الحل السياسي المنقوص.. كيف تتعامل الأمم المتحدة مع أزمة اليمن المُعقدة؟
تميل استراتيجية الأمم المتحدة في التعامل مع الأزمة اليمنية القائمة منذ صيف 2014 بعدما أشعلت المليشيات الحوثية حربها العبثية، في البحث عن انتصار سياسي ودبلوماسي حتى ولو كان منقوصًا.
بين حينٍ وآخر، تصدر تصريحات عن المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث يؤكّد خلالها أنّ حلّ الحرب في اليمن هو تسوية سياسية تقوم على الشراكات وعلاقات الجوار وبناء المؤسسات وفقًا للمرجعيات الثلاث.
ودعا جريفيث بحسب بيانٍ صادرٍ عن مكتبه، إلى أن يخرج اليمن من الحلقة المفرغة من العنف الآن وأن يبقى بمنأى عن التوترات الأخيرة في المنطقة التي يمكن أن تقوّض احتمالات السلام.
تصريحات جريفيث المتقضبة لن يختلف اثنان عن أهميتها وأنّها تشكل سبيلًا نحو إيقاف معاناة المدنيين التي نجمت عن الحرب الحوثية العبثية، لكنّ استراتيجية الأمم المتحدة يمكن وصمها بالمنقوصة كثيرًا، إذ أنّ الأمم المتحدة تكتفي في كثيرٍ من الأحيان بمثل هذه التصريحات الرنانة دون أن تتخذ خطوات عملية على الأرض تُسيِّر هذا الحل السياسي.
وبينما رعت الأمم المتحدة في ديسمبر الماضي، اجتماعات بين حكومة الشرعية والمليشيات الحوثية أفضت إلى اتفاق السويد الذي نُظر إليه بأن يكون خطوة أولى على طريق الحل السياسي، لكنّ الجهود لم تثمر عن شيء، إذ حوصرت المنظمة الدولية بعديد الاتهامات بأنّها تتساهل أمام الخروقات التي ارتكبتها المليشيات الحوثية والتي تخطت السبعة آلاف خرق قد أفرغت الاتفاق من محتواه.
استراتيجية الأمم المتحدة في اليمن بعيدًا حتى عن العمل السياسي، تثير الكثير من الريبة، فيما يتعلق بتورُّط موظفيها في دعم المليشيات الحوثية لا سيّما في الملف الإغاثي.
وكثيرًا ما فضحت التقارير الرقابية والحقوقية والإعلامية ما يمكن القول إنّه تواطؤ بين الأمم المتحدة والحوثيين، ففي أغسطس الماضي أفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأنَّ منظمة الصحة العالمية تجري تحقيقًا في عملياتها في اليمن حول نيفيو زاجاريا، وهو طبيب إيطالي كان يشغل منصب رئيس مكتب المنظمة في صنعاء من 2016 حتى سبتمبر 2018، طبقًا لثلاثة أفراد لديهم معرفة مباشرة في التحقيق، للتورط في فساد بمجال المساعدات الإغاثية مع المليشيات الحوثية.
وفي أغسطس أيضًا، عقدت منظمة إغاثية تدعى "إيواء"، أنشطة طائفية في محافظة حجة تحت مسمى "فعاليات ترفيهية" استهدفت غسل عقول الأطفال وبخاصة الأيتام الذين لقى ذووهم حتفهم بالقتال مع المليشيات الحوثية، وتجنيد الكثير منهم والدفع بهم لجبهات القتال في صفوف الانقلابيين.
هذه الأنشطة تمّ تنظيمها بدعمٍ مباشر ومتوصل من قِبل منظمة "اليونيسف" التابعة للأمم المتحدة، لتفرض مزيدًا من الريبة حول الدور الذي تلعبه المنظمة في اليمن على مدار السنوات الماضية.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها توجيه اتهامات لمنظمة "اليونيسف" بدعمها المليشيات الحوثية، حيث سبق أن حصل الانقلابيون على تمويلٍ من المنظمة لتحويل مبنى تابع لجامعة إب إلى مدرسة تحمل اسم رئيس مجلس حكم الجماعة الانقلابي السابق صالح الصماد.
كما اتُهمت "اليونيسف" بالتكفُّل بجميع تكاليف المراكز الصيفية التي تقيمها المليشيات للطلاب، وذلك عبر منظمة "الشراكة العالمية من أجل التعليم" التابعة لوزارة التربية والتعليم في حكومة الانقلابيين غير المعترف بها.
المنظمة قدّمت الكثير من الدعم للحوثيين من خلال تسليمها الحافز المالي للمئات من التابعين للمليشيات بعد إسقاط المدرسين من الكشوفات واستبدالهم بعناصرها، إضافة إلى الاستقطاعات الكبيرة التي نفذتها بالتنسيق مع المنظمة، متجاوزة بذلك الاتفاق مع وزارة التربية والتعليم في الحكومة الشرعية، علاوةً على الدعم المقدم للمليشيا عبر برامج مختلفة.
وفي 2016، سلّمت "اليونيسف" مبلغ 40 مليون دولار لمنظمة الشراكة العالمية، الخاضعة لمليشيا الحوثي بغرض إنشاء معامل في مدارس صنعاء، إلا أنها لم تنفذ أياً من هذه المشروعات.