حرب المياه.. صنابير حوثية تُدر أمراضًا قاتلة
انضمّ نقصان المياه، إلى أحد أهم الأسباب التي تضاعف من الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب العبثية التي أشعلتها المليشيات الحوثية في صيف 2014، مُخلِّفةً وراءها أزمة إنسانية لا نظير لها.
أزمة الوقود التي افتعلتها المليشيات الحوثية في الأيام الماضية بمناطق سيطرتها، عرَّضت 15 مليون شخص لخطر الإصابة بأمراض قاتلة، بسبب انقطاع حاد لإمدادات المياه، حسبما قالت منظمة "أوكسفام" للإغاثة الدولية في تقرير أصدرته اليوم الثلاثاء، قالت فيه إنّ السكان يواجهون انقطاعًا شديدًا في إمدادات المياه، ما يعرضهم لخطر الإصابة بأمراض قاتلة مثل الكوليرا، وذلك بسبب أزمة الوقود الحالية.
واضطر 11 مليون شخص للاعتماد على المياه التي توفرها شبكات المياه المحلية، بالإضافة إلى أربعة ملايين شخص آخرين يعتمدون على المياه التي تنقلها الشاحنات، إلى خفض استهلاكهم اليومي بشكل كبير منذ ارتفاع أسعار الوقود في سبتمبر الماضي.
وأشارت المنظمة إلى أنَّ اضطرار خفض الاستهلاك يجري حاليًّا في ثلاث مدن رئيسية وهي إب وذمار والمحويت، فيما أُجبرت شبكات المياه المركزية على الإغلاق التام.
وكشف التقرير عن أنّ "أوكسفام" اضطرت إلى قطع المياه التي توفرها عبر الشاحنات عن آلاف المستفيدين بسبب زيادة أسعار الوقود، فيما تعمل شبكات المياه التي بنتها المنظمة، التي تزود ربع مليون شخص، بنحو 50% فقط من طاقتها.
من جانبه، صرّح مدير مكتب "أوكسفام" في اليمن محسن صدّيقي بأنّ أزمة الوقود تؤثر على كافة مجالات حياة الناس، لكنّها ليست أكثر أهمية من نقص المياه النظيفة بالنسبة للملايين من اليمنيين الذين يصارعون الجوع والمرض بشكل حقيقي للبقاء على قيد الحياة.
وأضاف أنّه يتوجّب العمل على إنهاء القيود المفروضة على المستوردين، بحيث يمكن للوقود أن يصل مرة أخرى إلى البلاد دون عوائق.
وفي الفترة الأخيرة، خصّصت المليشيات الحوثية الكثير من أوجه إرهابها المميت على صعيد أزمات الوقود المفتعلة، مستهدفةً خلق حياة بائسة يدفع ثمنها مئات آلاف القاطنين في مناطق سيطرة الانقلابيين.
المليشيات "الموالية لإيران" أقدمت مؤخرًا، على إغلاق أغلب المحطات الخاصة بالتزود بالوقود، وفرضت تدابير من شأنها زيادة معاناة السكان، حيث خصَّصت محطات بعينها يملكها قادة حوثيون لبيع الوقود.
كما عملت المليشيات على تحديد كميات بعينها كل ستة أيام لملاك السيارات والحافلات، وشوهدت طوابير السيارات في مختلف المناطق الخاضعة للحوثيين، وكثف قادة المليشيات من تحركاتهم في أروقة المنظمات الدولية والأممية على المستويين المحلي والداخلي لاستثمار الأزمة الإنسانية.
وبحسب تقارير رسمية، فإنّ المليشيات عمدت إلى تعطيل شركة النفط واستغلالها لتحقيق مصالح خاصة بأشراف خماسي ويوزع وارداتها ويستغلها عضو ما يسمى المجلس السياسي محمد علي الحوثي، ورئيس الاستخبارات أبوعلي الحاكم، ووزير الداخلية والنفط والمعادن في حكومة الانقلابيين "غير المعترف بها" عبد الكريم الحوثي أحمد دارس، بالإضافة إلى القيادي زكريا الشامي.
كما تعمل المليشيات على استغلال الموانئ لتعطيل مصالح الشركة وتحويل الفوائد لمصالحهم الشخصية، من خلال عمل سوق سوداء تدر الكثير من الأرباح لصالح الحوثيين، بل وصل الأمر إلى استغلال ناقلات النفط في نقل الأسلحة والصواريخ والطائرات المسيرة والمخدرات.
لم يكتفِ الخماسي الحوثي بنهب النفط الذي كان يكفي لو تمّ تسخيره للصالح العام لسداد رواتب كافة الموظفين الذين تعطلت رواتبهم منذ ثلاث سنوات، بل عمدوا كذلك إلى رفع أسعار الديزل بشكل كبير وصل إلى نحو ثلاثة أضعاف السعر السابق.
وتتلاعب المليشيات الحوثية بالمشتقات النفطية بعد تمكنها من السيطرة على مفاصل شركة النفط في صنعاء وتعيين قيادات محسوبة عليها في الفروع والمنشآت الحساسة، حيث عيّنت مديرًا تنفيذيًّا محسوبًا على المليشيات في خطوة تهدف إلى السيطرة على كافة قرارات الشركة لتلجأ بعد ذلك لفتح أكثر من 20 شركة محلية للخدمات النفطية وإعطاء هذه الشركات صلاحيات متكاملة لاستيراد النفط، وتم تعطيل مهام شركة النفط، وسحب امتيازها.
وفي الوقت الذي تضاعف فيه المليشيات معاناة المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، فقد ضاعف الحوثيون أرباحهم اليومية من تجارة المشتقات النفطية عبر السوق السوداء.
مصدر في شركة النفط بصنعاء أبلغ "المشهد العربي"، أنَّ مافيا تجارة المشتقات النفطية التابعة لمليشيا الحوثي، تحصل يوميًّا على 1,5 مليار ريال كأرباح يومية من المشتقات النفطية في الأيام العادية، مشيرًا إلى تضاعف هذا المبلغ خلال فترات أزمة اختفاء المشتقات النفطية التي تفتعلها بين حين وآخر.
وأضاف أنَّ شركة النفط تزود بعض المحطات بقاطرة بنزين كل يومين لبيعها على السيارات التي تقف في طوابير طويلة، مقابل تصريف قاطرتين أخريين في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، في حين تحرم بقية المحطات من تزويدها بأي كمية، وتظل تنتظر دورها في التموين لأكثر من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
ومنذ بداية الحرب التي أشعلتها المليشيات في صيف 2014، كان الوقود والغاز المنزلي التجارة المربحة لقيادات الحوثي، من خلال أسواق سوداء تبيع بمبالغ مضاعفة عن تلك المقررة في المناطق المحررة، وتفاقمت معاناة سكان هم في الأصل محرومون من مرتباتهم منذ سنوات.
وتسبّب إقدام المليشيات على إنقاص كميات الوقود من الأسواق في شللٍ حاد يُصيب مناطق سيطرة الحوثي، فيما سجَّلت أسعار السلع الأساسية ارتفاعًا كبيرًا جرَّاء ارتفاع أجور النقل بين المحافظات.