مساعدات أممية نقدية للحوثيين.. خطوة جديدة في الملف المريب
لم يكترث برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، بعديد الاتهامات والانتقادات التي وُجِّهت له في الفترة الأخيرة بشأن ملف المساعدات، وحجم الاستفادة الكبيرة التي تحصدها مليشيا الحوثي الانقلابية من جرّاء ذلك.
الأمم المتحدة أعلنت قبل ساعات، التوصُّل لاتفاق مع المليشيات الحوثية لاستئناف المساعدات الغذائية في المناطق الخاضعة لسيطرتها التي تم تعليقها منذ 20 يونيو الماضي.
وصرّح المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي إرفيه فيروسيل بأنّ الاتفاق على التفاصيل الفنية سيكون في الأيام المقبلة، وقال: "بعد مفاوضات مع السلطات الموجودة في صنعاء، وقع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة اتفاقًا خطوة مهمة نحو ضمانات تكفل مساءلة عملياتنا الإنسانية في اليمن".
المليشيات احتفت بهذا الاتفاق كونه يجعل تسليم المساعدات للمستحقين نقداً؛ عوضاً عن المساعدات العينية التي كانت تقدم في السابق، ويسرقها المتمردون أنفسهم قبل وصولها، ويقومون ببيعها في السوق السوداء بأسعار باهظة، باعتراف الأمم المتحدة.
وقال المدعو محمد علي الحوثي رئيس ما يسمى اللجنة الثورية العليا التابعة للمليشيات الانقلابية أنّ بدء توزيع النقد سيكون قريباً، وغرّد عبر حسابه على "تويتر" قائلاً: "تم التوقيع على الاتفاق مع برنامج الغذاء العالمي، وسيتم البدء بتدشين التوزيع بالكاش قريباً، بحسب الآلية لدى البرنامج".
ويعمل في اليمن ضمن برنامج الغذاء العالمي أكثر من 640 موظفاً من جنسيات كثيرة، بينهم يمنيون، في مناطق محررة، وكذلك في مناطق خاضعة للمليشيات الحوثية.
وبينما لم يعلن برنامج الغذاء العالمي ولا الانقلابيون الآلية التفصيلية للاتفاق، إلا أنّ وسائل إعلام حوثية قالت إنّه يتضمَّن تأكيد الشفافية في مختلف العمليات المرتبطة بتسجيل المستهدفين، وعملية إيصال المعونات إليهم، وتسهيل الوصول إلى المشاريع التي يقدمها البرنامج العالمي.
وارتكبت المليشيات الحوثية الكثير من جرائم سرقة المساعدات، تكشف عن الوجه الحقيقي للانقلابيين الذين تسبّبوا في أزمة إنسانية يشهدها اليمن، ولا مثيل لها على مستوى العالم.
وكانت مليشيا الحوثي قد أوقفت تحقيقاً داخلياً بعد أن توصّل إلى فساد عدد من قادتها ونهب المساعدات الإنسانية، حسبما كشفت مصادر حزبية في صنعاء، قائلةً إنَّ رئيس حكومة الانقلابيين (غير المعترف بها) عبد العزيز بن حبتور كان قد اتفق مع المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية ليز جراندي، على تشكيل لجنة للتحقيق في اتهامات سرقة المساعدات الغذائية.
إلا أنّ قيادياً رفيعاً في المليشيات سارع إلى وقف عمل اللجنة ومصادرة وثائقها بعد أن أثبتت تورط قادة حوثيين كبار في عمليات سرقة المساعدات الغذائية.
وسبق أن كشف سكانٌ في صنعاء عن استخدام المليشيات قاعات وفصولاً ومكاتب في عدد من المدارس والمؤسسات الحكومية مخازن لإخفاء المساعدات الغذائية، حيث تقوم المليشيات بإخفاء هذه المساعدات ثم تبيعها بشكل تدريجي في الأسواق.
وكان مدير برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ديفيد بيزلي قد صرّح بأنَّ هناك متشددين داخل المليشيات الحوثية لا يعبأون إلا بتحقيق المكاسب وزعزعة الاستقرار، لافتاً إلى أنّ مساعدات غذائية شهرية تبلغ قيمتها 175 مليون دولار جرى توجيهها في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين للمساعدة في تمويل الصراع.
وأضاف أنّه يأمل أن تسود النوايا الطيبة للحوثيين حتى يتسنى للبرنامج رفع تعليق جزئي للمساعدات في اليمن وتفادي انهيار النظام الإنساني بالكامل.
تصريحات بيزلي جاءت لتوضيح أسباب اتخاذ قرار بتعليق جزئي لتوزيع المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات، وذلك بسبب الجرائم التي يرتكبها الانقلابيون في هذا السياق.
هذا القرار أثّر على 850 ألف شخص في صنعاء من بين أكثر من عشرة ملايين شخص، يعتمدون على الغذاء الذي يوفره البرنامج، إلا أنّ ما لفت الأنظار في تصريحات بيزلي زعمه أنّ قائد المليشيات عبد الملك الحوثي وشقيقه بذلا جهوداً للتوصُّل إلى حل، وأرجع سبب تفاقم الأزمة إلى "متشددين" في صفوف الانقلابيين، ما يشير ضمنياً أنّ عبد الملك لا يسيطر على الأمور بشكل كامل لدى المليشيات، وأنّ سيطرته قد انفرط عقدها أمام من وصفهم المسؤول الدولي بـ"المتشددين".
لم يُحدِّد بيزلي من هم هؤلاء المتشددين، لكنّ ما قاله يكشف حجم الانقسامات التي ضربت معسكر الحوثيين، وذلك بافتراض أنّ عبد الملك وشقيقه يسعيان لحل الأزمة.