قبل أن تبدأ.. هل أفشل الحوثيون مهام البعثة الجديدة لمراقبي الحديدة؟
على مدار خمس سنوات متواصلة، أثبتت مليشيا الحوثي الانقلابية قدرات كبيرة في توجيه رسائل سياسية خادعة لكنها تواصل في المقابل ممارساتها التي تطيل أمد الحرب التي طال أمدُها أكثر من اللازم.
وبين حينٍ وآخر، تزعم مليشيا الحوثي استعدادها للانخراط في تسوية سياسية تُفضي حلٍ شامل، إلا أنّ الانقلابيين سرعان ما ينقلبون على تعهُّدهم، في تأكيد على وجههم الإرهابي المروّع الذي يعمل على إطالة أمد الحرب لتكبيد المدنيين أعباء ثقيلة يستغلونها في توسيع دوائر نفوذهم على الأرض.
ومع كثرة إعلاناتها وقبولها بالتهدئة إلا أنّ ممارسات الحوثي بقدر ما تعكس الإدراك أن لا خيار أمامها إلا القبول بحل السياسي، إلا أنّ المليشيات، بحسب صحيفة البيان، تستخدم مثل هذه المواقف لتكرار مراوغات قديمة ومحاولة لاستعادة التقاط الأنفاس، ولهذا فإن ما يصدر عن هذه المليشيات التي تدار من إيران يؤخذ بعين الشك والريبة.
وبعد تسعة أشهر على اتفاق استوكهولم ومحاولة هذه المليشيات التنصل منها أو إفراغها من مضامينها عادت وقبلت بتنفيذها، ومنذ ما يزيد على شهر استكملت الأمم المتحدة وضع آلية لتنفيذ كل الخطوات الميدانية ابتداء من انسحاب الحوثيين من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وانتهاء بفتح المعابر والخروج من مدينة الحديدة، لكن المليشيات التي صادقت على هذه الخطة مستمرة في انتهاك الهدنة واختلاق المبررات التي تعيق بدء عمل المراقبين المحليين والدوليين.
وتقول الصحيفة إنّه إذا كان مقررًا أن تصل الدفعة الثانية من المراقبين الدوليين قبل شهر من الآن، وأن يبدأ ضباط الارتباط مهامهم ميدانيًّا الأسبوع الماضي في أربع مناطق على خطوط التماس لتثبيت وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة ومناطق الاشتباكات في جنوبها، فإن المليشيات مستمرة في عرقلة عمل المراقبين، لا سيّما فيما يتصل بالنزول الميداني للتحقق من خروج عناصر المليشيات من الموانئ الثلاثة ومن هوية قوات خفر السواحل التي تسلمتها إلى جانب خرائط الألغام والتأكد من نزعها وتدميرها.
ولم تكتف مليشيا الحوثي بإعاقة تنفيذ الاتفاق بعد هذا التأخير، بل واصلت حشد مقاتليها إلى جنوب الحديدة، واستمرت في تنفيذ هجماتها على مواقع القوات المشتركة أملاً في تحقيق أي اختراق عسكري يمكنها من استهداف طرق إمدادات القوات في جنوب الحديدة..
وفي انتظار وصول القائد الأممي الجديد للمراقبين الدوليين في الحديدة الجنرال الهندي المتقاعد أباهيجيت جوها وبقية أفراد البعثة الأممية، فإن مخاطر انهيار اتفاق استوكهولم تتشكل بالانتهاكات اليومية وإصرار المليشيات على إرسال التعزيزات وسط صمت المجتمع الدولي، وفق الصحيفة.
وإذا كان تنفيذ اتفاق استوكهولم يمثل اختبارًا لمصداقية وجدية الميليشيا للقبول بالحل السياسي، ترى الصحيفة أنّ استئناف المحادثات الشاملة وإنهاء القتال يرتبط بقدرة هذه المليشيات على إثبات جديتها وسلامة نواياها، وتحريك ملف الأسرى والمعتقلين، والتأكيد على أنها قد غادرت مربع المراوغة والتحايل.
المليشيات قامت خلال الساعات الماضية بتحشيد عسكري كبير بمحافظة الحديدة، بعدما حوَّلت عددًا من المساجد والمرافق الحكومية والخدمية الواقعة في شوارع الستين والأقصى والأربعين وصنعاء وجمال والكورنيش والقدس وأحياء سكنية قريبة من جبهات القتال إلى ثكنات عسكرية للعناصر القادمة من خارج المدينة إلى جانب تكديس الكثير من الأسلحة والألغام والقذائف في تلك المباني.
وأجرى الحوثيون عمليات تجنيد واستقطاب للمواطنين في مديريات الحديدة، فيما شهدت مديريتا باجل والمنصورية حملات تجنيد واسعة في صفوف المواطنين وسط إغراءات مالية كبيرة قدمتها الميليشيات من أجل استقطاب الكثير من الشباب والأطفال للزج بهم في معاركهم العبثية.