المرونة الكاذبة في اللقاءات المغلقة.. هل يتلاعب الحوثي بالمبعوث؟
في الوقت الذي تبدي فيه المليشيات الحوثية استعدادًا للانخراط في طريق السلام، فإنّها تواصل التصعيد الميداني على الأرض ضاربةً بكل تعهداتها عرض الحائط، لتواصل إطالة أمد الأزمة التي أشعلتها في صيف 2014.
أحدث التعهدات الحوثية الكاذبة، صدرت على لسان زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي، خلال لقائه مع المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث، في صنعاء أمس الاثنين.
مصادر "المشهد العربي" كشفت تفاصيل اللقاء، قائلةً إنّ جريفيث حمل العديد من الأفكار والمقترحات بشأن هدنة شاملة لوقف إطلاق النار، وقد أبدت المليشيات مرونة في التعاطي مع تلك المقترحات، غير أنها وضعت عددًا من الشروط إزاء ذلك.
وأضافت المصادر أنّ الحوثيين أبدوا استعدادهم لإطلاق سراح عدد من الأسرى والمعتقلين لديها في إطار خطوات بناء الثقة، لكنهم في المقابل طالبوا بتخفيف الإجراءات المشددة على واردات النفط، والعودة إلى الآلية السابقة لاستيراد المشتقات النفطية .
وأشارت المصادر إلى أن الحوثيين لم يعارضوا الدخول في مشاورات جديدة مباشرة لكنهم اشترطوا أن تكون في البداية غير معلنة، بالتزامن مع تحقيق مطالبهم بالعودة إلى الآلية السابقة لاستيراد المشتقات النفطية.
وأفادت المصادر بأنَّ جريفيث أكّد للحوثيين أنَّ الأمم المتحدة ستكون جزءٌ من بناء الثقة للتشجيع على الانتقال إلى مفاوضات واسعة، تشارك فيها الأطراف الجديدة وفق متغيرات اتفاق جدة.
وأشارت إلى أنَّ الحوثيين رفضوا اتفاق الرياض، واعتبروه خوضًا في تفاصيل دقيقة بالأزمة ويفتح أبواب جديدة للتعقيد، كما يتخوفون من الحرب ضدهم بعد الاتفاق.
حديث الحوثيين عن الانخراط في طريق السلام لا يمكن الثقة به، فالمليشيات تواصل يومًا بعد يوم التصعيد العسكري والميداني على النحو الذي يقضي على أي فرص لتحقيق السلام.
تواصل ميلشيا الحوثي المتمردة المدعومة من إيران، خروقاتها الخطيرة، بتصعيدها القتالي ضد العمل الأممي لتحقيق السلام في محافظة الحديدة غرب البلاد.
مصادر ميدانية كشفت أنَّ المليشيات استهدفت في الساعات الماضية، نقاط المراقبة الأممية لوقف إطلاق النار في كلية الهندسة ومجمع إخوان ثابت في الحديد، في هجوم حوثي وُصف بـ"الأخطر" لينضم إلى سلسلة طويلة من محاولات المليشيات لإفشال الاتفاق وعمل الفريق الأممي لوقف إطلاق النار وآلية التهدئة والمراقبة.
الهجوم الحوثي تزامن مع لقاء عقده جريفيث أمس الاثنين، مع زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي، لبحث الجهود المبذولة لإحلال السلام، وعلى الرغم من إعلان المليشيات أنّ الاجتماع تناول سبل تحقيق السلام، إلا أنَّ الحوثيين واصلوا شن الهجمات التصعيدية التي تُجهض أي فرصة لتحقيق السلام.
وكانت المليشيات الحوثية قد استهدفت مطلع الأسبوع الجاري، نقاط الارتباط للفريق المشترك التي تمّ تثبيتها بأطراف مدينة الحديدة وتشرف على نشرها الأمم المتحدة برئيس بعثتها الجنرال الهندي أبهيجيت جوها.
مصدر عسكري قال إنّ عناصر المليشيات المتمركزة في المدينة استهدفت نقاط الارتباط للفريق المشترك، حيث استهدفت النقطة الأولى والنقطة الخامسة المتواجدة في الخامري وسيتي ماكس.
ويمثل هذا الهجوم تصعيدًا جديدًا للحوثيين على اتفاق وقف إطلاق النار بمحافظة الحديدة، في وقتٍ استهدفت فيه المليشيات مواقع الفريق المشترك المتواجد في نقاط الارتباط المشتركة بالأسلحة المتوسطة والرشاشة.
كما استمرّت المليشيات الحوثية في شن خروقاتها وانتهاكات اليومية للهدنة الأممية في محاولة منها للقضاء على كل الاتفاقات والمعاهدات السلام التي توقع عليها والتي ترعاه الأمم المتحدة.
كل هذا التصعيد الذي يتزامن مع رسائل حوثية قديمة متجددة حول استعدادها للانخراط في طريق السلام، هي أمورٌ لا يمكن الثقة بها لا سيّما أنّ المليشيات دأبت منذ أن أشعلت الأزمة على توجيه مثل هذه الرسائل مقابل عمل ميداني متواصل على تعقيد الأزمة.