4 ملايين شاهد على المأساة.. بشاعة حوثية لن تغادر الذاكرة
خلال خمس سنوات من الحرب العبثية التي أشعلتها مليشيا الحوثي، وُلد أربعة ملايين طفل، ليكونوا شهودًا على مأساة العصر التي ربما لن تتكرر ثانية.
إحصاء دولي جديد، كشف حجم المأساة الإنسانية المروّعة الناجمة عن الحرب العبثية التي أشعلتها المليشيات الحوثية في صيف 2014، لا سيّما فيما يتعلق بالحالة الصحية لملايين الأطفال.
منظمة الصحة العالمية كشفت اليوم الثلاثاء، أنّ أربعة ملايين طفل وُلِدوا منذ بداية الحرب، في الوقت الذي تمّ تسجيل 51% فقط من المرافق الصحية التي ما زالت قيد العمل.
وأضافت المنظمة أنّ هناك 19,7 مليون شخص يفتقرون إلى الرعاية الصحية، موضّحة: "اليمن بحاجة لنا جميعًا الآن أكثر من أي وقت مضى".
وتسبّبت الحوثيون في إغراق اليمن بأزمة إنسانية مأساوية، ينتابها الكثير من الأرقام الصادمة والمروّعة، حيث تؤكد منظمات دولية أنَّ 21 مليون شخص، من أصل 27 مليونًا، باتوا في حاجة إلى مساعدات إنسانية، فيما فقد أكثر من 100 ألف أرواحهم جراء الأوبئة والأمراض القاتلة التي تفشت جراء الحرب الحوثية.
كما كشفت إحصائياتٌ أممية، أنّ الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي تسبَّبت في نزوح أكثر من ثلاثة ملايين شخص، وفقد عشرات الآلاف أرواحهم جراء نيران الانقلابيين والأوبئة التي تفشت بعد انهيار المنظومة الصحية.
ويعتبر القطاع الصحي أحد أهم القطاعات التي تضرّرت كثيرًا من حرب المليشيات التي خلّفت وراءها مسرحًا كبيرًا من الأمراض والأوبئة، وقبل أيام أقدم الحوثيون على إغلاق المستشفيات في صنعاء بشكل جزئي بحجة عدم توفر المشتقات النفطية.
مصادر طبية كشفت لـ”المشهد العربي” أنّ وزير الصحة في حكومة الانقلابيين “غير المعترف بها” أصدر تعليمات للقيادات الحوثية المعينة على المستشفيات، بتقليص ساعات العمل بالتدريج بحجة عدم توفر المشتقات النفطية.
وأشارت المصادر إلى أنّ المستشفيات في صنعاء قلَّصت اليوم ساعات الدوام ورفضت استقبال المرضى بعد الساعة الحادية عشر، بمبرر عدم توفر المشتقات النفطية، والأبشع من ذلك هو أنّ المليشيات تتجه إلى إغلاق المستشفيات بشكل كامل؛ وذلك بغية افتعال أزمة إنسانية.
وارتكبت المليشيات الموالية لإيران الكثير من الانتهاكات ضد قطاع الصحة، سواء بقصف وتعطيل المستشفيات أو سرقة وإتلاف الأدوية، كما تسبّبت في تفشي الكثير من الأدوية، على النحو الذي فاقم من مأساة الوضع الصحي في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وفي سبتمبر الماضي، داهمت مليشيا الحوثي مئات الصيدليات ومخازن الأدوية في صنعاء وسحبت كميات كبيرة من الأدوية تحت مبرر مكافحة التهريب، حيث نفّذت لجانٌ تتبع وزارة الصحة في حكومة الانقلابيين غير المعترف بها عمليات تفتيتش برفقة مسلحين على المئات من مخازن الأدوية في سوق الدواء بمنطقة التحرير وصادرة كميات كبيرة من الأدوية.
ووصل الأمر إلى انتشار غير مسبوق في الوقت الحالي للمرضى النفسيين في شوارع وأزقة وأحياء صنعاء ومدن أخرى خاضعة لسيطرة الانقلابيين، حيث تنامت هذه الظاهرة على نحو لافت خلال الأربعة أعوام الأخيرة (أي فترة الحرب الحوثية)، مع استمرار وتيرة الجرائم التي شنتها وتشنها الميليشيات. و
يتوزع معظم المرضى النفسيين، وفق معلومات رسمية، في المدن الأكثر كثافة سكانية والأشد فقرًا، مثل صنعاء وتعز والحديدة وإب وذمار الخاضعة جميعها لسيطرة الحوثيين، حيث يفترش مئات الآلاف ،المصابين باضطرابات نفسية بينهم أطفال ونساء، أرصفة الشوارع، في حين يلجأ بعضهم للتسول، ويقتات البعض الآخر من القمامات.
وفاقمت الظروف المعيشية الصعبة وارتفاع معدلات الفقر وانعدام الرواتب وفرص العمل من تدهور كبير في الصحة النفسية لدى غالبية المواطنين، في وقت تؤكد فيه إحصائيات محلية عن وجود أكثر من خمسة ملايين مصاب حاليًّا باضطرابات نفسية.
ويعاني القطاع الصحي بشكل عام من وضع متدهور وخطير نتيجة الحرب الحوثية، وأدى ذلك إلى غياب شبه كامل للخدمات الصحية بما فيها خدمات الصحة النفسية، ويقول آخر مسح نفذته منظمة الصحة العالمية إن من بين 3507 منشآت صحية في اليمن تغيب فيها الخدمات المتعلقة بالأمراض النفسية ولا تتوافر إلا بنسب ضئيلة.
كما تزايدت حالات الانتحار على نحو لافت خلال الفترة الأخيرة، نتيجة ضغوط نفسية وظروف معيشية قاسية يعيشها السكان، وأفرزتها المليشيات منذ أن أشعلت حربها العبثية.