إخوان الشرعية يزرعون الشوك في طريق اتفاق جدة
لم تكن مشاركة حكومة الشرعية في المحادثات الجارية بمدينة جدة مع المجلس الانتقالي الجنوبي برعاية سعودية، تنم عن رغبة في التوصُّل لحل سياسي، بقدر ما كانت مشاركة صورية جاءت لتفادي الوقوع في حرج أمام المملكة، مع العمل على إفشال هذا الحراك بأي ثمن.
حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي الذي يُسيطر على حكومة الشرعية، عمل في الأيام الماضية، وبشكل مكثف على تقويض الجهود الحثيثة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية لإنجاح حوار جدة، مستخدمًا في ذلك مليشياته الإرهابية والتنظيمات المتطرفة التي يتعاون معها، وفي مقدمتها داعش والقاعدة.
التحركات الإخوانية المريبة ظهرت مؤخرًا، في أعمال إرهابية واعتداءات بمحافظات شبوة وأبين بالإضافة إلى العاصمة عدن؛ في محاولة منه لتفجير الوضع عسكرياً، وإفشال عملية توقيع اتفاق جدة، الذي تشير التوقعات بأنّه سيتم التوقيع عليه خلال أيام قليلة.
وكان من المقرر أن يتم توقيع الاتفاق يوم الخميس الماضي، وقد انتقل بالفعل وفد المجلس الانتقالي الجنوبي إلى العاصمة السعودية الرياض لإتمام هذه الخطوة، إلا أنّ عراقيل وضعها حزب الإصلاح، مستغلًا نفوذه في حكومة الشرعية، قد أدّت إلى عدم التوصّل لاتفاق وتأجيل التوقيع عليه.
عسكريًّا، دفع المليشيات الإخوانية التابعة لحكومة الشرعية بمسلحين من مأرب صوب محافظة أبين ضمن الخروق المتكررة لدعوة التهدئة وإنهاء التصعيد الذي أعلنت عنه دول التحالف، في محاولة مستميتة لإفشال الحوار؛ تخوفًا من حزب الإصلاح من القضاء على مستقبله السياسي ونفوذه المسيطر على حكومة الشرعية.
عمل "الإصلاح" على إفشال الاتفاق جاء إدراكًا من هذا الفصيل بأنّ مستقبله السياسي أصبح على المحك، بعدما افتضح أمر إرهابه على الملأ، وأصبح وجوده غير مقبول باعتباره هيكلًا إرهابيًّا ارتمى في أحضان المليشيات الحوثية وهو يتستر بعباءة الشرعية.
قادة الإخوان في حكومة الشرعية، يعملون - بإيعاز مباشر من دولتي قطر وتركيا - على إفشال الاتفاق بأي ثمن، تخوُّفًا من أنّ إتمام هذه الخطوة سيكون فاضحًا للإرهاب الذي غرق فيه حزب الإصلاح، بالإضافة إلى أنّ الثروات المالية الضخمة التي حقّقوها من وراء حالة العبث الراهنة، والمستمرة منذ صيف 2014.
إدراكًا لذلك، لجأ "إخوان الشرعية" إلى التسويف والمماطلة في توقيع اتفاق جدة، في محاولة لإفشاله، لكنّها سياسة لا يمكن أن تنطلي على المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أبدى حسن النوايا منذ اللحظة الأولى في محاولة للتوصّل إلى حل للأزمة، مقابل إرهاب متصاعد وتحشيد مستمر من قِبل المليشيات الإخوانية التابعة لحكومة الشرعية.
الدور القطري - التركي في هذا الإطار، يتمثّل في محاولة إنقاذ مستقبل حزب الإصلاح وذلك لضمان إبعاد مسار الحرب على المليشيات الحوثية عن طريقها الصحيح لدعم هذا الفصيل الإرهابي.
ولا يمكن فصل صفقة تبادل المعتقلين التي تمّت بين المليشيات الإخوانية ونظيرتها الحوثية في الأيام الماضية عن هذه التطورات، لا سيّما أن من بين المعتقلين المُطلق سراحهم خمسة كانوا معتقلين منذ نحو ثماني سنوات على خلفية محاولة اغتيال الرئيس السابق علي عبدالله صالح في تفجير جامع النهدين عام 2011.
هذه الصفقة التي مثّلت تطورًا نوعيًّا في التقارب بين الحوثيين والإصلاح وجاءت بإيعاز من قطر، جاءت من أجل توطيد هذه العلاقات في وقتٍ يسعى فيه التحالف العربي لضبط بوصلة الحرب على الحوثيين، وذلك من خلال استئصال الجهات التي تعرقل حسم الحرب، وهي المليشيات الإخوانية التابعة لحكومة الشرعية.