لهذه الأسباب.. الإصلاح لن يتخلى عن الشرعية بسهولة
رأي المشهد العربي
بالرغم من أن المجلس الانتقالي الجنوبي أعلن التوقيع على الوثيقة المبدئية لاتفاق الرياض يوم الخميس الماضي، غير أن الاتفاق بصيغته النهائية لم يرى النور حتى الآن، وسط تكهنات بإمكانية التوقيع عليه بشكل رسمي، غداً الأربعاء أو بعد غدٍ الخميس على أقصى تقدير، في وقت أشار فيه البعض إلى أن المبعوث الأممي غادر إلى الرياض ليشهد مراحل التوقيع.
بغض النظر عن توقيت التوقيع النهائي فإن الأيام الماضية كانت كاشفة عن جملة من التصرفات الصبيانية لعناصر الإصلاح في محاولة لإجهاض الاتفاق، بدءها المدعو الميسري ورفيقه الجبواني في زيارة تآمرية إلى شبوة، ولحق بهم علي محسن الأحمر بتصريح "التمرد في الجنوب"، وانتهى الأمر بخطبة سياسية لوزير الأوقاف الإصلاحي أحمد عطية أمام عناصر المنطقة العسكرية الأولى يدفعهم للتمسك بالشرعية كما يرونها، أي تواجد الإصلاح الإرهابي في الحكومة.
ما أقدم عليه الإصلاح كان متوقعاً للعديد من الدوائر الجنوبية التي خاضت غمار التفاوض وحبست أنفاساً طويلة للوصول إلى صيغة الاتفاق النهائي وعدم السماح للإصلاح بالهرب مجدداً، لكن ذلك يرجع إلى أسباب عدة على رأسها، أن المستقبل السياسي للحزب الذي يمثل ذراع الإخوان في اليمن أضحى على المحك، بل أن قادته سيكون مصيرها أمام المحاكم وليس على كراسي الحكم.
في جميع البلدان التي شهدت ثورات سابقة كان خلع الإخوان من السلطة أمر صعب للغاية وحدث ذلك في مصر بصعوبة في العام 2013، فيما دخلت ليبيا معارك عديدة لاستئصال هذا الورم من دون أن يترك التنظيم مكانه الذي أدى لوجود حكومتين وبرلمانيين وجيش نظامي ومليشيات مسلحة، وبالتالي فإن الوضع في اليمن يأخذ الصعوبة ذاتها لكن الاختلاف يكمن في رعاية التحالف العربي لهذا التغيير والذي يقوم بأدوار سياسية وأخرى عسكرية تضمن خلع الإصلاح من دون خسائر متفاقمة.
دائما ما ترتبط الأحزاب التابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي بأطراف إقليمية تصًعب من مسألة إخراجها بسهولة من السلطة، وفي الحالة اليمنية فإن الدعم التركي والقطري غير محدود وهو دعم مقترن بأخر إيراني يستهدف قوة المليشيات الحوثية، ومن ثم فإن التحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي لا يواجهون فقط عناصر الإصلاح، لكن هي مواجهة مع أقطاب إقليمية تتشبث باستمرار الأوضاع على ما هي عليه الآن.
إضعاف الإصلاح في اليمن سيقوض آمال التنظيم الدولي للإخوان بالتواجد في تلك المنطقة الحساسة والمطلة على البحر الأحمر، فهو من ناحية يقوي علاقة التنظيم بإيران التي أخذت في التنامي خلال الأعوام الماضية في فترة ما بعد العام 2017 وخروج قطر من التحالف العربي بشكل رسمي، ومن ناحية أخرى فإن ذلك سيقلل من فرص إمكانية إفشال جهود المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية باعتبار أن ذلك هدفاً سياسياً أساسياً بالنسبة للتنظيم الإرهابي.