الكامل يلتهم أموال مركزي مأرب.. إخواني كوّن إمبراطورية فساد مالية (تفاصيل حصرية)
تتعدَّد صور وأشكال أعمال نهب المال العام في محافظة مأرب، التي يسيطر عليها حزب الإصلاح الإخواني، وفي مقدمتها فرع البنك المركزي بالمحافظة الذي يشهد على جرائم عديدة، تكشف ملامحها صور فساد واضحة لمدير البنك المحسوب على الجناح الإخواني.
أعمال النهب تتضمّن تجارات كبيرة وعمليات بيع وشراء عقارات تصل لنحو مليار ريال، وغيرها من عمليات النهب المنظمة التي يشهدها البنك تحت مرأى ومسمع من السلطة المحلية التي تبارك هذا الفساد كونها تستفيد منه في بناء إمبراطورية طائلة من الأموال.
جمال الكامل، مدير فرع البنك المركزي فرع مأرب، الذي عُيِّن مديراً للبنك في عام 2014، قادماً من إدارة الحسابات بفرع البنك "فرع شبوة"، بعد أن بدأ مسيرته محاسباً في بنك الإنشاء والتعمير بالمحافظة في 2002، تكشف مصادر "المشهد العربي" أنّه يدير إمبراطورية كبيرة من الأموال، حصل عليها نتيجة عمليات نهب ثروات طائلة قام بها خلال مسيرته.
من موظف بسيط إلى هامور كبير
يحكي "أ.ع.ف"، صحفي أبدى رغبته في التحفظ على ذكر اسمه عن تاريخ الكامل قائلاً: "كان الهاشمي المتورد جمال الكامل في عام 2000 محاسباً بسيطاً في عتق، عاصمة محافظة شبوة، وكان بسيطاً في حياته لكن بعد سنوات تحوّل إلى هامور كبير من هوامير الفساد حين تولى مدير فرع البنك المركزي بمحافظة مأرب من خلال الوساطات والتسلق على الأحزاب".
وأضاف: "الكامل يمتلك حالياً محلات الكامل للملابس في مأرب، ويقوم ببيع عمارة مملوكة له بمبلغ 850 مليون ريال يمني من خلال صفقة مع نافذين في الحكومة، وإلا فإن العمارة لا تبلغ قيمتها حتى 200 مليون ريال يمني، وما خفي كان أعظم.. فالرجل أصبح ثرياً جدا ويتعمد تأخير المخصصات المالية، لاستثمارها في المضاربة وفي توسيع أنشطته التجارية".
إمبراطورية من الأموال
أكثر من عشر سنوات من العمل محاسباً مالياً في فرع البنك اليمني للإنشاء والتعمير، ومن ثم فرع البنك المركزي بمحافظة شبوة، لم يكن يمتلك غير راتبه فقط الذي يعيش من خلاله مع أسرته، عدا في السنوات الأخيرة بعد أن أصبح نائباً لمدير الحسابات في فرع "مركزي شبوة"، حيث بدأ عملية المضاربة بالعملة ليدخل بعد ذلك عالم كبير من الفساد والنهب.
وتكشف مصادر عن تاريخ "الكامل" قبل تعيينه مديراً لفرع البنك المركزي "فرع مأرب" قادماً من نائب مدير الحسابات في فرع مركزي محافظة شبوة، بقيامه بعددٍ من عمليات المضاربة بالعملة أثناء ممارسة عمله هناك، ليُكون ثروة مالية كبيرة تظهر في العديد من الاستثمارات التي أصبح يملكها من خلال هذه العمليات.
وقبل سنوات ومع تدهور الأوضاع بسبب الحرب الحوثية الراهنة، تولى "الكامل" الموالي لحزب الإصلاح، إدارة فرع البنك المركزي بمأرب، ليصبح في غضون أشهر أحد أهم عتاولة الفساد في المحافظة التي تخضع مناطق كثيرة بها لسيطرة الإخوان، ليُكوِّن مكونا إمبراطوريةً كبيرةً من الأموال تقدر بمئات الملايين عبر عشرات من عمليات الفساد والنهب.
صفقات منظمة
تقول مصادر "المشهد العربي" إنّ الكامل الذي ينتمي لمحافظة إب، قام مع وزير الإعلام معمر الإرياني، الذي ينتمي لنفس المحافظة، ببيع عمارة سكنية، تقع في حي الروضة أمام محطة الشبواني على شارع 24، بمدينة مأرب، كمقر لوزارة الإعلام بمبلغ وقدره 850 مليون ريال، في صفقة مشبوهة مريبة.
اشترى الكامل العمارة بمبلغ وقدره 86 مليون ريال قبل قرابة عام، ليبيعها بعد ذلك في صفقة للدولة بعد الإتفاق مع الإرياني بمبلغ 100 مليون ريال لأطراف وجهات معنية حتى تتم العملية، لتتم بعدها عملية البيع والشراء، وكسب الجانبين مبالغ باهظة تقدر بعشرات الملايين.
يأتي هذا فيما أوضحت المصادر أنّ الكامل بالاتفاق مع الإرياني كسبا من خلال عملية البيع هذه مبلغ وقدرة 764 مليون ريال.
وفي السياق، تؤكد مصادر أخرى أنّ العمارة التي قام الكامل ببيعها للدولة عبر صفقة مع الإرياني، كان اشتراها وهي في منتصف البناء، ليواصل البناء وتجهيزها بتكلفة لا تزيد عن 100 مليون ريال، موضّحةً أنّ المقاول الذي أكمل عملية البناء هو شقيقه "عمر الكامل".
ودائماً ما يستخدم "جمال الكامل" اسم شقيقه في عمليات إدارة تجارته وشراء العقارات، وذلك للتغطية على صفقاته التجارية من فساده، بحسب المصادر.
صورة أخرى من فساد "الكامل" وقعت في أحد أكبر المحلات التجارية لبيع الملابس في مدينة مأرب، إذ يديرها أحد أقربائه ليُبِعد عن نفس التساؤلات عن مصدر الأموال التي كوّن من خلالها المركز التجاري الكبير.
وتكشف مصادر أخرى عن عديد المحلات التجارية والاستثمارات التي تعود ملكيتها لمدير فرع مركزي مأرب، جميعها كونها منذ توليه إدارة فرع البنك في العام 2014.
ويمتلك الكامل سلسلةً من المطاعم في مدينة مأرب، بالشراكة مع عددٍ من المستثمرين، بينها مطعم "حرض" الواقع في مدخل سوق بن عبود للقات، إضافةً إلى مطعم الحديدة، الواقع في سوق أبو علي.
وإضافة إلى الاستثمارات التجارية التي كوّنها عبر عشرات من صفقات الفساد، تكشف المصادر عن امتلاك الكامل أيضاً وكالة مياه شملان في محافظة مأرب، والتي تقع خلف مبنى مول مأرب هيبر وسط المدينة، حيث يقوم بإدارتها شقيقه "عمر الكامل" للتغطية عن ممتلكات كبيرة كونها من فساد كبير يقوم به.
وتذكر مصادر متطابقة عن صورة أخرى للفساد الذي يغرق فيه الكامل، متمثلةً في أرضية بمساحة 14 ألف متر مربع، قام بشرائها في منطقة الميل باسم شقيقه "عمر" في عملية بيع تمت عبر كاتب الأراضي المعروف في مدينة مأرب باسم "عبار".
الكامل - بحسب المصادر - يمتلك في مدينة عتق بمحافظة شبوة، معملاً لصناعة الحلويات، إضافةً إلى صيدلية أدوية، ما أثار تساؤلات حول كيف لوكيل شركة للمياه أن يكون كل هذه الثروات الطائلة وشراء العقارات من خلال ما تعود به إليه الوكالة من أرباح.
فساد إداري ومضاربة بالعملة
يقوم الكامل، بفساد إداري كبير في البنك في مقدمتها استغلال الأموال العامة في عمليات المضاربة بالعملة الوطنية واستثمارها، علاوةً على مساندته لقيادة السلطة المحلية للمحافظة التابعة للإخوان في عمليات النهب بإيرادات المحافظة وتحويلها إلى شركة محسن الخضر للصرافة، التي تستخدم من قبل السلطة المحلية محلاً لإيداع الإيرادات العامة للمحافظة والتصرف بها فيما يخدم مصالحها الشخصية.
وتؤكد المصادر قيام الكامل بعمليات مضاربة كبيرة بحكم موقعه من خلال قيامه بإضافة حسابات وأرصدة لمحلات وشركات صرافة لا تمتلك رأس مال قوياً، يشترط أثناء فتحها تسجيل حساب يتم فيه دفع مبلغ 500 مليون ريال كتأمين، غير أنّ الكامل فتح عشرات الحسابات لهذه الصرافات بدون أن تدفع مبالغ التأمين.
تكشف المصادر عن قيام الكامل بعمل توريد هذه المبالغ الوهمية للبنك من قبل شركات الصرافة رغم أنها لم تورد في الحقيقة، وأن كل ذلك مقابل الحصول على عمولات طائلة يحصل عليها منها.
عمليات الفساد هذه تساعد في انتشار محلات الصرافة غير المرخصة وغير المؤهلة للعمل في هذا المجال، ما يساعد في بروز عمليات التلاعب بصرف العملة الوطنية، مؤكدة ان الكامل يستغل الأموال العامة عملية المضاربة.
وتتحدث المصادر بأنّ فرع البنك المركزي في مأرب يكاد يخلو من العملة المحلية وسط تكدس هائل للعملة الأجنبية التي يقوم بتخزينها ومن ثم القيام باستخدامها في عمليات المضاربة أثناء ارتفاع أسعار العملات العالمية للإستفادة منها في أرباح طائلة يتقاسمها مع نافذين في السلطة المحلية وحزب الإصلاح.
رفض صرف مرتبات بحجج واهية
"الكامل" الذي يدير البنك من منزله ولا يداوم في مكتبه إلا نادراً، رفض في الـ8 من شهر أغسطس الجاري، صرف رواتب الجيش في هيئة القوى البشرية والدوائر العسكرية لشهر مارس الماضي، تحت مبرر أنّهم استلموا المكرمة السعودية قبل أيام.
وتقول مصادر لـ"المشهد العربي" إنّ هذا الرفض من الكامل لأنّه مشغول بالمتاجرة برواتب الجيش من خلال استثمارها للمضاربة بالعملة الوطنية.