جريمة ما بعد الموت.. ألغام الحوثي في الحديدة التي لن تُنتزع
استكمالًا للجرائم التي تخطّت كل الخطوط الحمر، أبلغت المليشيات الحوثية، الأمم المتحدة بأنّها لن تتمكّن من إزالة الألغام التي زرعتها في محافظة الحديدة، بداعي مقتل عناصرها الذين زرعوها.
تفاصيل الواقعة تعود إلى أنّ المليشيات الحوثية أبلغت رئيس فريق المراقبين الجنرال الهندي أبهيجيت جوها بأنّ حقول الألغام التي زرعتها تتجاوز 2500 حقل في منطقة المنظر والمنصة جنوب غرب الحديدة، وأن العناصر التي زرعتها قتلت ولا يستطيعون انتزاعها.
وكان 18 حوثيًّا قد قتلوا وأصيب أكثر من 20 آخرين، جرّاء انفجارات في عمارة سكنية بمحافظة الحديدة، كانت تعمل المليشيات على تفخيخها لاستهداف المدنيين.
العمارة السكنية مكونةٌ من أربعة طوابق، وتقع في شارع الخمسين بمنطقة 7 يوليو، وقد أدّى الانفجار الحوثي إلى انهيار المبنى بشكل كامل، ومقتل جميع العناصر الحوثية الذين قُطِّعوا إلى أشلاء بحسب الناطق الرسمي باسم القوات المشتركة في الساحل الغربي وضاح الدبيش الذي أعلن انتشال 13 جثة، بينها ست جثث لم يتم التعرف على أصحابها.
السبب في انهيار المبنى، بحسب الدبيش، يعود إلى وجود خلل هندسي وفني أثناء قيام فريق خبراء المتفجرات والتفخيخ التابع للحوثيين بعزل خطوط الأسلاك الكهربائية الجاهزة أساسًا لتفجير المبنى، والذي تم تفخيخه في وقت سابق، لقربه من مقر انعقاد الاجتماع الثلاثي لـ"لجنة إعادة الانتشار" الذي اتفق على عقده في فندق يقع بالقرب من المبنى الذي أدى الانفجار إلى انهياره.
وعلى الرغم من مقتل العناصر الحوثية أثناء تفخيخهم العمارة السكنية، إلا أنّ موتًا آخر ينتظر الكثيرين في الحديدة بعدما أعلنت المليشيات أنّها لن تكون قادرة على انتزاع الألغام التي زرعها عناصرها الصرعى.
وتواصل مليشيا الحوثي زراعة الألغام في الأماكن العامة والأحياء السكنية والطرقات، من دون مراعاة وتفريق بين المدنيين والعسكريين.
وخلال خمس سنوات من انتهاكات الحوثيين لحقوق الإنسان، وثَّقت المنظمات الدولية والإنسانية سقوط آلاف الضحايا من المدنيين من جراء ألغام المليشيات، إضافةً إلى القنص وإطلاق القذائف.
وسبق أن كشفت تقارير رسمية أنّ عدد ضحايا الألغام الأرضية المزروعة من المليشيات الحوثية يتجاوز 3400 شخص، بينهم أكثر من 2700 قتيل، من بينهم 148 امرأةً و279 طفلًا، فيما أصيب أكثر من 700 شخص، أغلبهم من الأطفال.
وتشير أحدث التقارير إلى أنّ استخدام الحوثيين غير المبرر للألغام الأرضية أدى إلى مقتل وجرح مدنيين، فقد الكثيرون أطرافهم بسبب مناجم الحوثيين.
وتتنوّع الألغام المزروعة ما بين مضادة للدروع والأفراد، والعبوات الناسفة، والتي تعد ألغاماً فردية، محرم زرعها أو نقلها أو تصنيعها وفق اتفاقية أوتاوا، والتي تتنوع ما بين عبوات ناسفة بدوائر كهربائية وبأشعة تحت الحمراء "كاميرات"، وأخرى تعمل تحت الضغط، وقذائف مدفعية، ورشاشات، وقنابل طيران.
وتشير مصادر حقوقية إلى أنّ المليشيات الموالية لإيران زرعت أكثر من مليون لغم وعبوة ناسفة وقامت بتمويهها وإخفائها وذلك بغية إسقاط أكبر عدد ممكن من الضحايا بين المدنيين.
الخطر الذي تحمله الألغام الحوثية تُشكِّل خطراً كبيراً على المستقبل، وتهدّد بإخلاء قرى ومدن من سكانها، ما يُهدِّد بتوسيع نفوذ المليشيات الانقلابية بشكل كبير على الأرض.
والمتضرر الأول من الألغام هم المدنيون، حيث تعمّد الحوثيون زراعة الألغام في الطرق والمزارع والمناطق السكنية وكل ما هو مرتبط بحياة المدنيين في مسكنهم ومعيشتهم، وبات من الصعب إيجاد استقرار أو تنمية بسبب الألغام المنتشرة بكثافة في البر والبحر.
وينظر إلى الألغام التي صنعها الحوثيون محلياً عبر خبراء إيرانيين ولبنانيين من حزب الله، بأنّها أكثر خطورة من غيرها من الألغام، لأنّها تنفجر من خلال الحرارة أو من خلال اقتراب أي جسم منها.
وزرع الحوثيون هذه الألغام بكثافة في مديريات الساحل الغربي ومحافظة الجوف والبيضاء وكذلك مديرية البقع بمحافظة صعدة، وسط تهديد كبير للألغام للملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وعلى مدار السنوات الماضية، سقط المئات من المدنيين الأبرياء بينهم عشرات الأطفال والنساء والمسنين، نتيجة انفجار الألغام والعبوات التي زرعتها المليشيات الحوثية في الطرق والوديان، فضلا عن مئات الضحايا جراء القصف الهمجي للانقلابيين على المناطق والقرى الآهلة بالسكان.