جنوب ما بعد حوار جدة.. خطوةٌ على طريق استعادة دولة
تشير أغلب التطورات السياسية المتداخلة والمتشابكة بأنّ الأوضاع في الجنوب بعد اجتماعات جدة لن تكون كما قبل الاجتماعات، بعدما أصبحت القضية الجنوبية العادلة رقمًا أساسيًّا في معادلة الحل.
وبينما تُظهر حكومة الشرعية تناقضًا جليًّا في التعامل مع اجتماعات جدة، تارة بالتهرب منها بعد الدعوة الأولى التي أطلقتها المملكة العربية السعودية في أغسطس، وأخرى بالمراوغة بعد الدعوة السعودية الثانية في سبتمبر.
وتؤكّد المواقف الرسمية للقيادة السياسية الجنوبية ممثلة في المجلس الانتقالي، بأنّه يقبل إدارة ذاتية للجنوب وذلك حتى انتهاء الحرب مع المليشيات الحوثية، ثم يتم الحديث عن مفاوضات أخرى للحل الشامل يُحقِّق تطلعات الشعب الجنوبي عبر فك الارتباط.
هذا الموقف يعبّر عن حنكة سياسية بارعة تتحلى بها القيادة السياسية الجنوبية، أهمها أنّها تقف على قلب رجلٍ واحد إلى جانب التحالف العربي في مواجهة الحوثيين، خلافًا لحكومة الشرعية المُخترقة إخوانيًّا التي انخرطت تعاونت سرًا وعلنًا مع المليشيات الانقلابية الموالية لإيران.
وقد عبّر عن ذلك الناطق باسم المجلس الانتقالي نزار هيثم في مقابلة مع "المشهد العربي"، قائلًا إنّ حوار جدة هو بداية لحل قادم يحقق أهداف عاصفة الحزم ويعطي الجنوبيين حقهم بإدارة مناطقهم بعيدًا عن وصاية أحزاب صنعاء ومليشياتهم الارهابية.
وبينما اتهم "هيثم" طرفًا في حكومة الشرعية بالعمل على إفشال هذه الجهود، فإنّه أكّد أنّه سينتج عنه واقع سياسي يحقق أهداف عاصفة الحزم وتطلعات الشعب الجنوبي نحو إدارة مناطقه وموارده بشكل كامل وكذا عمل مراجعة شاملة لأخطاء الشرعية والعمل على تفعيل مواجهة الحوثيين بمحافظات الشمال.
ويفطن المجلس الانتقالي جيدًا للمحاولات الإخوانية المستمرة لإفشال الحوار، وصرّح "المتحدث": "ندرك مخاطر عقلية الهيمنة لدى الإخوان وفرعهم حزب الإصلاح وأنها هي من أعطت الحوثيين القوة لاحتلال صنعاء بسبب التخاذل المستمر بالعمليات العسكرية لقيادة الإخوان ورفضهم مواجهة الحوثيين، ونحو ومستعدون لمواجهة أي محاولة للفوضى بالجنوب".
وبينما يرى البعض أنّ محادثات جدة قد طال أمدُها، إلا أنّ ذلك يرجع إلى عراقيل تضعها حكومة الشرعية، لا سيّما بعدما تسرّب عن الاجتماعات بأنّه سيتم استئصال نفوذ حزب الإصلاح الإخواني من الشرعية وطرد مليشياته ومسلحيه من الجنوب الذي سيديره أبناؤه.
وبالنظر إلى المحاولات المستميتة لحكومة الشرعية لإفشال حوار جدة والاجتماعات التي عقدها بعض وزرائها في العاصمة العمانية مسقط مع الحوثيين، فإنّ ذلك يشير على ما يبدو بأنّ حكومة الشرعية - وهي تحت السيطرة الإخوانية - تبحث عن إعادة هيكلة شاملة، تُجنّبها الخسائر التي ستطال حزب الإصلاح من المرحلة المقبلة.