الكتاب التائه.. تعليمٌ دفع ثمن إرهاب الحوثي وعبث الشرعية
منذ أن أشعلت المليشيات الحوثية حربها العبثية في صيف 2014، لا تتوقّف انتهاكات الانقلابيين في قطاع التعليم، لتنضم الكتب الدراسية وسوقها السوداء إلى قائمة المعاناة الشديدة، وهو جُرم كبير شاركت فيه كذلك حكومة الشرعية، المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي.
واشتكى السكان في مناطق سيطرة الحوثي، من تحول كثير من شوارع مدنهم إلى أسواق سوداء، لبيع المناهج والكتب المدرسية، وبأسعار خيالية.
وتعمّد قيادات مليشيا الحوثي في وزارة التربية والتعليم بحكومة الانقلابيين غير المعترف بها، حرمان الطلاب من حصولهم على الكتاب المدرسي، مع وجود مماطلات عدة من قبل إدارات المدارس الموالية للمليشيات، فيما يتعلق بتأمين الكتب المدرسية للطلبة.
وبينما شارف الشهر الأول من العام الدراسي الجاري على الانتهاء، فلم يحصل الطلاب على مناهجهم الدراسية، بعدما عمدت المليشيات إلى الإشراف وبشكل مباشر على افتتاح أسواق سوداء عدة في مناطق سيطرتها، لبيع الكتب والمناهج الدراسية بالتزامن مع دخول الشهر الأول من بدء العملية التعليمية.
ويتولى نافذون يعملون في وزارة التعليم بحكومة الانقلابيين ومطابع الكتاب المدرسي، ومحسوبون على المليشيات، بيع الكتاب المدرسي في الأسواق السوداء بمناطق سيطرتها، على حساب مصلحة الطلبة ومستقبلهم الدراسي، حتى تسبَّبوا في اختفاء الكتاب المدرسي.
وبعيدًا عن الكتب المدرسية، فإنّ المليشيات الحوثية ارتكبت كمًا هائلًا من الانتهاكات في قطاع التعليم، مستهدفةً الحاضر والمستقبل، وكذا العمل ولاء الأجيال الجديدة لها منذ الصغر.
وكشفت تقارير حقوقية حديثة، أنَّ المليشيات الحوثية ارتكبت في صنعاء والمحافظات التي تسيطر عليها نحو 30 ألف حالة انتهاك في البيئة التعليمية في عام واحد، تراوحت بين قتل واعتداءات جنسية واختطاف وتجنيد أطفال وغيرها.
ويعاني التعليم في صنعاء والمحافظات التي تسيطر عليها المليشيات الحوثية من وضع مأساوي، إذ تسيطر مفاهيم العنف والسلاح ونشر ثقافة الموت والمقابر بين الطلاب والأطفال منهم على وجه الخصوص، إضافة إلى معاناة المنتسبين إلى القطاع التعليمي من الفصل التعسفي.
ولا تتحمّل المليشيات الحوثية وحدها مسؤولية تردي الوضع التعليمي، فقد ارتكبت حكومة الشرعية الكثير من الإهمال لهذا القطاع ضمن العبث الكبير الذي تعاملت به مع الحرب منذ اندلاعها، فالحكومة التي يسيطر عليها حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي لا تعبأ بالوضع الإنساني، لكنّها حوَّلت أجندتها في مسار آخر، ارتكز أولًا وأخيرًا على الانتفاع من الوضع المهترئ الراهن من جانب ومعاداة الجنوب من جانب آخر.
ودفع التعليم ثمنًا باهظًا جرّاء هذه الفوضى الحكومية الحادة، ومع تباكي الشرعية "المصطنع" على حال المدارس وطلابها في المناطق الواقعة تحت قبضة سيطرة الحوثيين، فإنّها ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في تردي هذا الوضع بشكل أكبر من خلال خيانات مستمرة للتحالف العربي من قِبل "إخوان الشرعية" الذين تحالفوا مع المليشيات الحوثية سرًا وعلنًا، ما أسفر عن تأخُّر حسم الحرب عسكريًّا.