مجزرتا الحديدة.. قصفٌ حوثي ينسف الحياة ويغتال الحل السياسي

الأحد 15 سبتمبر 2019 18:48:58
testus -US

تدفع محافظة الحديدة ثمناً فادحاً جرَّاء الجرائم الإرهابية التي ترتكبها مليشيا الحوثي، التي ترتقي إلى جرائم حرب، لا يتوقّف الانقلابيون عن ارتكابها.

الساعات الأخيرة شهدت تكثيفاً حوثياً في القصف الهستيري على الأحياء السكنية والقنص المستمر للمواطنين، وبينهم النساء والأطفال، وسط ارتكاب مجازر وحشية بحق المدنيين.

محافظة الحديدة شهدت مؤخراً مجزرتين منفصلتين، ارتكبت المليشيات إحداهما في مدينة حيس، أسفرت عن مقتل طفلين وإصابة أربعة آخرين من أسرة واحدة، في قصف حوثي استهدف منزل المواطنين.

المليشيات أطلقت عدداً من القذائف المدفعية صوب قرية السبعة، جنوب حيس، وطال القصف المنازل، وسقطت إحداها في منزل المواطن حسن عبد الله شحاح، وأدت إلى مقتل اثنين من أطفاله، وهما راكان حسن عبد الله شحاح (6 أعوام)، ومحمد حسن عبد الله شحاح (12 عاماً)، وإصابة 4 آخرين بجروح متفاوتة، وهم أبو بكر حسن عبد الله شحاح (8 أعوام)، ويونس حسن عبد الله شحاح (10 أعوام)، وأزهار حسن عبد الله شحاح (15 عاماً)، ومنال حسن عبد الله شحاح (4 أعوام)».

المجزرة الثانية ارتكبتها المليشيات في مديرية التحيتا، حيث قصفت منازل المواطنين هناك بقذائف المدفعية، وراح ضحية القصف الهمجي تسعة مواطنين، بينهم نساء وأطفال من أسرتين في منطقة المتينة، وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة، في الجبلية بمديرية التحيتا.

وهرع السكان إلى مكان المجزرة لنقل جثث القتلى، ونقل الجرحى إلى المستشفى الميداني في الخوخة لتلقي الإسعافات الأولية، حيث قتل محمد علي شامي، وخميسة كليب حمادي، وأسماء يحيى فرج، وشوعية محمد عمر، وحميدة محمد عمر، وأحمد سالم مطري، و3 من أطفاله، فيما أصيب داؤود إبراهيم ناجي، وشيماء إبراهيم ناجي.

مليشيا الحوثي تواصل يوماً بعد يوم، نسف كل جهود السلام والحل السياسي، عبر قصفها المستمر لمناطق التهدئة التي أقرّها اتفاق استوكهولم، والذي أسفر عن مقتل وجرح عشرات المدنيين بين رجال ونساء وأطفال في محافظة الحديدة، وذلك منذ دخول الاتفاق حيّز التنفيذ في 18 ديسمبر من العام الماضي.

وكان تقريرٌ صدر مؤخراً، عن فريق من الخبراء الدوليين والإقليميين بمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، اتهم المليشيات الحوثية بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وشنت الهجمات العشوائية واستهدفت المدنيين في أعمال ترقى إلى جرائم الحرب.

وأوضح التقرير أنّ المليشيات استخدمت أسلحة لها آثار مدمرة واسعة النطاق كالصواريخ والمدفعية ومدافع الهاون، حيث وُجهت عمداً على المدنيين والأعيان المدنية وأدّت إلى قتلهم وإصابتهم، كما استخدموا الأسلحة عشوائياً في المناطق المأهولة بالسكان، في تعز وعدن والحديدة وراحت أعداد كبيرة من المدنيين ضحية قصف مليشيا الحوثي ودمّرت منازلهم وسبل عيشهم، كما قتلت النازحين في الحديدة أثناء فرارهم.

فريق الخبراء فحص وحقّق في حوادث إطلاق النيران من قبل قناصة الحوثي في تعز وعدن، التي أدت إلى مقتل المئات من المدنيين بين مارس ويوليو من عام 2015، كما وثق الخبراء قتل 200 مدني وإصابة 350 آخرين.

وعلى مدى العام الماضي 2018 استهدفت مليشيا الحوثي المدنيين عمداً وقتلتهم، وكذلك في عام 2015 حيث استهدفت المنازل السكنية وقتلت الأطفال، كما استهدف قناصة الحوثي الأطفال عمداً.

ولفت التقرير إلى أنّ مليشيا الحوثي قامت في المدة من يناير إلى مارس الماضيين باستهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية عمدًا في الضالع، كما دمّروا منازل المدنيين في حجة، دون أي ضرورة عسكرية، مؤكداً أنّ استهداف المدنيين يمثل جريمة حرب.

وكشف أنّ مليشيا الحوثي استخدمت الألغام الأرضيّة ضد الأفراد والمركبات، ما أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالمدنيين وقتل المئات، وتحقّق فريق الخبراء من قتل وإصابة ألغام زرعتها ميليشيات الحوثي للمئات من المدنيين في أبين والضالع والبيضاء والجوف وحجة وإب ومأرب وصنعاء وصعدة وشبوة، وكذلك قتلت ألغام الحوثي المضادة للمركبات المدنيين في الحديدة وهي أكثر المحافظات تضررًا من الألغام.

التقرير أشار إلى أنّ الحوثيين يزرعون الألغام عمداً في طريق المدنيين في انتهاك صارخ لاتفاقية حظر الألغام التي أقرتها سلطات الأمر الواقع، وبيّن أنّ المليشيات فرضت قيوداً بيروقراطية تسبّبت في تأخير الإغاثة والمساعدات الإنسانية، كما فرضت قيوداً على حركة العاملين الإنسانيين واستهدفتهم وقتلت أحد العاملين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إبريل 2018، ما أدّى إلى انسحاب العاملين الإنسانيين من مناطق معينة، وحولت المساعدات الإنسانية لصالحها وأعاقت الإمدادات الغذائية.

وتسبّبت مليشيا الحوثي بالتدابير التي اتخذتها في تفاقم الحالة الاقتصادية الكارثية ما أدى إلى المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، واتبعت ممارسات صارمة لجمع الضرائب لتمويل الجهود الحربية، وانتهكت الحق في العمل والحق في مستوى معيشي لائق بما في ذلك الحق في الغذاء والماء والحق في الصحة والتعليم.

على الرغم من بشاعة الجرائم التي وردت في التقرير الأممي بشأن انتهاكات الحوثيين، لكنّها ليست المرة الأولى التي يُكشف فيها النقاب عن هذه الجرائم، لكنّ الأمر الذي لا يقل ترويعاً هو ذلك الصمت الأممي الكبير إزائها.

وتُوجّه الكثير من الانتقادات للأمم المتحدة إزاء عدم اتخاذها إجراءات عقابية حاسمة ضد الإرهاب الحوثي المتصاعد، إلى الحد الذي وصل إلى اتهام المنظمة الأممية بمنح المليشيات تأشيرةً للاستمرار في هذا الموت المروّع.