غرفة مظلمة على خط النار.. حكاية 6 ساعات قضاها معتقل في سجن إخواني

الأحد 20 أكتوبر 2019 00:21:52
testus -US

"ست ساعات كاملة بلا جواب، بلا فهم، بلا أي شيء.. الثابت الوحيد هو احتجازٌ غير معروف الأسباب في سجنٍ أنشأته مليشياتٌ مارقة لا تعرف لغة إلا التنكيل والإرهاب".. ملخصٌ لفترة احتجازٍ قضاها الصحفي طه صالح، في سجن إخواني بمحافظة تعز، كان القدر رحيمًا به أنّه اقتصر على تلك الساعات الست فقط.

صالح كشف تفاصيل اعتقاله من قِبل المليشيات الإخوانية، قائلًا إنّه أثناء قيامه بعمله الصحفي بتصوير قصة إحدى الأسر التي تدمر منزلها في منطقة الجحملية جاء طقم أمني وعليه مضاد طيران، وقام باختطافه وكذا مساعده في التصوير محمد هائل غالب.

يضيف صالح في حديثه: "حاول رجل الأمن الذي في النقطة أن يشرح لهم انني استاذنت منه بالتصوير لكنهم بكل بجاحة قالوا له إنت مالك دخل، حاولت أشرح لهم أنّني استأذنت من نقطة الأمن، قالوا هذه النقطة ليست معنا وما له أي دخل".

"اختطفونا إلى أحد المباني جانب مدرسة محمد علي عثمان في خطوط النار وتم احتجازي في إحدى الغرف المظلمة، حاولت أن أشرح لهم وأعرض لهم الصور إنّها صور إنسانية لكنّهم سحبوا الكاميرات بالقوة".. يتابع صالح.

ويمضي قائلًا: "سحبوا مني تليفوني، منعونا من الاتصال بأقاربي أو بالقادة المسؤولين بالجبهة،أو إبلاغ أحد أنني مختطف.. عشت حالة قلق صعبة كونه يوم الجمعة ووقت الغداء وأنا أسرتي وأهلي لا يعلمون عني شيئًا.. .من الساعة العاشرة صباحًا إلى الساعة الثالثة عصرًا وأنا أتعرض لضغط نفسي كون السجن الذي أنا فيه يقع قرب الجبهة ولا أحد يعرف بمكاني".

ويوضح صالح: "هذا السجن لا يتبع إدارة الأمن ولا إدراة البحث، يتبع القطاع المسؤول عن الجبهة الشرقية وجبهة العسكري".

وبعد الساعة الثالثة عصرًا، أي بعد خمس ساعات من الاحتجاز، جاء أحد القادة يدعى أحمد علي سمح لصالح بالاتصال بأسرته بشرط أن يخبرهم أنّهم عند أحد أصدقائه ولا يُخبرهم أنّهم بالسجن، وبعد نصف ساعة أفرجوا عنه.

لم تنتهِ القصة عند هذا الحد، بل اطلع "صالح" على قصص معتقلين اختطفتهم المليشيات الإخوانية دون علم أحد من أهلهم، حيث يتم إدخال الكثير من المعتقلين يوميًّا إلى هذا السجن بشكل غير رسمي ومن دون أي سند قانوني.

واقعة اعتقال صالح من قبل المليشيات الإخوانية في تعز، أعادت الحديث عن سجون هذا الفصيل الإرهابي بالمحافظة، والتي تُمثّل مقاصل يلقى فيها المعتقلون موتًا بطيئًا مروّعًا.

ويملك حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي أكثر من 18 سجنًّا سريًّا، تتفاوت فيها درجات التعذيب، حيث أنَّ أهون سجن سري يتم تعذيب الضحية لمدة 18 ساعة.

ويقول عضو لجنة المخفيين قسرًا عبدالستار الشميري، إنّ حزب الإخوان يمارس أبشع أنواع التعذيب للمعتقلين في سجون بتعز التي تضم العشرات ممن كان لهم دور كبير في العمليات العسكرية ضد مليشيا الحوثي.

ويضيف أنّ فصائل الإخوان ارتكبت جرائم بشعة في سجون استحدثتها في مدارس ومباني ومعسكرات تدريبية، لافتًا إلى أنّ خوف الإخوان من كشف أسرار هذه المعتقلات دفع بفصائله إلى تصفية المخفيين قسرًا بعيدًا عن الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة وإغلاق بعضها وإطلاق سراح بعض المعتقلين تحت ضمانات مشددة.

وعن التعذيب الوحشي، أكّد الجندي عدنان أنّه رغم فقده إحدى عينيه خلال المواجهات مع الحوثيين، فقد قامت مليشيا حزب الإصلاح بتعذيبه بشكل وحشي عن طريق الصعق والضرب وإطلاق الرصاص الحي على قدمه ويده.

وفي محافظة تعز، يوجد في سجون "الإصلاح" أكثر من 2000 مختطف، بينما تمَّ تسجيل عدد المتوفين تحت التعذيب قرابة 134 مختطفًا ويتم دفنهم في مقابر سرية ليلًا.

مشرف السجون السرية لـ"الإصلاح" هو القيادي في الحزب ضياء الحق الأهدل السامعي وهو من يقرر أي سجن يوضع فيه الضحية وبحسب أهميته.

وأشد السجون السرية يشرف عليها المدعو "أبو نضال" وهو ضابط استخبارات سابق ولديه فريق خاص من محافظته (عمران) ويشرف على سجن يسمى الضغاطة وفيه ما يقارب 120 مختطفاً، وهو من أبشع السجون السرية من ناحية التعذيب حيث يموت بسبب التعذيب شخص واحد في كل ثلاثة أيام.

وهناك عدة مراحل يتم إتباعها عند وقائع الاختطاف، تبدأ بـ"الرصد والمتابعة"، حيث تقوم عناصر الحزب في الحارات وفي النقاط برصد الضحية والإبلاغ عن تحركاته حتى نقطة الصفر، ثم "الاختطاف" وعند وصول الضحية إلى إحدى النقاط العسكرية لمليشيا الإصلاح يتم القبض على الضحية والإبلاغ عنه إلى غرفة العمليات الخاصة بالحزب.

في "الخطوة الثالثة"، تأتي سيارةٌ معاكسة وتقوم بأخذ الضحية إلى مقر إدارة أمن المظفر ويشرف على العملية القيادي في الإصلاح عبدالعزيز مدهش الذي تم تكليفه بتلك المهمة، ويبقى الضحية في إدارة أمن المظفر حتى بعد منتصف الليل فتأتي سيارة ويتم عصب عيني الضحية ويأخذونه إلى أحد سجونهم السرية.