بعد زيادة الغاز الطبيعي.. نار الغلاء تحرق الشعب التركي
ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية في تركيا بنسبة 1.2% منذ مطلع أغسطس الجاري، حسب تقرير للبنك المركزي التركي، رغم تعهد الحكومة بأن الزيادة في أسعار الغاز الطبيعي لن تؤثر عليهم.
في دراسة حول "التأثير غير المباشر لارتفاع أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي على أسعار المستهلك"، نقلتها صحيفة "جمهورييت" التركية، قال البنك المركزي إن زيادة أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي تؤثر على التضخم بشكل مباشر وغير مباشر، مشيرا إلى أن الزيادة التي طبقت على الغاز الطبيعي تؤثر على الكهرباء، لأن جزءا كبيرا منها يتم إنتاجه من الغاز.
بداية من أغسطس الجاري، طبقت السلطات التركية زيادة جديدة على أسعار الغاز، حيث أعلنت شركة النفط والغاز الطبيعي التركية "بوتاش"، في بيان خلال الساعات المتأخرة من ليل الأربعاء الماضي، فرض زيادات جديدة على سعر الغاز الطبيعي، بلغت في المناطق الصناعية 13.73%، وفي المناطق السكنية 14.97%، بدءاً من الأول من أغسطس.
ووفقاً لموقع (أكتيف هابر)، تضمن البيان ارتفاع أسعار بيع الغاز الطبيعي لمستهلكي الإسكان بمتوسط 14.97%، بجانب ارتفاع أسعار بيع الغاز الطبيعي للمستهلك الصناعي، ومناطق الصناعات النظامية، ومن يستخدمون الغاز الطبيعي لإنتاج الغاز المضغوط بمتوسط 13.73 %، على أن تطبق هذه الزيادة اعتبارا من1 أغسطس.
وحسب صحيفة سورجون، كان لارتفاع الكهرباء تأثير مباشر على رفع الأسعار بنسبة 0.45%، و0.30% بشكل غير مباشر، لتصبح الزيادة الكلية 0.75%. وبالمثل، من المتوقع أن يؤدي الارتفاع الأخير في أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 14.97% إلى زيادة أسعار المستهلك بنسبة 0.27% مباشرة و0.18% بشكل غير مباشر، وبشكل إجمالي بمقدار 0.45%.
ومن المنتظر أن تشهد تركيا زيادة جديدة قريبة، ووفقا للدراسة التقنية، بعد تطبيق زيادة في أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 10%، سيزيد مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 0.18 بشكل مباشرة، وبشكل غير مباشر بنسبة 0.12%، وبذلك سيرتفع الإجمالي إلى 0.30%. ومن المنتظر أن يرتفع مؤشر سعر المستهلك بمقدار 0.30% مباشرة وبنسبة 0.20% بشكل غير مباشر، وبذلك يكون الإجمالي 0.50%. لذلك، عندما تطبق زيادة على كلا المنتجين بنسبة 10%، كما ستزداد تكلفة المعيشة بمتوسط 0.80%.
حكومة العدالة والتنمية، بقيادة رجب إردوغان، حطمت الرقم القياسي في زيادة أسعار الكهرباء، بحجة تحسين الأوضاع المزرية التي يمر بها الاقتصاد، حيث بلغت تلك الزيادات خلال الـ16 عاماً الأخيرة، نسبة 307%، ووفقًا لصحيفة "يني تشاغ"، فإن تركيا تُعد الدولة الأولى من بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فرضاً للزيادات على فواتير الطاقة.
إحصائيات مجلس إدارة غرفة المهندسين الكهربائيين بإزمير، كشفت عن زيادة أسعار الطاقة، من ضمنها الكهرباء والغاز والوقود، ثلاثة أضعاف خلال الـ 16 عاماً الأخيرة، وأن ارتفاع رسوم التوزيع التي يتم وضعها في الخفاء ضمن الفواتير، منذ عام 2009 وحتى الآن، بمقدار خمسة أضعاف.
تركيا، أصبحت الدولة الأولى في زيادة مؤشر الطاقة المعتمد على أسعار المستهلك الذي تعده منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، من خلال الأخذ بعين الاعتبار التغير في سعر الكهرباء والغاز والوقود، وفقاً لصحيفة "سوزجو".
منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تضم في عضويتها 36 دولة، بينها دول عُرفت بأنها مستورد صافٍ للنفط والغاز مثل ألمانيا واليابان، وبينما بلغت الزيادة في متوسط أسعار الكهرباء لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 75%، بلغت نسبة الزيادة في تركيا 307%. مستنقع الغاز وتقع تركيا نتيجة سياسات رجب إردوغان في أزمة طاقة تتعلق بالغاز، حيث بلغ استهلاك الطاقة في تركيا في عام 2017 ما يعادل 158 مليون طن بترول لتحل في المركز السادس عشر في قائمة الأكثر استهلاكًا في العالم، ما يدفعها للاعتماد على الاستيراد بشكل شبه كلي بسبب عدم وجود موارد محلية كافية.
وفاتورة استيراد الوقود في تركيا بلغت نحو 37 مليار دولار عام 2017، وسجلت نحو 24.6 مليار في النصف الأول من 2018، و3.85 مليار في يناير الماضي فقط. ولا تجد تركيا سوى زيادة الاستيراد لسد حاجتها، حيث كشف المدير العام في شركة الغاز الوطني الإيراني حسن منتظر تورباتي كشف في تصريحات نقلتها صحيفة "دوار" التركية، في مارس الماضي، أن أنقرة طلبت زيادة وارداتها من الغاز الطبيعي، مشيرًا إلى استمرار بلاده في الضخ للبلدان التي وقعت معها اتفاقيات بهذا الشأن في أوقات سابقة.
حكومة إردوغان تضطر إلى تشغيل نحو 40 % من محطات الكهرباء بالغاز، في وقت وضعت فيه خططا لإنشاء أخرى بالطاقة النووية، فيما لم تظهر للأخيرة أي نتائج على أرض الواقع حتى الآن. كريستينا يوفانوفسكي، مراسلة شبكة "يورونيوز" الإخبارية التابعة للاتحاد الأوروبي قالت في تقرير لها يوليو الماضي، إن "تركيا ليس لدى أي موارد للطاقة تقريبًا داخل بلادها مما أدى إلى اضطرارها إلى الاعتماد على دول مثل إيران وروسيا لتلبية احتياجاتها من الطاقة".
وأضافت: "أدى فقر الطاقة إلى مشاكل لتركيا مع بعض حلفائها الرئيسيين (نتيجة تعديها على حقوق الدول المجاورة لها للتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط)، مثل الولايات المتحدة وكذلك مع بلدان مثل روسيا حيث أن لديها مصالح متباينة في المنطقة، وهذا يعني أن تركيا كان يتوجب عليها الحد من طموحاتها الأصلية".