فساد مأرب: شركات الصرافة تتاجر بإكرامية سعودية لقوات الجيش (مستند)
لأكثر من شهرين مضت واللجان القائمة بصرف مكرمة الملك سلمان بن عبدالعزيز لمنتسبي قوات الجيش في محافظة مأرب، تواصل التماطل والعبث بصرف المكرمة تحت حجج واهية وغير واضحة، لعل في مقدمتها - بحسب ما يقول الكثيرون - استثمار هذه الأموال من قبل شركة الصرافة المتعهدة بعمليات الصرف.
بعد أكثر من عام على تأكيد وجود صرف مكرمة قوات الجيش لمنتسبي المناطق العسكرية الثالثة والسادسة والسابعة، وبعد الكثير من الإجراءات تم الإتفاق مع شركة إنماء للصرافة كمتعهد لعملية الصرف أواخر شهر رمضان الفائت التي تعهدت بذلك وعمدت لتأخير الصرف بدورها لتستفيد الأرباح من خلال هذه الأموال.
وتعهدت شركة إنماء للصرافة بصرف المكرمة السعودية بسعر العملة اليمنية بعد تحويله من عملة الريال السعودي إلى الريال اليمني بسعر صرف 140 ريال يمني للريال السعودي، فيما يتجاوز سعر الصرف اليوم 150 ريالا مقابل الريال السعودي.
وتقدر الإكرامية السعودية بثلاثة رواتب سعودية، يستلم خلالها الجندي مبلغ وقدره 252 ألف ريال يمني، مقابل الإكرامية المستحقة له البالغة 1800 ريال سعودي، فيما يستلم الضابط برتبة ملازم أول 588 ألف ريال يمني، مقابل الإكرامية المستحقة له والبالغة 4200 ريال سعودي.
وكانت لجان سعودية مطلع العام الجاري توجهت إلى العديد من المعسكرات والوحدات العسكرية في محافظة مأرب وغيرها لتطبيق نظام بصمة العين على كافة منتسبي الجيش إستعدادا لصرف الإكرامية السعودية حسب المتواجدين من أفراد الجيش وفق الكشوفات والبصمة، وبعيدا عن الأسماء الوهمية المضافة إلى الكشوفات.
يعلق الصحفي منصور الغدرة قائلا: "المتعهد بالصرف عبدالسلام الحاج، أوكلت له الحكومة والتحالف تسليم مرتبات الجيش الإكرامية السعودية في المناطق العسكرية الثلاث السابعة والثالثة والسادسة، لكنه تعامل بعد تسليم المهمة له بالكثير من الاستهتار مع الثقة التي منحها إياها التحالف ووزراة الدفاع، فصار يتاجر بهذه الرواتب (الإكرامية)".
ولفت الغدرة، إلى ان المتعهد قام أيضا بتسليم مهمة الصرف لشخص اسمه علي العواضي، وشقيقه عبداللطيف العواضي، اللذان بدورهما أيضا عمدا لتأخير الصرف من أجل المتاجرة بفارق الصرف الذي يشهد ارتفاعا مستمرا، مشيرا إلى أنه مضي عليهم أكثر من شهر ونصف وأفراد الجيش يلاحقونهم من مكان إلى آخر من أجل إستلام حقهم، لكن دائما ما تتعمد اللجان المكلفة بالصرف من المتعهد بالتسويف والمماطلة بحجة ان النظام الخاص بالبصمة مغلق.
ويتسأل: "لماذا هذا النظام يفتتح فقط للحبائب ومن يدفع حق ابن هادي.. إلى متى سيظل متعهد الجيش دون رقابة؟.. مضيفا "لأنهم يقولون للأفراد انهم سيأتون يصرفون لهم في صنعاء، لا أدري ماذا يقصد.. هل يقصد سيقدمون في الصرف الحوثيين في صنعاء أم شيء أخر؟!!!".
ويؤكد الناشط والكاتب أحمد عفيف على أنه يجب على الجميع الضغط لإتخاذ تدابير كفيلة بإصلاح هذه الاختلالات، مضيفا "ندعوا كل من هو مساهم أو شريك في شركة إنماء للصرافة، سرعة المبادرة لتحسين سمعة الشركة التي تدهورت سمعتها مؤخرا نتيجة لعدم قدرتها على إدارة أموال الإكرامية بشكل مؤسسي ومنضبط، وفقا لما هو متعارف عليه في عالم المال والأعمال".
وتابع: "للأسف الشديد كشفت شركة إنماء المسئولة عن صرف المكرمة بأنها لا تمتلك أدنى القدرات المؤسسية والتقنية لإدارة الأموال المخصصة للمكرمة، ولا تستطيع حتى تقييم الاختلالات التي وقعت والعمل على تجاوزها، ولم تكن عند مستوى الثقة التي وهبها لها التحالف، ونتيجة ذلك ظهر عجزها الكبير في إدارة المهمة، لأنها عينت في لجانها أشخاصا غير مؤهلين حتى لإدارة ألف ريال فما بالك الملايين، وهاهي الآن ترابط في عتق، فترة شهر لم تستطع خلاله إكمال إكرامية ثلاثة ألوية فقط، فما بالكم بمناطق، فيما يقول جبر صبر: نطالب بالتحقيق مع المتعهد لتأخير الصرف لقرابة شهرين، فيما اللجنة السعودية كانت تصرف في غضون أسبوع واحد".
أحمد ربيع، كاتب وصحفي وصف تأخير وتماطل لجان الصرف والشركة المتعهدة بتأكيده على أن تلك الشركات تتعمد التأخير والمماطلة بالجنود، وتبدأ العمل متاخرة مضيفا "ممارسات مقززة للأسف وغاب عن أعضاء اللجنة صرفها أنهم نقاط توزيع وأمناء وأن المال عندهم كوديعة بنسبة مالية لهم، بل كأنهم يصرفون المبالغ من حقهم الخاص".
ويعد معسكر أم ريش، الواقع في مديرية الجوبة، بمحافظة مأرب، نموذج واضح لهذا الفساد، إذ أعلنت فيه لجان الصرف البداء بعملية الصرف لمنتسبي قوات الجيش في محور البيضاء، منذ يوم السبت الموافق 13 يوليو الجاري، لكنها لم تصرف لسوى أقل من 100 فرد فقط، نتيجة للتوقف المستمر للجنة والتماطل. وفق ما يقول أفراد من منتسبي المحور.
عبدالقوى الحميقاني، قال في منشور له تعليقا على عملية الصرف: "أقسم بالله أن أول من استلموا مكرمة الملك سلمان في محافظة البيضاء، هم المتحوثين المحسوبين على المحور، والساكنين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثي، مضيفا "ذهبوا إلى مأرب، عبر طريق قانية الذي تسيطر عليه المليشيا من جهة البيضاء واستلموا من 652 ألف ريال يمني إلى 450 ألف ريال يمني لأنهم مسجلين في كشوفات المحور (ضباط) ثم عادوا إلى مساكنهم تحت سيطرة الحوثي!!؟
وتابع: "بينما رجال المقاومة المرابطين منذ خمس سنوات في الجبهات لهم أكثر من يومين يترحلوا إلى مأرب عبر المحافظات المحررة وجميعهم مسجلين في الكشوفات جنود وسيكون نصيبهم 200 ألف ريال، وسيعودوا إلى الجبهات وقد صرفوا ضعف المبلغ، مضيفا "والمصيبة العظمى أن أغلب المقاومين وصلوا مأرب ووجدوا أن أسماءهم قد تم حذفها".