مبادرة الحوثي المزعومة.. محاولة لإنقاذ المليشيات الغارقة في دمائها
لجأت مليشيا الحوثي إلى أسلوب جديد للمراوغة كان هذه المرة من خلال إعلانها نيتها طرح ما أسمته (مبادرة للمصالحة الوطنية والحل السياسي)، من دون أن تفصح عن ماهية المصالحة التي تسعى إليها وما هي الأطراف التي تستهدفها من تلك المبادرة، وكيف ستقدم على الحل السياسي وهي من تمثل عقدته الأساسية بعد أن انقلبت على الشرعية في العام 2014.
المبادرة الحوثية التي خرجت في شكل تصريحات مقتضبة أدلى بها وزير الإعلام في حكومة المليشيات غير المعترف بها دوليا، نيابة عن ما يسمى برئيس المجلس المجلس السياسي، تبرهن على أنها تغرق في دمائها بعد أن وصلت الخلافات والانشقاقات إلى ذروته في أعقاب مقتل إبراهيم بدر الدين الحوثي، أحد أبرز قياداتها وشقيق زعيمها عبدالملك الحوثي.
وبدا واضحا أن عبدالملك الحوثي أضحى متأكداً من أن نهايته قد أقتربت وبالتالي فإنه لجأ إلى البحث عن حلول لم تعتد المليشيات عليها، أملاً في إنقاذ نفسه والمليشيات التي يتزعمها، الأمر الذي يشي بأن قيادة المليشيات أصبحت في طي النسيان وإنها غير قادرة على السيطرة الداخلية الدرجة التي دفعها لاستجداء الموافقة على المصالحة.
وعبرت كلمات الوزير الحوثي عن مأزق المليشيات في الوقت الحالي، إذ طالب "جميع الأطراف اليمنية إلى أن تأخذ المبادرة على محمل الجد للخروج باليمن من دوامة الصراع"، وهو ما يعني تقين المليشيات من عدم قدرتها حسم المعركة لصالحها ورفعها الراية البيضاء ولو لوقت مؤقت لحين استعادة قواها التي فقدتها بفعل الانتكاسات العديدة التي تعرضت لها خلال الأشهر والأسابيع الماضية.
واعترفت ميليشيات الحوثي، الجمعة، بمقتل القيادي إبراهيم بدر الدين الحوثي، وأصدرت وزارة الداخلية في حكومة الحوثیین الانقلابية ( غير المعترف بها دولياً)، بيانا نعت فيه القيادي، الذي قضى بعملية اغتيال، بحسب وصفها.
وفي حين لم يشر البيان لتفاصيل أخرى عن ظروف مقتله، أكدت الوزارة أنها "لن تتوانى عن ملاحقة وضبط أدوات العدوان الإجرامية التي نفذت جريمة الاغتيال".
ورجحت مصادر قبلية أن شقيق زعيم ميليشيات الحوثي قد يكون قتل منذ يومين بكمين مسلح استهدف موكبه على مدخل صنعاء الشمالي، فيما تحدثت تقارير إعلامية عديدة قد تحدثت عن مقتل إبراهيم بدر الدين الحوثي في غارة للتحالف.
ويعد إبراهيم الحوثي أحد الأذرع الأمنية لشقيقه عبد الملك، ونادراً ما يظهر إعلامياً هو ومن تبقى من أشقائه على قيد الحياة البالغ عددهم 17 شقيقاً من 4 أمهات، بعد أن كان لقي 3 منهم مصرعهم خلال الحروب التي قادتها المليشيات ضد السلطات الحكومية بين عامي 2004 – 2010.
المعلومات الواردة من مناطق سيطرة الحوثيين وفي مقدمتها صنعاء، تقول إنّها تشهد تصاعداً في الاقتتال الداخلي في معسكر المليشيات، لخلافات على الأموال أو النفوذ.
وفي يوليو الماضي، كشفت مصادر لـ"المشهد العربي" أنّ الصراع الحوثي في صنعاء ومحافظات أخرى خاضعة لسلطة الانقلابيين بدأ يأخذ أشكالاً جديدة ومناحٍ عدة، وبخاصةً بين ما يسمى جناح صنعاء والمحافظات الأخرى من جهة، وجناح المشرفين الحوثيين القادمين من محافظة صعدة.
المصادر قالت إنّ معظم الصراعات التي برزت بشكل واضح داخل صفوف الحركة الحوثية هي إمّا صراعات على أموال جمعت بطريقة غير قانونية وإما صراعات على الهيمنة والنفوذ والسلطة لجهة تقاطع مصالح القيادات، وتناقض أهدافها، وعدم وجود مشروع وطني أو رؤية موحدة تجمعها.
وبدأت الصراعات الحوثية الداخلية تظهر على السطح، وبشكل جلي من خلال التصفيات الجسدية والاغتيالات والاعتقالات فيما بينها، ما يشير إلى ضعف وهشاشة التركيبة الداخلية لهذه الحركة الانقلابية.
وشهدت مدن عدة، تقبع تحت سلطة الميليشيات، خلال الأيام الماضية، موجة صراعات داخلية بين قيادات حوثية، إمّا بسبب السيطرة على مراكز النفوذ والسلطة وإما بسبب الاستحواذ على ما جمع من أموال الجبايات والإتاوات المنهوبة.
وكثرت في الآونة الأخيرة الاشتباكات المسلحة التي تندلع بين الانقلابيين فيما بينهم والتي تسقط قتلى كثيرين، وتكشف حجم تصارع الأجنحة الذي يحكم هذا المعسكر الإرهابي.