جنوبنا والخروج الأخير من القُمقُم

علي ثابت القضيبي

 في ٧يوليو ٢٠٠٧م ، بل وقبل ذلك بكثيرٍ ايضاً ، فقد تململ جنوبنا بعنفٍ مُعبراً عن رفضه المطلق لنتائج ماتَلى ٧يوليو ١٩٩٤م ، حتى وإن شَابَ ذلك قدراً من التّذبذبِ في الحدّةِ بين وقتٍ وٱخر ، لأنّ ثقافتنا ومكنون دواخلنا يرفضان التّعايش مع وضع الدونية والإضطهاد و .. و .. ، فما بالنا وهذا يجيئُ مِن مَن إفترضناهُ شريكاً ، ولذلك كانت تعابيرُ الكٱبة والإنكسار تكسوا وجوهنا جميعاً بمختلفِ فئاتنا العمرية خلال تلك الحقبة السوداء من تأريخنا الحديث ..

اليومُ ، وبعد تعبيرٍ طفره عن الغضبِ الجنوبي ، وهذا جاءَ أثر نضوج وتراكم عواملٍ عدّه في جغرافيا جنوبنا ، والأبرز فيها تَشكٌل مجلسنا الإنتقالي الجنوبي كرافعةٍ محوريّةٍ لِلفعلِ الجنوبي ، بل وككيانٍ يظمٌ معظم مكونات الفِعلِ السياسي الجنوبي الحيّة تحت مظلّته ويُدير أدائها على الأرضِ ، وبينها ماحدث خلال الفترة من ٧ - ١٠ أغسطس الجاري ، وهو الحدثُ الذي سينفضُ بهِ جنوبنا كلٌ ركاماتِ حقبة العبث والنهب والهيمنة و .. و .. بإذنه تعالى .

من المؤسفِ والمحزن أنّ كهنة الإفكِ وكِبار النّاهبين في السلطة الشّرعية ظَلّلوا وإستخدموا أبنائنا وإخوتنا كَذِراعٍ لهم في هذه الأحداث المؤسفة ، وهذا خُبثٌ ولؤمٌ درجوا عليه في كل أدائهم ! فمعسكراتهم التي تحمل مُسمّى حمايتهم عُبّئت بالمُظلّلين من نوعيّات - قاعده - إرهابيين - مقاتلين تحت تعبئة مناطقيةٍ - وشراذم من خارج الجنوب .. إلخ - مع أن معظم هذه التّصنيفات غير دقيقة فعلاً ، ولكن خُبثهم ولؤمهم يُوجههم هكذا لإشعالِ جنوبنا بِشعبهِ وحسب !!

الٱنَ .. وبعد أن إنقشعت غمامة هذه الأحداث المؤسفة التي أُجْبرنا عليها ، وعادَ كلٌ الأخوة الى وطنهم الأم والحاضن للكل ( الجنوب ) ، وهذا بفضل حنكة قيادة مجلسنا الإنتقالي ، يبقى الأهمٌ وهو في إدارة ملف مابعد هذه الأحداث ، والأبرز فيها هو عدم عودة جنوبنا الى ما كان عليه قبل هذه الأحداث نهائياً ، بل ومهما كلّف الأمر .

 لانعرفُ على وجه اليقين ماستتمخّضُ عنه مباحثات الرياض المُزمعة ، مع أنّ الطموح لدى كل جنوبي حرٌ هو في عودة دولتنا الجنوبية كاملة ، أي خلاصنا النهائي من هذه الوحدة السوداء ، ومع ذلك فإنّ الأهمّ بالنسبة لنا كجنوبيين - على الأقل الٱن - هو ضرورة فرض سيطرتنا المطلقة - عسكرياً وأمنياً وإدارياً ومالياً و .. و .. - على جغرافيا جنوبنا ، وعدم السّماح أو القبول بعودة كهنة الإفكِ - الأخوان - ومعهم كِبار لصوص ونهب ثروات وتدمير إمكانياته الإقتصادية ، وهم معروفين لنا جميعاً ولاشك ..

 إنّ عودة لُحمتنا الجنوبية قوية ومتماسكة ، بما فيها أخوتنا وأبنائنا الذين ظُلّلوا في هذه الأحداث المؤسفة ، كلٌ هذا هو الظّهير الخلفيٌ القوي لمجلسنا الإنتقالي الجنوبي حتى يُحقق المزيد من النجاحات المُتقدمة لجنوبنا ، كما وعلينا جميعاً إشاعة رُوح الحب والإخاء والتسامح فيما بيننا ، وكذلك نبذُ ثقافة الشّرِهِ الى الإثراء غير المشروع والنهب وكلٌ العادات الدّخيلة على مجتمعنا الجنوبي ، فجنوبنا اليوم يغادرُ قُمقُم العبث و .. و .. الذي حُشِرنا فيه طويلاً ، وعلينا جميعاً أن نتراصّ لإنجاز كلٌ هذه المهمات .. أليس كذلك ؟!


مقالات الكاتب