هل تنقذ مناورات الإصلاح حصار الشرعية في جدة؟
رأي المشهد العربي
تجد مليشيات الإصلاح -التي تختبئ في ستار الشرعية - نفسها محاصرة في مدينة جدة السعودية بعد أن استطاع التحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي التعامل بسياسية النفس الطويل في مواجهة المراوغات وتغيير الآراء ومحاولات الإفشال العديدة التي أقدمت عليها، إلى أن أصبحت محاصرة لا تعرف كيف تتحرك، ما انعكس على تأجيل توقيعها على المسودة النهائية حتى الآن.
في كثير من الحوارات السابقة استطاعت الشرعية أن تناور وتراوغ كيفما شاءت لكن هذه المرة يبدو الوضع مختلفاً لعدة أسباب؛ على رأسها، إن التحالف العربي سد جميع المنافذ التي من الممكن أن تتحرك من خلالها، واستطاع أن يجبر الجزء الأكبر من الشرعية على أن تبدي آرائها بشكل صريح ومباشر والتعامل مع هذه المواقف بشكل حازم بعكس ما كان يجري سابقاً.
منذ أن بدأت حوارات جدة لم تتوقف الشرعية عن شن حملات التحريض الممنهجة ضد التحالف العربي، وكان هدف تلك الحملات إفشال أي محاولة للحوار من الأساس، غير أن فشل تلك الحملات في تحقيق مآربها كان بمثابة أول حلقات حصارها، وبعدها لجأت إلى تجييش الحشود بكل ما أوتيت من قوة تجاه محافظات الجنوب، غير أن جميع المحاولات انتهت بالفشل.
على مدار أكثر من شهر حاولت الشرعية أن تغير من طبيعة الأوضاع العسكرية على الأرض من دون أن تتمكن من ذلك بل أن ذهابها إلى اجتياح شبوة تحول إلى ما يشبه بالمستنقع، وأضحت في حصار سياسي تواجهه في جدة بجانب حصار عسكري تعانيه على أرض الواقع في الجنوب، وهو الأمر الذي منع من إمكانية تغير المعادلة العسكرية وبالتالي تغير مجريات الحوار حسبما تريد هي.
الفشل العسكري قاد الشرعية للبحث عن مراوغات جديدة وجدت ضالتها في العاصمة العمانية "مسقط"، بعد أن حاولت ابتزاز التحالف العربي بالذهاب باتجاه التحالف المباشر مع المليشيات الحوثية، غير أن رد التحالف كان حاسماً بأن ذلك لن يكون له أثر على أرض الواقع بعد أن اتخذ قراراً بإعادة هيكلة الشرعية وتطهيرها من العناصر الإصلاحية التي خانت العهود على مدار الخمس سنوات الماضية.
مناورات الإصلاح شملت أيضاً الذهاب باتجاه حشد السياسيين وقادة القبائل لتشكيل حالة معادية للتحالف العربي، لكن أيضاً تلك المناورات لم تحقق المأمول منها، لأكثر من سبب؛ أوله، أن حزب المؤتمر الشعبي يسعى لأن يكون ممثلاً بالشرعية الجديدة، وبالتالي فإن مواقف العديد من قياداته كانت الوقوف على الحياد انتظاراً لما ستسفر عنه مشاورات جدة، بجانب أن قادة القبائل فهم يرفضون التضحية بأنفسهم في ظل خسارة الإصلاح السياسية والعسكرية.
وبالتالي يمكن التأكد من أنه المناورات لن تكون سبيل الإصلاح الأمثل لفك الحصار المفروض عليه، ومن المتوقع أن يذهب باتجاه التوقيع على مسودة الاتفاق، غير أن التطبيق على أرض الواقع هو من سيحتاج إلى جهود مكثفة من التحالف العربي.