المليشيات تنتهك التعليم.. مناهج دراسية لم تسلم من الجرائم الحوثية
لم يسلم قطاع التعليم من الإرهاب الذي تمارسه مليشيا الحوثي في سرقة المساعدات المقدمة من المنظمات الدولية التي تستهدف إنقاذ الحالة المتردية الناجمة عن الحرب العبثية التي أشعلها الانقلابيون في صيف 2014.
ففي جريمة حوثية جديدة، أقدمت المليشيات على مصادرو مبلغ خمسة ملايين دولار تسلمتها من منظمة اليونسيف لدعم طباعة الكتاب المدرسي.
واشترطت مليشيا الحوثي، ممثلةً في وزارة التربية والتعليم بحكومتها غير المعترف بها، في وقت سابق على مدراء المدارس الأهلية توريد مبالغ مالية كرسوم الحصول على المناهج الدراسية وأجبرتهم على دفع الأموال دون توفيرها لهم، فيما تم توفير البعض منها لمدارس محدودة بانتقائية خاصة.
وتقول مصادر مطلعة إنّ المليشيات رفضت توفير المناهج الدراسية لكافة المدارس الحكومية وأن الطلاب وأولياء الأمور الميسورين منهم لجأوا إلى شرائها من السوق السوداء الذي أنشأه الحوثيون مؤخرًا، حيث تتفاوت أسعار المنهج الدراسي في السوق السوداء لمختلف المراحل الدراسية ما بين 8 الآف إلى 15 ألف ريال.
ومنذ أن أشعلت المليشيات حربها العبثية في صيف 2014، لم يتوقف الحوثيون عن الممارسات التي تستهدف القطاع التعليمي، وتسعى من خلالها المليشيات السيطرة على المدارس وغرس سمومها الطائفية في عقول الأطفال عبر مناهجها وفعالياتها وأنشطتها المختلفة.
وفي الفترة الأخيرة، قررت المليشيات الحوثية تدريس مادة التربية الإسلامية من الصف الأول ابتدائي حتى الصف السابع إعدادي في جميع المدارس الحكومية والخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وبينما ادعت المليشيات أنّ هذه الخطوة جاءت بحجة عدم توفُّر المعلمين والكتب المدرسية، إلا أنّ القرار الذي أصدره يحيى بدر الدين الحوثي وزير التربية والتعليم في حكومة المليشيات "غير المعترف بها"، يهدف إلى وقف تدريس المادة حتى يستكمل الانقلابيون تغيير مضمونها وذلك من خلال حشوها بصبغة طائفية بشعة، تُعبّر عن التفسيرات الإيرانية، فيما يتعلق تحديدًا بالفقه والعقيدة.
في الوقت نفسه، فإنّ القرار الحوثي تضمّن كذلك الاكتفاء بتدريس مادة القرآن الكريم، وذلك من خلال تفسير حوثي خالص، تمّ اقتباسه من ملازم حسين بدر الدين الحوثي الذي عمل على تحريف وتغيير تفسير القرآن الكريم بناءً على مصالحه السلالية.
وإلى جانب الممارسات الطائفية بالمدارس من قِبل المليشيات الحوثية منذ أن أشعلت حربها العبثية في صيف 2014، فإنّ قطاع التعليم بشكل عام قد تضرّر بشكل حاد جرّاء الانتهاكات الحوثية التي تخطّت كل الخطوط الحمر.
وبحسب إحصاءات نقابية، فإنّ الانتهاكات التي أقدمت مليشيا الحوثي على ارتكابها، أسفرت عن مقتل أكثر من 1500 معلم ومعلمة، وتعرُّض 2400 من العاملين في القطاع التعليمي لإصابات نارية مختلفة، نتج عن بعضها إعاقات مستديمة.
وهناك أيضًا أكثر من 32 حالة اختفاء قسري لمعلمين اختطفتهم مليشيا الحوثي من منازلهم ومدارسهم ولا يزالون مخفيين منذ سنوات، وكذلك قيام المليشيات الحوثية بهدم 44 منزلًا من منازل المعلمين في عدة محافظات.
ولم يسلم المعلمون في مناطق سيطرة الحوثي من التهجير أيضًا، حيث فرّ الآلاف من بطش واضطهاد المليشيات، وأصبحوا بلا مأوى أو عمل، الأمر الذي شكل معاناة أخرى لقطاع واسع من التربويين.
وهناك أكثر من تسعة آلاف تربوي من المعلمين النازحين لا يتقاضون مرتباتهم شهريًّا، ما جعلهم عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الأساسية في المعيشة والحياة، والمعلمون الذين نهبت المليشيات الحوثية رواتبهم، أصبحوا عاجزين عن المطالبة بحقوقهم خوفًا من أساليب القمع والبطش واعتبار من يطالب بحقوقه "خائن" و"طابور خامس".
وترتكب مليشيا الحوثي ممارسات طائفية حادة في قطاع التعليم، الذي يعتبر من أكثر القطاعات المتضررة من الحرب العبثية التي أشعلها الانقلابيون في صيف 2014، وقد كشفت بعثة الاتحاد الأوروبي باليمن أنّ نحو مليوني طفل لا يتلقون التعليم، وأنّ أكثر من ألفي مدرسة مدمرة بشكل كلي وجزئي جرّاء الحرب الدائرة.
البعثة الأوروبية شدّدت كذلك على ضرورة توفير الأسباب التي تدفع الأطفال للدراسة، وذلك للحد من مخاطر التجنيد والعمالة وكذلك الحد من تزويجهم في سن مبكرة، وأضافت أنّ الهجمات والغارات الجوية على المدارس والمرافق التعليمية تسبَّبت في تضرُّر نحو ألفي مدرسة استخدمت كمراكز لإيواء النازحين، ونحو عشرة آلاف مدرسة في جميع أنحاء اليمن تأثرت بشكل حاد؛ بسبب الدمار وانقطاع رواتب المعلمين.
كما أنّ نحو 51% من المعلمين توقفت رواتبهم منذ أكتوبر 2016، بالإضافة إلى تهجير العديد من المعلمين الذين اضطروا للبحث عن فرص أخرى لتغطية نفقاتهم واحتياجاتهم الأساسية، وفق البعثة الأوروبية.
شهادة بعثة الاتحاد الأوروبي تنضم إلى عديد التقارير الدولية والإقليمية والمحلية أيضًا التي كشفت عن هول المأساة في قطاع التعليم باليمن جرَّاء استهدافه من قِبل المليشيات الحوثية.
وفي حقبة المليشيات الحوثية، تحوَّلت المدارس إلى ثكنات لتخزين الأسلحة أو مواقع لتجنيد صغار السن أو سجون سرية للناشطين والمعارضين، كما أضحت فرق الإسعاف والمنشآت الطبية هدفاً للأعمال القمعية التي ينفذها الجهاز الأمني الداخلي المعروف باسم الأمن الوقائي.
وتضرر القطاع التعليمي بشكل كبير، إذ تم اسـتهداف القطـاع بضربات دمرت الكثير من المدارس، كما تم تحويل الكثير منها إلى ثكنات أو مخازن للأسـلحة، وسـجون للاعتقالات الواسعة التي تشـنها المليشيات، قبل أن تفـرض أخيراً إتاوات ومبالغ مالية كبيرة على الطلاب، ما تسبّب في إغـلاق الكثير منهـا لعدم مقدرتهم على الدفع.
ومع تحويل المدارس الكبيرة معسكرات لتجنيد الصغار وغسل أدمغتهم بأفكار ومعتقدات طائفية لتعويض النقص الكبير في المقاتلين بعد عزوف الكثير من القبائل عن إرسال أبنائها إلى الجبهات، إذ أدى حرمان الأطفـال مــن التعليــم في المناطــق غير المحــررة إلى الدفع بهم في الصراع بدلاً مـن التعليـم، وذهب البعض للبحث عن عمل لإعالة أسرهم بسبب وقف الرواتب وانتشار الفقر كنتيجة للحرب التي سببتها المليشيات.
ومؤخرًا، كشف تقريرٌ للمجلس النرويجي للاجئين أنَّ عددًا كبيرًا من الأطفال لم يتمكنوا من العودة إلى المدارس، في ظل الحصار والقصف الجوي، فيما لا يزال قرابة مليونَيْ طفل خارج المدارس وما يقارب 3,7 مليون طفل بحاجة ماسة للمساعدة ليتمكنوا من العودة لمدارسهم بسلام.