نظرة متأنية لعدوان إخوان الشرعية على الجنوب.. هل اقترب فك الارتباط؟
مثّل العدوان الذي شنّته مليشيا الإخوان بقيادة الإرهابي علي محسن الأحمر على الجنوب، والبطولات التي جسّدتها قواته الجنوبية في صد هذا الاعتداء خطوة شديدة الأهمية نحو تحقيق الحلم الأكبر وهو فك الارتباط مع الشمال.
الأحداث المتسارعة التي شهدها الجنوب مؤخرًا، والتي بدأت بعدوان إخواني استعان بتنظيمات إرهابية، متسترًا تحت غطاء الشرعية، أفرز حالة جنوبية ربما تكون غير مسبوقة، تجسّدت في التكاتف الشعبي إلى جانب القيادة السياسية الجنوبية (ممثلة في المجلس الانتقالي) ما مثّل حائط صد منيعًا ضد المؤامرات الإخوانية.
وإزاء الانتصارات العسكرية على الأرض في مواجهة اعتداءات مليشيا الإخوان، فقد نجح المجلس الانتقالي في أن يُعظّم نفوذه ويجعل الجنوب وحلم شعبه بفك الارتباط مع الشمال رقمًا أساسيًّا في معادلة حل الأزمة اليمنية التي يتم التركيز في شقها الأساسي حاليًّا على التصدي للمليشيات الحوثية الانقلابية، وعندما تنتهي هذه المواجهة فمن المؤكّد أنّ الأمور لن تكون كما بدأت الحرب في صيف 2014.
وتُظهر مواقف الجنوب أنّ قيادته السياسية تتعامل بحنكة سياسية ملهمة بالنظر إلى كامل مجريات الأمور، وذلك بالنظر إلى الوقوف إلى جانب التحالف العربي في مواجهة الحوثيين والتصدي لإرهاب المليشيات الانقلابية المدعومة من إيران، وفي الوقت نفسه يتم العمل على مكافحة الطعنات الغادرة التي يُسدِّدها "إخوان الشرعية" في الظهر.
عسكريًّا أيضًا، فقد أثبتت القوات المسلحة الجنوبية مدى قدرتها على تأمين أرض الجنوب وهو ما سعت مليشيا إخوان الشرعية لإجهاضه في عدوانها الأخير، إذ عملت على توسيع سيطرتها على الأرض لتتحكم في مقدراته، لكنّ القنبلة المفخخة التي أرادت تفجيرها في أرض الجنوب انفجرت في وجهها، لتفضي إلى واقع سياسي وعسكري جديد، يُعلي من أحلام الجنوبيين ويُحقِّق تطلعاتهم.
وعلى ما يبدو أن حكومة الشرعية عوّلت على أن تتلقّى دعمًا دوليًّا من أطراف مختلفة، لكنّ هذا الأمر انقلب ضدها أيضًا، وتجلّى ذلك في مواقف أغلب الدول التي حرصت على مسك العصا من المنتصف، وتأييد لغة الحوار، وهو ما حمل اعترافًا ولو بشكل غير مباشر في أنّ للجنوب حقوقًا لا يمكن إنكارها، وهو ما شكّل صدمة مبكرة لإخوان الشرعية.
ولا شك أنّ المجلس الانتقالي يدرك أنّ المهمة لم تنتهِ بعد وأنّ تحقيق حلم شعبه بفك الارتباط مع الشمال لن يكون سهلًا، وهو ما عبّر عنه الناطق باسم المجلس نزار هيثم في مقابلة سابقة مع "المشهد العربي"، أكّد خلالها أنّ المهمة ليست سهلة ولا مستحيلة، وأنّ المجلس عازمٌ على تحقيق حلم الجنوبيين في نهاية المطاف، وجاهزٌ لأي مواجهات سواء سياسية أو عسكرية لأجل هذا الغرض.
وفي الوقت الذي يمضي فيه المجلس الانتقالي محملًا بتطلعات شعبه نحو الحرية، فإنّ يتوجّب أخذ الحيطة والحذر من مؤامرات إخوان الشرعية التي تُحاك في السر والعلن ضد الجنوب، بغض النظر عما تُفضي إليه اجتماعات جدة التي ترعاها المملكة العربية السعودية وتستهدف التوصُّل إلى حلٍ بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية.
ومع توالي التسريبات التي تخرج للنور من هذه الاجتماعات والحديث عن إطار هيكلي جديد يستأصل الوجود الإخواني بشكل كامل من الحكومة، فإذا صحّ هذه الطرح فإنّ القيادة السياسية الجنوبية ستكون مطالبةً بالانتباه أكثر للضربات التي قد تأتي من الباطن عبر "إخوان الشرعية"، وقد أظهر هذا المعسكر الإرهابي قدرة كبيرة في شن هذه الهجمات العدائية بفعل علاقاته المتجذرة مع التنظيمات الإرهابية التي تشبهه.