تقدير موقف | تقدم القوات الجنوبية نحو الشمال.. حماية أم مجازفة؟
في الوقت الذي سطّرت فيه القوات الجنوبية بطولات خالدة ضد المليشيات الحوثية في محافظة الضالع مؤخرًا، فقد ثارت الكثير من التساؤلات بشأن مستقبل التحركات العسكرية ما بين التقدم أكثر صوب الشمال من عدمه.
القوات الجنوبية تمكَّنت في الأيام الأخيرة من تحرير الكثير من المواقع المهمة والاستراتيجية من قبضة المليشيات الحوثية، لا سيّما في جبهة الفاخر، وشقّت طريقها صوب محافظة إب.
النجاحات التي حقّقتها القوات الجنوبية، ولا تزال تُسطِّرها، تأتي في وقتٍ ارتكبت فيه حكومة الشرعية، المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي، الكثير من الخطايا والخيانات، تجلّت في التعاون والتقارب مع الحوثيين ما أدّى إلى تعطيل وتأخير حسم التحالف العربي للحرب على المليشيات.
لم تكتفِ المليشيات الإخوانية بهذا الجُرم المروّع، بل عمدت على استهداف الجنوب، ولا يزال عناصرها الإرهابيون منتشرون في بعض المحافظات الجنوبية، يعملون على بث الفوضى في محاولة لإشعال الأوضاع من أجل النيل من أمن واستقرار الجنوب والسيطرة على مقدراته.
وإذا كانت القوات الجنوبية ملتزمة بمحاربة الحوثيين في المناطق الشمالية استنادًا إلى وازع إنساني عظيم وتكاتفًا مع التحالف العربي في مواجهة إرهاب المليشيات، فإنّ الجنوبيين مطالبون في الوقت نفسه بالانتباه جيدًا للمؤامرات العسكرية والسياسية والنفسية التي يشنها "إخوان الشرعية" على الجنوب، وبالتالي يكون تأمين أمن الوطن هو الأولوية القصوى.
سببٌ آخرٌ استند إليه الذاهبون في الرأي إلى ضرورة إعادة دراسة الموقف، وهو سبب جيوسياسي، يرتبط بـ"السيطرة الاجتماعية" للمليشيات الحوثية على مناطقها، وبالتالي فإنّ محاربة الأرض إلى جانب من يسيطر عليها ستكون عاملًا يضاعف الأعباء على القوات الجنوبية، وهي قد تكون في غنى عن ذلك.
هذا التوجه لا يعني التوقّف عن مواجهة المليشيات الحوثية، لكن معتقدي هذا الرأي يعتبرون أنّه ربما يمكن الاكتفاء ببعض المواقع الدفاعية التي تجعل أي تفكير الحوثيين للعدوان على الجنوب بمثابة مقابر للغزاة.
ما يُعضِّد من هذا التوجّه كذلك أنّ المرحلة الحالية تتطلّب التركيز أكثر على التصدي لمؤامرات مليشيا إخوان الشرعية التي تُحاك ضد الجنوب، ليل نهار.
يتفق مع ذلك، الكاتب والمحلل العسكري خالد النسي الذي يقول: "أنا مع عدم استمرار تقدُّم القوات الجنوبية باتجاه المحافظات الشمالية فقط نسيطر على مواقع كخطوط دفاعية عن الجنوب وسحب القوات الجنوبية من المناطق الحدودية بين اليمن والسعودية".
المرحلة الحالية، بحسب النسي، تتطلب عودة القوات الجنوبية إلى العمق الجنوبي لمواجهة مليشيا حزب الإصلاح باعتبار أنّها الخطر الأكبر في الوقت الراهن وهو ما يتوجّب العمل عليه.