جنوب ما بعد الاتفاق
رأي المشهد العربي
حملت الفترة الأخيرة الكثير من التطورات، ربما تُصنَّف بأنها من أهم المراحل التاريخية في التاريخ الجنوبي، فيما يتعلق بكثرة التحديات التي رافقت القضية، على طريق تحقيق الحلم الأعظم، وهو استعادة الدولة وفك الارتباط.
إحدى أكثر النقاط المضيئة والتي ستُسطر بأحرف من نور في التاريخ، هي التلاحم غير المسبوق بين أضلاع المثلث الجنوبي، وهي الشعب الواعي بقضيته والقيادة المحنكة سياسيًّا والقوات المسلحة الجنوبية التي تُرسم أعظم اللوحات العسكرية في ميادين الدفاع عن الوطن، وهو تلاحم لا شك أنّه سيتم البناء عليه في مرحلة ما بعد اتفاق الرياض.
ويمكن القول إنّ اتفاق الرياض قد حمل الكثير من الفوائد للقضية الجنوبية، تتمثل في أنّه برهن على أنّ المجلس الانتقالي الجنوبي هو الممثل الوحيد والشرعي للقضية الجنوبية، وأنّه يعتبر قوة سياسية فاعلة على الصعيدين الإقليمي والدولي، كما مكَّن الجنوب من أن يضع قضيته على طاولة الحل المستقبلية للحل السياسي الشامل في اليمن، كما مثّل نجاحًا في خطة المجلس المرحلية التي هدفت إلى توحيد الجهود للقضاء على المشروع الإيراني.
المرحلة الأهم للجنوب ربما لا تتمثّل في الاتفاق في حد ذاته، بقدر ما سيكون لزامًا العمل بقوة وحسم ووعي من أجل التصدي للمؤمرات الإخوانية ضد الجنوب التي يتوقع ألا تتوقف، بل ربما تزداد وتيرتها، وهو ما تجلّى في التحريض المتواصل من قادة إخوان الشرعية ضد الجنوب فور الإعلان عن التوصل للاتفاق أي حتى قبل التوقيع.
المرحلة المقبلة على أهميتها وربما خطورتها تتطلب مزيدًا من التكاتف بين أضلاع المثلث الجنوبي، فالقوات المسلحة الجنوبية تكون جاهزةً لصد أي اعتداءات سواء من المليشيات الإخوانية أو "شقيقتها" الحوثية، والقيادة السياسية التي تسير وفق رؤية استراتيجية ثاقبة وصولًا إلى الحلم الأكبر، والطرف الأهم هو التفاف شعب الجنوب حول قاداته من أجل ردع كل هذه المؤامرات.