كومبارس فاسد في توقيت حساس.. لماذا ظهر الجبواني بالرداء العسكري في عدن؟
لا يجهل أحدٌ بدور "كومبارس" السينما، هو شخصٌ يشارك في عمل فني، يستخدمه القائمون عن العمل لإكمال مشهد ما، دورُه غير رئيسي يتقاضى أجراً نظير ما يقوم به.
هذا التكتيك يُطبِّقه حزب الإصلاح الإرهابي في مجال السياسة، مستخدماً عناصر ليسوا أعضاءً لديه لكنّهم متربحون منتفعون، اشترى ذممهم بالأموال التي أغدقها عليهم، من أجل نقل رسائل لعناصره في توقيتات حسّاسة، ينقذ فيها أرواحهم المعنوية المنهارة ويتوارى من خلاله من التضييق الشديد عليه.
ففي محاولة "مفضوحة" لحزب الإصلاح لمحاولة طمأنة عناصره حول استقرار الأمور وما يجري في العاصمة عدن لا سيّما فيما يتعلق بالخناق الذي يضيق كثيراً على الحزب ومليشياته التي تعيث في الأرض قتلاً وإرهاباً، لجأ "ذراع الإخوان" إلى استخدام أحد الكروت التي يملكها واشتراها بالأموال، وهو وزير النقل صالح الجبواني المتهم بالتورُّط في العديد من قضايا الفساد.
الجبواني ظهر اليوم الأربعاء، مرتدياً بزة عسكرية ويوقِّع على إحدى الأوراق، فيما قالت مصادر مقربة منه إنّ الهدف من هذا الظهور هو محاولة نقل رسالة للمواطنين بأنّ الأمور مستقرة.
ربما كاد يمر المشهد إن كان الجبواني قد ظهر برداء مدني تقليدي في مهامه التي اعتادت أن تثير الريبة والشكوك، لكنّ أمراً كبيراً أو مريباً ذلك الذي يجعل وزير نقل يظهر في وقتٍ كهذا في منطقة كهذه مرتدياً هذا الرداء.
يمكن قراءة هذا المشهد الذي صاغه "الإصلاح" بأنّ يحاول نقل صورة مخالفة للحقيقة لطمأنة عناصره بعدما فُضِحت ممارساته الإرهابية وتضييق الخناق عليه من أي وقتٍ مضى ومدى تستُّره وراء الشرعية من أجل تنفيذ أجنداته التوسعية الإجرامية، والتي تقوم أحد أهم محاورها الرئيسية على استهداف الجنوب وذر رماد الفتنة في أراضيه.
كما أنّ ظهور مسؤول عن حقيبة وزارية مدنية خالصة برداء عسكري، ربما يحمل رسالةً إخوانية، مفادها هو التوسُّع في ممارسة الجرائم الإرهابية التي يتحالف فيها الحزب مع جماعات متطرفة في تنفيذها، ومنها مليشيا الحوثي الانقلابية وتنظيما القاعدة وداعش.
وبالحديث عن هذا الوزير المثير للريبة، فإنّ الجبواني المعين من قِبل الرئيس عبد ربه منصور هادي ملّ اليمنيون من إحصاء جرائم فساده، تتكشف فضائحه يوماً بعد يوم، يتمادى هو وفساده ويغرق الصامتون على محاسبته في مزيدٍ من الصمت المريب، وكثيرٍ من التواطؤ القاتل.
من بين جرائم فساد الجبواني التي سبق أن كشفها "المشهد العربي"، كان الوزير قد طلب من القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة لتنظيم شئون النقل البري صالح الوالي، صرف بدل سفر لمدة عشرة أيام لهما، بالإضافة إلى حسن العطاس مدير عام مكتب الوزير في مطلع نوفمبر الماضي.
وأظهرت الوثيقة تعقيب المدير المالي للهيئة - فرع عدن - بأن المبلغ الذي يبلغ ثمانية ملايين و658 ألف ريال يُشكِّل عبئًًا على الهيئة، وبرغم ذلك وجّه الوالي بصرفه دون أدنى اعتبار للوضع المالي للهيئة.
وتبيّن أنّ السفرية المذكورة إلى العاصمة العمانية مسقط لم تتم أصلاً، أي أنّ الثلاثة المذكورين المصروف لهم مبلغ بدل السفر لم يسافروا أصلًا، حيث مثّل اليمن في ورشة العمل تلك سفيرها في مسقط.
في جريمة أخرى، أظهرت وثائق أنّه طالب مؤسسة موانئ البحر العربي بصرف خمسة آلاف دولار شهرياً لمكتبه وبأثر رجعي منذ عام 2018، وكذلك صرف عشرة ملايين ريال نفقات زيارته لمحافظتي حضرموت والمهرة.
واتهم "الجبواني" بالفساد وتهريب المشتقات النفطية والأسلحة، وصدرت مطالب بإقالته من منصبه.
كما بيّنت وثائق، منح الجبوانيّ تراخيص استثمار في مجال البناء وتشغيل محطات وزن لشاحنات النقل؛ في تجاوز صارخ لكل الصلاحيات والاختصاصات المُخول بها قانوناً بموجب التشريعات النافذة المنظمة لأنشطة الوزارة والجهات التابعة لها.
في خضم كل هذا، يخصّص الجبواني الكثير من وقته للهجوم فقط على المجلس الانتقالي وذلك عبر وسائل إعلام قطرية، كما هاجم دولة الإمارات رغم دورها الذي يشيد به الملايين محلياً وخارجياً، على الصعيدين الإنساني والعسكري، ولفّق إليها تهماً كاذبة في هذا السياق.
الجدل الذي رافق تعيين الجبواني بدأ منذ توليه منصبه وكان قد فجّر عاصفةً من الجدل آنذاك، والمثير للدهشة أنّه عند توليه الوزارة كان قد اتهم الوزير السابق مراد الحالمي بممارسة الفساد، لكنّ الحقيقة التي أثبتتها الوثائق أنّ الجبواني نفسه لم يتوقف عن انتهاك القانون متورطًا في كثيرٍ من قضايا الفساد.