انتشار الأغذية الفاسدة في مأرب على وقع فساد السلطات المحلية (وثيقة)
المشهد العربي - تقرير خاص
تسببت حالة الفساد التي تعانيها السلطات المحلية في مأرب والتي يسيطر عليها حزب الإصلاح، في انتشار الأغذية الفاسدة والمنتهية الصلاحية، بعد أن أدرك التجار أن مخلفاتهم ستمر من دون عقاب، وهو ما يهدد صحة المواطنين الذين يعيشون تحت وطأة الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة.
وتنشط في الكثير من مناطق محافظة مأرب، شرقي البلاد، ظاهرة تسويق مواد غذائية شارفت على الانتهاء، بأسعار تعتبر رمزية، إذا ما قورنت بسعرها الأصلي، في الوقت الذي تبيع فيه عشرات المحلات التجارية مواد غذائية منتهية الصلاحية دون أي إجراءات ضبط حازمة من قبل الجهات المعنية وذات الاختصاص.
وتتنوع تلك السلع سوء التي يتم تسويقها سوءا السلع المقاربة على الانتهاء أو السلع منتهية الصلاحية - بحسب ما تكشف مصادر لـ"المشهد العربي" - لتشمل العصائر بكافة أنواعها والحلوى والبسكويت، والمعلبات بأشكالها، وغيرها من المواد التموينية، لتصل إلى حفاضات الأطفال.
ومن خلال جولة ميدانية لـ"المشهد العربي" في العديد من أسواق مدينة مأرب، وجد أن العديد من المحلات التجارية الكبيرة تقوم بتوزيع وتسويق السلع الغذائية المقاربة على الانتهاء في الأسواق بأسعار مخفضة، إضافة إلى استماعه للعديد من المواطنين تحدثوا عن بضائع وسلع غذائية تباع في محال البقالة والمحلات التجارية وهي منتهية الصلاحية.
مصادر محلية تحدثت بأن هذه السلع والمعلبات منتهية الصلاحية أو الموشكة على انتهاء صلاحيتها والتي تنتشر في عشرات المحلات والأرصفة في أرجاء المدينة وتباع في وضح النهار، بنحو نصف سعرها الأصلي، تعرض حياة الآلاف المواطنين للأخطار.
يتحدث أحد المواطنين الذي رفض ذكر اسمه خوفا من بطش السلطات المحلية قائلا: "قبل عدة أسابيع قام محل تجاري كبير ومعروف في المدينة بعرض بيع أحد أكياس البطاطس بسعر 300 ريال بتخفيض 350 ريال عن سعره الأصلي 650 ريال.
يقول استغربت من طفلي وهو يطلب مني إعطائه مبلغ 300 ريال ليشتري بطاطس "البطل" حجم الكبير، فأعطيته المبلغ وحين عاد إلى عندي، فأخذته منه ومباشرة خطر على بالي النظر إلى تأريخ انتهاء الصلاحية، ووجدت فعلا أنه لم يتبقى على فترة صلاحيته سوى 5 أيام، وهو الأمر الذي جعل من المركز التجاري بيع الكمية المتوفرة لديه بنصف السعر.
يعتبر أحمد، مواطن، أن الخطورة لا تكمن في بيع السلع المقاربة على الانتهاء بنصف سعرها، فهو أمر عادي ولا تشكل أي تهديد أو خطر كبير، لكن الخطورة الحقيقية هي انتشار بيع المواد والسلع منتهية الصلاحية في محال والمحلات التجارية دون أي رقابة عليها.
ويقوم عشرات التجار ببيع المواد الغذائية منتهية الصلاحية على المواطنين دون أي تدخل للجهات المسؤولة في ضبطهم إلا بعد حصول الأضرار في أوساط المواطنين نتيجة هذه المواد المنتهية، والتي يكون تدخلها - بحسب المواطنين - لفترة قصيرة سرعان ما تتوقف عن مهمتها وكأن حياة المواطن لا تعنيها.
وتشهد أسواق محافظة مأرب انفلات كبير وعدم رقابة فعلية على التجار من قبل جهات ذات الاختصاص في المراقبة ممثلة بمكتب الصناعة والتجارة، وإدارة حماية المستهلك.
ولعل ما يساعد على ذلك عدم اتخاذ قرارات رادعة في حق المخالفين من التجار، وعدم فرض العقوبات الصارمة عليهم بعد ضبطهم وضبط مواد وسلع منتهية الصلاحية في محلاتهم التجارية، وهو ما يؤدي إلى مواصلة التجار العبث بأرواح المواطنين من خلال الاستمرار في بيع هذه المواد.
وتذكر تقارير لحماية المستهلك خلال الأربعة أشهر الأولى من العام 2019م الجاري، إنه تم ضبط 38 طن من المواد الغذائية منتهية الصلاحية في ثلاث مديريات بالمحافظة شملتها عملية تفتيش بعد عشرات الشكاوي من المواطنين بتعرضهم للأمراض والأخطار نتيجة سلع منتهية الصلاحية تباع في عشرات المحلات التجارية.
وتشير التقارير إلى أن حتى حفاضات الأطفال منتهية الصلاحية تم ضبطها بكميات كبيرة في عشرات المحلات، تقدر كميتها - وفق حماية المستهلك - 2000 كرتونة منتهية الصلاحية، أي حوالي "4 طن".
وتقدر كمية المواد الغذائية والسلع منتهية الصلاحية التي تم ضبطها خلال الفترة بكمية "4.5 طن"، تتوزع على عدد 6000 قطعة.
تذكر التقارير أن هذه الكمية من الحفاضات منتهية الصلاحية وجدت داخل هنجر أحد التجار كان قد باع منها 100 كرتون إلى السوق في المدينة، وقع ضحيتها 25 طفلا بعد ارتدائهم لها أصيبوا - وفق تقارير طبية - بتحسس حاد في مكان تركيب الحفاضة على أجسامهم، ظلوا معه لأسابيع يتلقون العلاجات من إصابتهم.
تقارير حماية المستهلك تكشف أن عدد المخالفات على مدى الأربعة الأشهر الأولى من العام الحالي والتي شملت المديريات الثلاث في محافظة مأرب تبلغ 4934 مخالفة.
وتتوزع هذه المخالفات على المديريات التابعة لمحافظة مأرب، وبحسب ما توضح التقارير فإن هناك 1120 مخالفة في مديرية المدينة، فيما وصل عدد المخالفات في مديرية حريب، إلى 1164 مخالفة، في مقابل 2650 مخالفة بمديرية الوادي، حصلت
وفي الوقت ذاته يشكو الآلاف من المواطنين في المحافظة من التجار الذين يقومون إلى جانب بيعهم مواد غذائية منتهية الصلاحية، ببيع بضائع وسلع غذائية فاسدة وسيئة التخزين.
وتفيد تقارير صادرة عن مكتب الصناعة والتجارة بالمحافظة أن عدد التجار تضاعف في مأرب، إلى 10 أضعاف عن عدد التجار السابقين خلال الثلاث سنوات الماضية، مؤكدة انه خلال هذه السنوات تم افتتاح أكثر من 4 ألف محل تجاري.
ويتحدث العشرات من المواطنين في محافظة مأرب، أن ظاهرة بيع المنتجات الفاسدة ومنتهية الصلاحية انتشرت بشكل كبير في ظل غياب سلطات الرقابة في المحافظة.
وأكد المواطنين على أنه يجب تفعيل دور الرقابة على التجار من قبل الجهات المختصة، فالمشكلة تتفاقم بشكل كبير وسط غياب الجهات المعنية.