الإصلاح يصرخ وقطر تستميت.. كيف يتآمر محور الشر على حوار جدة؟
"فتِّش عن قطر".. العنوان الأبرز لما دار في الأيام الماضية فيما يتعلق بالمحادثات التي تُجرى في مدينة جدة السعودية بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية، والتي تحاول الدوحة إفشالها بكل ما أوتيت من قوة.
اتهام قطر بمحاولة إفشال حوار جدة؛ خدمةً للمليشيات الإخوانية ومستقبل نفوذ حزب الإصلاح في المرحلة المقبلة، ورد على لسان وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، الذي قال إنّ الدوحة تلعب دورًا في محاولة عرقلة الحل والتوصّل لاتفاق في محادثات جدة، مستدلًا على ذلك بالتعاطي الإعلامي لقناة الجزيرة القطرية مع مجريات الأمور.
الوزير البحريني قال كذلك إنّ الدور الذي تلعبه قطر دومًا كان فاشلًا ولن ينجح أبدًا، مشدِّدًا على أنّه سيتم الانتصار في النهاية على الدور القطري والتدخل الإيراني.
أمس الخميس كان الموعد الذي اتفقت عليه كافة التوقعات بأن يتم التوقيع فيه اتفاق جدة، وعلى الرغم من أنّ مسودة الاتفاق كانت جاهزة، لكنّ أطرافًا في حكومة الشرعية عرقلة هذه الخطوة، عبر شروط مُجحفة، لا يقبلها عقل، تمثّل أحدهما في منح قادة الحكومة حصانة من الملاحقات القضائية، وكأنّهم على قناعة كاملة بالخطايا العديدة التي تمّ ارتكابها، لا سيّما فيما يتعلق بدعم وإيواء الإرهاب والتنسيق مع تنظيمات متطرفة، وعلى رأسها المليشيات الحوثية، على الرغم من تستُّر هذه الحكومة بعباءة الشرعية.
وفي الوقت الذي يساهم فيه حوار جدة في استئصال الإرهاب الإخواني من حكومة الشرعية وضبط بوصلة الحرب في اتجاه مكافحة الحوثيين، فإنّ أمرًا كهذا من المؤكّد أنّه لا يرقى لقطر التي تحتضن الإخوان وتدعمهم ماليًّا وسياسيًّا وتسليحيًّا، وبالتالي عملت الدوحة على إفشال هذه المحادثات، واستخدمت أذرعها في حكومة الشرعية نفسها لحماية تنظيم الإخوان في المرحلة المقبلة.
في الوقت نفسه وضمن المخطط القطري نفسه، كرّست شبكة "الجزيرة" الفضائية أوقاتها من أجل تشويه التحالف العربي ومحاولة إفشال محادثات جدة وتقوية جبهة "الإصلاح" نفسيًّا وإعلاميًّا، عبر سلسلة لا تنتهي حلقاتها من الأكاذيب والإدعاءات، وآخرها ما نشرته من بنود زعمت أنّها لمسودة اتفاق جدة، وقد راعت في أكاذيبها تلك العمل على خدمة النفوذ الإخواني في المقام الأول.
لم يقتصر الأمر كذلك، بل أشرفت قطر عبر أذرعها النافذة في حكومة الشرعية على عمليات تحشيد عسكري إخواني صوب الجنوب، في محاولة لإشعال الأوضاع وزرع الفوضى وبث الفتنة، ودّعمت ذلك بخطاب شديد العدائية والكراهية ضد الجنوب، في محاولة لإجهاض أي فرص للحل السياسي والتوصّل لاتفاق في جدة.
ولعل ما جعل التحركات القطرية الإخوانية تستعر على عديد الجبهات، ما نُشر عن "المسودة النهائية" لاتفاق جدة قبل يومين، والتي تضمّنت تشكيل حكومة جديدة، ولجنة خاصة مناصفة بعضوية المجلس الانتقالي والتحالف العربي لمراقبة أداء الحكومة والإشراف عليها، وإيقاف جميع الملحقين في السفارات، وإعادة هيكلة الوظائف الدبلوماسية والوكلاء في الوزارات الحكومية، وأن تودع إيرادات الدولة في البنك المركزي بعدن.
كما اشتملت المسودة كذلك على إعادة تشكيل الوضع الأمني والعسكري واعتبار المقاومة الجنوبية قوات شرعية جنوبية، وأن تتولى النخب والأحزمة الأمن في الجنوب، فيما تتولى النخبة الأمن في محافظة شبوة، بإشراف وإدارة القوات السعودية، وأن يكون المجلس الانتقالي الجنوبي شريكًا ممثلاً للجنوب في مفاوضات السلام، على أن يتم تأجيل موضوع الأقاليم حتى إنهاء الانقلاب الحوثي.
هذه البنود يبدو أنّها نزلت كالعاصفة على "إخوان الشرعية"، فخرج المتحدث باسم الحكومة ببيانٍ ينفي فيه قرب التوصُّل لاتفاق في جدة ووصف هذه البنود بـ"التسريبات المشبوهة"، مع العلم أنّ الحكومة لم تعلق على التسريبات التي نشرتها "الجزيرة"، يعني أنّ حكومة الشرعية تختار ما يرقى لها وتتعامل على أساسه وفقًا لما يخدم مصالحها، وهو ما يفضح زيف توجهاتها أمام الرأي العام.