرد قرار دولي صادر بشأن أزمة مستعصية عن الحل، بقدر ما أثار كوميديا سوداء في حرب اليمن المروِّعة.

مجلس الأمن أصدر قراراً بتمديد بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة لمدة ستة أشهر إضافية، تنتهي في 15 يناير 2020، داعياً إلى تنفيذ الاتفاق المتعلق بمدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، طبقاً للاتفاق الذي جرى التوصل إليه في العاصمة السويدية، في ديسمبر الماضي.

وصوّت الأعضاء الـ15 في المجلس بالإجماع على القرار 2481 الذي تقدمت بمشروعه المملكة المتحدة، والذي يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، العمل على نشر سريع لكامل عديد هذه البعثة الذي ينبغي أن يصل إلى 75 مراقباً، وفقاً للقرار الذي اعتمده مجلس الأمن في نهاية العام الماضي.

ويعمل حالياً 20 مراقباً فقط في اليمن، وخلال الفترة الأخيرة رفضت مليشيا الحوثي تقديم تأشيرات دخول إلى مراقبي الأمم المتحدة الموجودين على متن سفينة في عرض البحر قبالة الشواطئ.

وجاء في قرار التمديد أنّ على بعثة الأمم المتحدة مراقبة تقيد الطرفين بوقف النار في محافظة الحديدة، وإعادة انتشار القوات إلى خارج مدينة الحديدة وخارج مرافئ الحديدة والصليف ورأس عيسى.

وأضاف أنّ على المراقبين التعاون مع الطرفين لضمان أمن مدينة الحديدة ومرافئ الحديدة والصليف ورأس عيسى من قبل قوات الأمن المحلية في إطار احترام القانون اليمني».

كما طلب من جوتيريش العمل على نشر سريع لمجمل عناصر البعثة، مطالباً الطرفين المعنيين بالاتفاق تقديم الدعم لمنظمة الأمم المتحدة، وبغية تحقيق ذلك، يتعين على الطرفين ضمان سلامة وأمن عناصر البعثة، وحرية حركتهم مع عتادهم والمواد الغذائية التي ينقلونها في البلاد من دون وضع عراقيل تؤخر وصولها.

هذا التحرُّك الأممي لم يكن مفاجئاً إلى حد بعيد، فقبل عدة أسابيع كانت أغلب التكهنات تذهب إلى أنّ جوتيريش يعتزم التمديد لمراقبي الأمم المتحدة لاتفاقية الحديدة لولاية ثانية التي جرت الموافقة عليها من قبل المجلس في القرار 2452، تحت مسمى بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة "UNMAHA"، وهي مكملة للجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة التي ترأسها الأمم المتحدة وتشارك فيها الحكومة ومليشيا الحوثي الانقلابية أعضاءً.

وفي خضم الجرائم التي ترتكبها مليشيا الحوثي وإجهاضها لأي فرصة نحو إحلال السلام في اليمن ووقف الحرب التي فتكت بالملايين، فيمكن القول إنّ التمديد لأي بعثة أممية قد يكون مسألة تحصيل حاصل.

اللافت في هذه البعثة أن المراقبين الـ 75 انتهت ولايتهم الأولى المتاحة لهم وهي ستة أشهر بدءاً من يناير الماضي ولم تطأ أقدام غالبيتهم أرض اليمن، باستثناء 15 منهم، ويرأسهم جنرال الحديدة، الهولندي مايكل لوليسجارد الذي يحمل مرتبة مساعد أمين عام بالأمم المتحدة، ويرأس أيضاً لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة.

التمديد للبعثة التي انتهت ولايتها قبل أن تبدأ من الأساس، فتح باب التساؤل حول عرقلة الحوثيين وصولهم واستخدامهم هذه الورقة بالتحديد لكي تكون أشبه بالعصا المسلطة على الأمم المتحدة ومؤسساتها إذا ما حاولت اتخاذ خطوات لا ترضي قيادة المليشيات المدعومة من إيران.

وفي يونيو الماضي، بعث جوتيريش برسالة إلى مجلس الأمن حول اليمن تكشف الموقف بوضوح، إذ قال إنّ البعثة تتطلب قدراً كبيراً من المرونة في التطبيق، كما أنه يقر بأنها بدأت لتوها التنفيذ الفعلي للتفويض الخاص بها.

وصرّح الأمين العام - في الرسالة: "نجحت بعثة تنفيذ اتفاق الحديدة من ترسيخ وجودها بفاعلية وتعمل على تنفيذ المهمة الموكلة إليها، وجرى استغلال الشهور الأولى منذ إقرار قرار مجلس الأمن 2452 في بناء علاقات مع الأطراف المعنية، وتعزيز الإجراءات والعمليات الحيوية، وضمان توافر الأصول الاستراتيجية وتمكين البعثة من الاستجابة على النحو الأمثل لعمليات إعادة الانتشار لدى تنفيذها".

عرقلة الحوثيين تتمثل في تعطيل تأشيرات الدخول إلى المناطق التي يسيطرون عليها، وتمتد المشكلة في مدة التأشيرة نفسها.

العقبة التي شكلها الحوثيون ضمن سلسلة مراوغات تنتهجها المليشيات باستمرار في مسارات الحل السياسي، وردت في بيان أممي اتفق مراقبون على تسميته بـ"الخجول" وهو بيان مجلس الأمن الصادر يوم 12 من يونيو الماضي، الذي ذكر أنّ عدداً لا يستهان به من أذون الدخول ما زال معلقاً.