الجنوب نحو التحرُّر.. استعادة الدولة بين حنكة الانتقالي وقناعات التحالف
رأي المشهد العربي
أثبتت التطورات التي شهدها الجنوب في الفترة الأخيرة، على الصعيدين السياسي والعسكري، أن قضية فك الارتباط واستعادة الدولة والهوية الجنوبية التي يدافع عنها الشعب الصامد لسنوات عدة، أصبحت جزءاً رئيسياً من مستقبل الحل السياسي للأزمة اليمنية.
عسكرياً، استطاعت القوات المسلحة الجنوبية أن تلقِّن أعداءها دروساً شديدة القسوة، دحرت خلالها مليشيا حزب الإصلاح، ذراع جماعة الاخوان الارهابية، في غضون فترة صغيرة جداً، لتثبت الوهن الهائل لهذا الفصيل الذي اخترق الحكومة الشرعية وحوّلها إلى معسكرات إرهابية، وهو ما أكَّده تقرير أمني أمريكي مُسرَّب.
في الوقت نفسه، أثبتت القيادة السياسية الجنوبية، ممثلة بمجلسها الانتقالي، حنكةً سياسيةً تحسد عليها، عندما وافقت على المشاركة في الحوار الذي دعت إليه المملكة العربية السعودية، بمدينة جدة.
هذه الخطوة فُسِّرت بأنها تؤكد حرص القيادة الجنوبية على عدم التصعيد والعنف؛ بغية إتاحة الفرصة أمام حل سياسي يحقق تطلعات شعب الجنوب الساعي نحو فك الارتباط واستعادة دولته وهويته.
هذه التطورات على الأرض تعني أن القضية الجنوبية أصبحت رقماً أساسياً وطرفاً رئيسياً في معادلة الحل، وهو ما فطنت إليه السعودية بالدعوة لحوارٍ عاجل، قرأ من خلال هذه الدعوة تفهُّمها لمطالب الجنوبيين.
ولعلّ الرسالة التي أدركتها مختلف الأطراف الإقليمية وربما الدولية وفي مقدمتها السعودية، ما تحمله أجندة حزب الإصلاح التي لا تقتصر على استهداف الجنوب وكيد المؤامرات ضده، بل تسبُّب الحزب الإخواني في حالة وهن شديدة أصابت الشرعية، بعد اختراقه لها، حوَّلها لما يشبه فصيلاً سياسياً له مليشيات مسلحة، يعمل على تحقيق أهدافه الشخصية وأجندته الضيقة.
وبعدما انخرط "الإصلاح" في علاقات تقارب (فاحت رائحتها) مع مليشيا الحوثي الانقلابية، عمد حزب الجماعة الإرهابية إلى غرس بذور الفتنة والتطرف في الجنوب، وحاول بشتى السبل القضاء على أجواء الاستقرار، مستخدماً في ذلك أساليب لم تراعِ حق المواطنين في حياة آمنة على أرضهم.
يشير ذلك كله إلى أن الجنوب لن يعود إلى الخلف ثانية، وأن المجلس الانتقالي الجنوبي مل على عاتقه تطلعات شعب وأحلام أمة، عليه إكمال الطريق كاملاً حتى يتحقق النصر الكبير، مدفوعاً بشعب تصدح حناجره وتقول "إنّ غداً لناظره قريب".