الجنوب ونصر المرحلة.. قضية عادلة على طاولة العالم
أثمرت تضحيات الشعب الجنوبي وقيادته السياسية المتمثلة في المجلس الانتقالي، في إدراج قضية التحرُّر والاستقلال على قائمة أهم القضايا في المنطقة والعالم.
أجمعت كافة التحليلات بأنّ المجلس الانتقالي استطاع بقيادته الحكيمة للقضية الجنوبية، أن ينقل صوت شعبه وعدالة قضيته إلى العالم كله، حتى سُمع هذا الصوت الحر المنادي باسترداد دولته بعدما عانت ويلات الظلم والقهر تحت حكم الشمال، وهو نصرٌ مرحلي مهم حقّقته القيادة السياسية الجنوبية في المرحلة الراهنة، على طريق الحلم الأكبر وهو استعادة الدولة وفك الارتباط.
يتفق مع ذلك الأكاديمي الجنوبي حسين لقور بن عيدان الذي يؤكّد أنّ قضية الجنوب وشعبه لم تحظَ باهتمام إقليمي و دولي كما هي عليه اليوم، ويقول في تغريدة عبر حسابه على "تويتر": هذا الأمر لم يأتِ من السمسرة في غرف المؤتمرات مدفوعة الثمن لكن جاء ثمرة نضال خاضها شعبنا في وجه الاحتلال اليمني وفي أقسى الظروف".
ويحمل اتفاق الرياض، الكثير من الدلالات، من بينها أنّه برهن على أنّ المجلس الانتقالي هو الممثل الوحيد والشرعي للقضية الجنوبية، وأنّه يعتبر قوة سياسية فاعلة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهو الأمر الذي حاولت حكومة الشرعية، المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني، تشويهه ليل نهار.
في الوقت نفسه، فإنّ الاتفاق مكَّن الجنوب أيضًا من أن يضع قضيته على طاولة الحل المستقبلية للحل السياسي الشامل في اليمن، وهو أيضًا وضعٌ حاولت حكومة الشرعية، العمل على إفشاله كذلك، من خلال تهميش مطالب الجنوبيين والتستُّر وراء الحرب على المليشيات الحوثية، وهي حربٌ شهدت على تكاتف من قبل القوات الجنوبية مع التحالف العربي في خندق واحد، بينما ارتمى حزب الإصلاح المخترق للحكومة في أحضان الحوثيين.
المجلس الانتقالي، من خلال هذا الاتفاق، نجح في خطته المرحلية التي هدفت كما أعلن نائب رئيس المجلس هاني بن بريك في أكثر من مناسبة، أنّ استراتيجية المجلس في المرحلة الراهنة تتمثل في توحيد الجهود للقضاء على المشروع الإيراني.
هذه الفوائد السياسية، وهي عالية القيمة عظيمة الشأن، ليست إلا خطوة إلا، وبات على المجلس الانتقالي أن يبدأ استراتيجيته التالية من هذه الخطوة، وأن يبني عليها كل خطواته التالية على طريق استعادة الدولة، بعدما قدّم الشعب الجنوبي الكثير من التضحيات وذاق الكثير من المعاناة بفعل ما تُسمى الوحدة.
ولسنوات طوال، عمل النظام الحاكم في الشمال على استهداف الجنوب بشتى السبل سواء عبر افتعال الأزمات أو ترويع السكان عبر تعاونٍ مع تنظيمات إرهابية أو تحطيم البنية التحتية للدولة، وهي صورٌ من معاناة ذاقها الجنوبيون لثلاثة عقود، وقد بات الآن من الضروري العمل على استئصال هذا الوضع المروّع.
ونجح المجلس الانتقالي في استراتيجية المرحلة الراهنة من خلال إيصال صوت القضية الجنوبية، وهو صوتٌ أصبح يصول ويجول شرق العالم وأدناه، وهو ما عبَّرت عنه صحيفة "جارديان" البريطانية التي قالت إنّ اتفاق الرياض يُعزِّز موقع المجلس في المعادلة اليمنية، بعد أن استبعد من مفاوضات السلام في أوقات سابقة.
كما قال معهد الشرق الأوسط في واشنطن: "اتفاق الرياض يعترف بأنَّ المجلس الانتقالي هو كيان سياسي جنوبي وهو تغيير مرحب به بالنسبة له حيث سعت الحكومة لمحاولة تشويهه، وإدراج المجلس الانتقالي الجنوبي هو خروج مهم عن الموقف السابق للحكومة، والذي رفضت فيه الاعتراف بالمجلس تمامًا.. ومع ذلك، سوف يتعين القيام بعمل كبير لتعزيز الثقة بين الطرفين، وهي القضية الرئيسية التي تهدد تنفيذ ومتانة اتفاق الرياض".
وأضاف أنّ الحكومة رفضت منذ فترة طويلة الاعتراف بالمجلس الانتقالي كسلطة سياسية وسعت إلى تشويه سمعته، وقامت بإنشاء مجموعات جنوبية منافسه انتهت بالفشل، إلا أنّ المجلس - وفق المعهد - سيكون له رأي مهم في الطريقة التي سيحكم بها الجنوب مما يعطيه دورًا نشطًا في الحكم المحلي والتنمية المحلية، ما سيؤدي إلى تحسين الخدمات العامة ونوعية الحياة، وإذا لم يتم ذلك فقد يؤدي إلى إحباط الجنوبيين وموجة جديدة من الاضطرابات.