البوصلة ليست إلى الجنوب.. مؤامرة الإصلاح التي يُجهضها اتفاق الرياض
يحمل اتفاق الرياض، الذي وُقِّع بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية، الكثير من الأهمية فيما يتعلق بضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية، بعدما شوّه حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي مسار هذه الحرب.
حزب الإصلاح، الذي اخترق حكومة الشرعية وسيطر على مفاصلها على مدار السنوات الماضية، نجح في مخططه الرامي إلى إطالة أمد الحرب عبر الارتماء في أحضان الحوثيين وإبعاد مسار الحرب عن المليشيات عبر تجميد العديد من الجبهات وتسليمها مواقع استراتيجية، إلا أنّ اتفاق الرياض جاء لضبط هذه البوصلة.
وفيما عمل "الإصلاح" على تجميد الحرب على الحوثيين، فقد استعر عدوانه ضد الجنوب، في مؤامرة فُضِح أمرها هَدفَ الحزب الإخواني من ورائها للسيطرة على الجنوب ومقدراته، وعمل على توجيه بوصلة الحرب نحو الجنوب.
يتفق مع ذلك الخبير العسكري العميد الركن ثابت حسين صالح الذي قال إنَّ اتفاق الرياض أرسل رسالةً صريحةً واضحة وأخيرة إلى حزب الإصلاح وكل قوى ونخب الشمال أنّ الحرب على الحوثيين وجهتها صنعاء وليس عدن أو شبوة أو سقطرى.
صالح قال عبر حسابه على "فيسبوك"، إنّ الجنوبيين قاتلوا قتال الأبطال رافعين راية الجنوب ورايات التحالف العربي وبخاصةً السعودية والإمارات وحقَّقوا نجاحًا مبهرًا لهم وللتحالف معًا.
في الوقت نفسه، كان حزب الإصلاح والقوى المتحالفة معه - يضيف صالح - يمارس سياسة منفصمة الأفعال عن الأقوال، ورفع شعار "قادمون يا صنعاء" بينما كانت هذه القوى تضمر فعلًا آخر على الأرض وهو التخاذل عن مواجهة الحوثيين مقابل حرب شرسة بكل الوسائل لسرقة وتمييع نصر الجنوب وإعادته إلى مربع ما قبل ٢٠١٥.
ومنذ اليوم الأول لبدء المحادثات بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية في المملكة العربية السعودية، كان الهدف الأول لهذا المسار هو ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية، بعدما شوّه حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي هذا المسار بشكل كامل.
ومع توقيع الاتفاق الأسبوع الماضي في العاصمة السعودية الرياض، فإنّ المليشيات الحوثية يمكن القول إنّها ستكون الخاسر الأكبر من هذا السياق، بعدما استفاد هذا الفصيل بشكل كبير للغاية من تشويه مسار الحرب من قِبل حزب الإصلاح الإخواني.
يتفق مع ذلك ماجد الشعيبي رئيس المركز الإعلامي لجبهة الضالع الذي قال إنّ الخاسر الوحيد من الاتفاق هم الحوثيين ويخشون أن تكون الخطوة القادمة هي توحيد الجهود لإنهاء الانقلاب، وهذا الاتفاق يحرمها من فرصة اللعب على المتناقضات مثلما حاولت العمل في "أغسطس" وما قبلها.
وأضاف الشعيبي: "من جهتنا نؤكد أن جبهات المواجهة ضد الانقلابين في الضالع وفي جميع المحافظات، سوف تزداد ضراوة بعد تحقيق المصالحة السياسية في عدن فور تطبيقها عمليًّا على أرض الواقع".
القيادة السياسية الجنوبية، متمثلة في المجلس الانتقالي، شاركت في هذا المسار منذ اليوم الأول بغية ضبط مسار الحرب على المليشيات الحوثية، وقد صرّح رئيس المجلس الرئيس عيدروس الزبيدي قبيل توقيع الاتفاق: "نثق بشكل مطلق في حكمة خادم الحرمين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ونائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، لذلك كنا حريصين على نجاح وساطة المملكة وجهودها من أجل السلام".
وأضاف: "نُوقّع على اتفاق عادل حافظنا فيه على ثوابتنا الوطنية.. من اليوم سيتم توجيه وتركيز الجهود العسكرية نحو صنعاء لمحاربة ميليشيات الحوثي، ولا شك أن تنفيذ اتفاق الرياض سيمكننا من تحقيق انتصارات جديدة ضد التمدد الإيراني".
الرئيس الزبيدي شدّد على أنّ اتفاق الرياض يؤسس لمرحلة جديدة من التعاون والشراكة مع التحالف العربي بقيادة المملكة، وأوضح أنّه يهدف لبناء المؤسسات وتثبيت الأمن والاستقرار ورفع المعاناة عن الشعب وكبح مليشيا الحوثي المدعومة من النظام الإيراني.
اتفاق الرياض الذي تأخّر توقيعه بفعل عراقيل إخوانية عديدة، يمكن القول إنّه يؤسّس لمرحلة جديدة في الحرب على المليشيات الحوثية، بعدما حرّف حزب الإصلاح الإخواني مسار هذه الحرب، وانخرط في تقارب مروّع مع الانقلابيين أطال أمد الحرب إلى الوقت الراهن.