دفتيريا الحوثي.. سمٌ قاتلٌ ينخر في العظام المتهالكة
على مدار سنوات الحرب المستمرة منذ صيف 2014، نال القطاع الصحي قسطاً كبيراً من الانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا الحوثي الانقلابية، مستهدفةً إطالة أمد الأزمة.
وتسبّبت الممارسات الحوثية في تفشي الكثير من الأمراض القاتلة، ومنها مرض الدفتيريا الذي قتل أكثر من 200 طفل في مناطق سيطرة الانقلابيين، بحسب تقارير طبية.
وخلال الفترة نفسها، أصيب 3906 أشخاص بمرض الدفتيريا خلال مناطق سيطرة الميليشيات، توفي منهم 218 حالة.
و"الدفتيريا" عدوى تُسبِّبها بكتيريا الخُنَّاق الوتدية، وعادةً ما تبدأ علاماتها وأعراضها بعد يومين إلى خمسة أيام من التعرّض للبكتيريا المسببة لها وتتراوح حدتهما بين خفيفة ووخيمة، وغالباً ما تظهر الأعراض تدريجياً وتبدأ بالتهاب في الحلق وحمى.
وفي الحالات الوخيمة، تُنتج هذه البكتيريا سُمّاً (ذِيفاناً) يُحدث لَطْخة سميكة رمادية أو بيضاء اللون في مؤخرة الحلق، ويمكن لهذه اللطخة أن تسدّ مجرى الهواء فيصعب التنفس أو البلع، كما يمكن أن تسبب سُعالاً نُباحياً، وقد يتورّم العُنق لأسباب منها تضخّم العقد اللمفية.
وقد يصل السم أيضاً إلى مجرى الدم فيسبب مضاعفات قد تشمل التهاب عضلة القلب وتلفها والتهاب الأعصاب وحدوث مشكلات كُلويّة ومشكلات نزفية نظراً لانخفاض عدد الصفائح الدموية، وقد يُسبِّب تلف عضلات القلب اضطراب ضرباته، بينما قد يؤدي التهاب الأعصاب إلى الإصابة بالشلل.
في مناطق سيطرة الحوثي، بلغت نسبة الوفيات بالمرض لدى الأطفال 89% من إجمالي الوفيات، منها ما نسبته 70% من الأطفال المتوفين نتيجة المرض لم يتم إعطاؤهم التطعيمات اللازمة.
كما أنّ 61% من الأطفال المصابين بالدفتيريا تراوحت أعمارهم ما بين سنة و14عاماً، في وقتٍ تعاني فيه مناطق سيطرة المليشيات من انتشار مخيف لعدد من الأوبئة والجوائح كالكوليرا والدفتيريا وغيرها.
المليشيات الحوثية سعت لاستهداف القطاع الصحي من خلال تنظيم لقاءات وأمسيات ودورات طائفية لعدد من الكوادر في العاصمة صنعاء وبقية مناطق سيطرتها بهدف إقناعهم باعتناق أفكارها الطائفية المشبعة بالكراهية والعنف من جهة، والتحشيد لميادينها القتالية من جهة أخرى.
وفي شهر رمضان الماضي، نظّمت وزارة الصحة في حكومة الانقلابيين غير المعترف بها أكثر من 16 أمسية طائفية، منها 14 أمسية استهدفت فيها ولأول مرة نحو 14 مدير مكتب صحة و90 مدير مستشفى (ريفي ومحوري ومركزي) و9 رؤساء هيئات، و30 طبيباً، و55 ممرضاً، و80 إدارياً وفنياً، و220 مدير مديرية، ونحو 300 من مديري الإدارات في مكاتب الصحة وعدد كبير من الموظفين الصحيين العاديين.
وتخلّل هذه الأمسيات والدورات، إلقاء دروس ومحاضرات وخطابات تحريضية وانتقامية وسلالية لزعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي، وقراءات لملازم الصريع حسين الحوثي، وكلها تدعو إلى العنف والتحريض وتشدد على أهمية الصرخة الحوثية، وتحث المشاركين على الانخراط بالنفس والمال فيما سموه الجهاد في ميادين القتال التابعة للجماعة.
صحياً أيضاً، تشن المليشيات الحوثية أعمال مضادة وممنهجة رفضاً لحملات التحصين التي تقيمها المنظمات الدولية في مناطق سيطرتها.
والأسبوع الماضي، أوقفت المليشيات حملة للتحصين ضد الدفتيريا في صنعاء، وحثّت عبر طرق متعددة، المواطنين على عدم تحصين أطفالهم لوجود آثار، زعمت الميليشيات أنها سلبية وخطيرة وستنعكس على صحة الأطفال إذا تم تلقيحهم.
من جهة أخرى، قامت المليشيات عبر عناصر تنتمي إليها بمضايقة الفرق المشاركة في الحملة، فيما أغلقت عدداً من مراكز التحصين في أحياء متفرقة من صنعاء.